كتب رمزي عوض
بيروت، صباح الإثنين، 8 تموز 2025
مُنعت مديرة شؤون الأونروا في لبنان، السيدة دورثي كلاوس، من دخول مخيم برج البراجنة جنوب بيروت، رغم أنها كانت برفقة منسقة الأمم المتحدة في لبنان التي سُمح لها بالدخول، حيث رفض كل الوفد الدخول تضامنا مع كلاوس، وقد شكّل هذا المنع رسالة احتجاج صريحة من أبناء المخيم، وسط تصاعد التوتر بين إدارة الأونروا وعدد من النشطاء الفلسطينيين في لبنان.
في هذا السياق، صرّح الناشط الفلسطيني إبراهيم الحاج، الذي كان من أبرز الداعين منذ يوم أمس إلى منع دخول كلاوس، قائلاً: "نعتبر دورثي كلاوس مسؤولة بشكل مباشر عن تطبيق مشروع إنهاء الأونروا من الداخل، عبر تقليص الخدمات ومحاصرة الانتماء الوطني للموظفين المحليين. نحن مع الحفاظ على الوكالة كعنوان لقضية اللاجئين، وندعم أي تحرّك جدي وغير مشبوه لتأمين تمويلها، لكن الثقة بإدارتها الحالية باتت مفقودة."
ويعكس هذا التصريح المزاج العام في عدد من المخيمات اللبنانية، حيث يرى كثير من الناشطين أن الإجراءات الإدارية التي تقودها كلاوس، لا سيما تلك التي تمس الموظفين بسبب انتماءاتهم الوطنية، والتي تُفهم على أنها محاولة لنزع الطابع الوطني عن الوكالة وتحويلها إلى مؤسسة خدماتية بحتة، تمهيدًا لتقليص دورها تدريجيًا، ومن ثم انهاءها.
ورغم أن الحادثة بدت في ظاهرها تعبيرًا شعبيًا غاضبًا، إلا أن تسريبات ومعلومات متقاطعة تشير إلى أن هيئة العمل الفلسطيني المشترك كانت قد طلبت الاجتماع مع إدارة الأونروا داخل المخيم، بالرغم من معرفتها المسبقة بوجود رفض شعبي واسع لدخول كلاوس من يوم أمس، مما وضع الهيئة أمام اتهامات من أوساط الأونروا، بمحاولة "خلط الأوراق" وإرباك المشهد أمام منسقة الأمم المتحدة، كما كانت هناك اتهامات شعبية للهيئة بجرّ القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس إلى مواجهة محرجة سياسيًا أمام الأمم المتحدة وادارة الأونروا، خاصة في ظل التغيرات الجذرية التي يقودها الرئيس الفلسطيني على القيادة الفلسطينية للسطلة الوطنية ومنظمة التحرير في لبنان؟ للظهور بمظهر أن القيادة الجديدة لايمكنها ضبط الشارع الفلسطيني في لبنان.
هذا ما دفع نشطاء ومراقبين لطرح تساؤلات مشروعة: لماذا أُصرّت الهيئة على عقد الاجتماع داخل مخيم برج البراجنة دون اختيار مقر محايد أو مكتب رسمي للوكالة؟ وهل كان المقصود من الموقع والتوقيت استفزاز المشهد الشعبي عمداً؟ وهل هناك محاولة فعلية للتأثير على صورة الرئيس عباس في هذا الملف؟ ومايتبعا من استحقاقات تطلبها الدولة اللبنانية من القيادة الفلسطينية؟
في المقابل، لم تصدر حتى الآن توضيحات رسمية من هيئة العمل الفلسطيني المشترك حول أسباب اختيار موقع الاجتماع أو الملابسات التي أدت إلى إلغائه، ما يزيد من الغموض ويُبقي الروايات المتضاربة بلا حسم.
ومع تزايد الأصوات المطالبة بالشفافية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل باتت الأونروا ساحة للصراع السياسي الداخلي بين الأطراف الفلسطينية؟ أم أن الانقسام في المواقف تجاه إدارتها يعكس أزمة أعمق في تمثيل المخيمات؟ أم مايحدث هو فقط فقدان ثقة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بمديرة الاونروا الحالية المتهمة بتنفيذ أجندة السياسة الألمانية تجاه القضية الفلسطينية؟ أم أن اللاجئين الفلسطينيين فقدوا فرصة هامة لتوضيح معاناتهم أمام المسؤولة الأممية، ننتظر التصريحات الرسمية من ادارة الاونروا، وكذلك من هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي تعقد اجتماعا الأن مع الناشطين الذين منعوا كلاوس من دخول المخيم.

