من أين ابدأ أيها الرفيق والصديق والاخ الحبيب ،من ازقة المخيمات او من أحياء المخيم او من وجع اللجوء والتشرد والحرمان او من على جانب الطرقات كما كان يحلو لك ان تجالس الكبير والصغير والغني والفقير وتحدث ذلك وذاك والجميع يسمع لك لأنك واحد منهم ومن بينهم،لم تبحث يوما" عن الثراء،من غيرك أبا اسامة حرم نفسه من أبسط حقوقه ليكون كل ما تملك لعائلتك الصغيرة بحجمها والكبيرة بتاريخها وتضحياتها،لم أراك يوما" تبحث عن ما هو افضل لك بل كنت دائما صخرة ومظلة تحمي من حولك وتساند رفقائك في السلاح والمصير الطويل،من غيرك حتى الأن يقف الى جانب الطرقات ينتظر سيارة الأجرة لتقله الى المناسبات الوطنية والشخصية وانت عضو المكتب السياسي ويحق لك مثل ما يحق لغيرك ولكن نعلم انه لا يهمك سوى ان تكون بين الناس وكنت دائما في قمة التواضع، اخي عباس دبوق او عباس جمعة او ابا اسامة تعددت الاسماء والرجل واحد هو لبناني الهوية وفلسطيني الانتماء والهوى الذي لم يبحث يوما" ان يكون خارج المخيم بين من ولد بينهم بل كان خياره الاول وألاخير ان يقطن داخل مخيم الشهداء مخيم البرج الشمالي وهذا القرار الذي احترمه ابناءه وعاشوا مع والدهم هم اللجوء والتشرد والحرمان وألاكثر من ذلك لم يترك لهم خيار الانتماء سوى لجبهة التحرير الفلسطينية التي أمن بها منذ البداية وحتى تاريخ استشهاده ولم أرى في حياتي مناسبة لهذه الجبهة المناضلة إلا ويكون لعباس جمعة بصمة فيها،واتذكر كيف كنت توصل الليل بالنهار من أجل الحفاظ عليها عرفناك مخلصا" وفيا" لكل من عرفك وكل من عمل معك وجميعنا يعلم انك اكثر الاشخاص مدافعا" عن منظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات .
عندما نذكر عباس جمعة فورا" نتذكر الشهيد سمير القنطار الذي كان اسيرا" لدى العدو الاسرائيلي ،كنت المطالب الاول للافراج عنه متنقلا" هنا وهناك وملف القنطار في جعبتك،وغير ذلك ساهمت في تأسيس لجنة الدفاع والحرية عن الاسرى والمعتقلين وإحياء يوم خميس ألاسرى المتنقل في لبنان وعبر مئات المنابر مطالبا" المجتمع الدولي بالتحرك الدائم للافراج عن كل المعتقلين وألاسرى .
اخي ابا اسامه لا استطيع ان اكتب كل شيء عن حياتك التي سخرتها لفلسطين وقضيتها العادلة والشاملة،قدر الله ان ترحل عنا في مرحلة لم نتوقعها ولكن هذا قدر الله،نؤكد لروحك الطاهرة أنك رحلت جسدا" وبقيت معنا روحك الطاهرة التي نخجل منها اذا لم نكن يوما" على نهجك ومبادئك وحسن ظنك.
سيدي الشهيد كل فرد فينا سوف يشتاق لك ،ستفتقدك هذه الغرفة الصغيرة التي جمعت داخلها خيرة الناس واحتضنت الجميع من الكل الفلسطيني فكنت دائما" رجل الوحدة الوطنية رجل الاجماع داخل المخيمات ورجل كل المناسبات الاجتماعية وغيرها من الواجبات التي كنت لا تغيب عنها.
ابا اسامة ستبحث عنك ازقة المخيم وشوارعه واحيائه،سيفتقدك احبائك واصدقائك وعائلتك وجيرانك الذين يتألمون حتى الان على هذه الفاجعة،سيفتقدك جميع ارواح الشهداء الذين كتبت عنهم وفي ذكراهم،لن ينساك ألاسرى والمعتلقين كمطالب بحريتهم من اخر إحتلال في التاريخ،ستفتقدك القدس الشريف عاصمة فلسطين الابدية التي طالما حلمت ان تصلي فيها وفي رحابها،ستفتقدك المؤتمرات حيث كنت خير المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني،سيفتقدك مخيم الشهداء مخيم البرج الشمالي الذي كان وفيا" ومخلصا" لك في حياتك وحين استشهادك وحتى الان،سيفتقدك كل من كرمته ولم تقصر معه في مكتبك المتواضع داخل أزقة المخيم.
أخي ابا اسامة كيف ننسى كتاباتك ومقالاتك الرنانة التي كانت تبحث عن الحقيقة،وكيف انسي ذاك المقال الذي كتبت فيه عن فرقة سراج العودة بمرارة لا تنبع إلا من المخلصين والحريصين على مصالح الشعب العربي الفلسطيني.
شكرا" أبا اسامة على كل ما قدمته لفلسطين وشعبها ومناصريها وأحرارها .
شكرا عباس دبوق
شكرا عباس جمعة
لله ما أعطى ولله ما أخذ ولا يسعنا إلا ان نقول لا حول ولا قوة إلا لله .
الفاتحة
