_watermark_Mon_05062023_190745.jpg)
12 مارس 2025
أبو شريف رباح
مع بزوغ فجر الحادي عشر من مارس 1978، خطّت الشهيدة دلال المغربي برصاصات رشاشها اسمها في سجل الخالدين، عندما قادت أحد عشر مقاتلًا من قوات العاصفة لتنفيذ عملية الشهيد كمال عدوان. ضربت هذه العملية العمق الإسرائيلي، وأعلنت لأول مرة في تاريخ النضال والكفاح المسلح الفلسطيني جمهوريتها الخاصة في قلب تل أبيب، في رسالة تحمل معاني التضحية والفداء للمرأة الفلسطينية.
قبل رحلتها الكفاحية من لبنان إلى فلسطين، وُلِدَت دلال المغربي عام 1958 في مخيم صبرا للاجئين في العاصمة اللبنانية بيروت. نشأت في ظل نكبة الشعب الفلسطيني، ما جعلها تحمل القضية الفلسطينية في قلبها منذ صغرها. انضمت إلى حركة فتح - قوات العاصفة، حيث خضعت لعدة دورات عسكرية مكثفة، وهيَّأت نفسها لليوم الذي ستجعل فيه جيش الاحتلال يدفع ثمن اغتصابه للأرض غاليًا.
في ذلك اليوم الفلسطيني الخاص الذي تلاطمت أمواج البحر بالقوارب المطاطية انطلقت دلال المغربي مع أحد عشر فدائيًا فتحاويًا من شاطئ منطقة الساحل جنوب لبنان، حيت نزلوا على شواطئ ساحل فلسطين المحتلة، وتمكنت المجموعة الفدائية من السيطرة على حافلة إسرائيلية كانت تقل ضباطًا وجنودًا من جيش الاحتلال الإسرائيلي، واتجهوا بها نحو تل أبيب وهناك اشتبكوا مع قوات النخبة الإسرائيلية بقيادة إيهود باراك، موقعين في صفوفها عشرات القتلى والجرحى.
لم تكن عملية دلال المغربي مجرد هجوم فدائي، بل كانت إعلانًا لجمهوريتها الفلسطينية، إذ جاءت العملية كالصاعقة في كيان الاحتلال، فأصاب الجنون قادته السياسية والعسكرية، فقرروا إيقاف دلال ورفاقها بأي ثمن، ومهما كلفهم من خسائر، وبعد معركة بطولية استمرت لساعات عدة، سقطت دلال المغربي ومعظم رفاقها شهداء فوق تراب فلسطين.
خلَّد الشعب الفلسطيني اسم دلال المغربي، وأصبحت العائلات الفلسطينية التي تُرزق بفتاة تطلق عليها اسم "دلال"، تقديرًا لتضحياتها، فلقد غدت رمزًا لنضال المرأة الفلسطينية في وجدان الأمة، وفي ذاكرة الأجيال الفلسطينية والعربية على مر الزمن، وأصبحت مثالًا للمقاوِمة الصامدة التي واجهت جيش الاحتلال برصاصاتها حتى الطلقة الأخيرة، وأيقونة الثورة الفلسطينية حتى يومنا هذا، لتؤكد للعالم أن القضية الفلسطينية حية، وأن النصر حليف الشعب الفلسطيني مهما طال الزمان.