الاجتماعات التي تجري من اجل تفعيل مؤسسات المنظمة ليست وليدة اليوم ،
فلقد سبقتها لقاءات عديدة في اكثر من دولة ، و لم يطبق شئ منها لانها كانت
تفتقد للمصداقيه . و لان المصالح الفئوية طغت على المصلحة الوطنيه .
العقدة في هذ الجمود القائم و الذي من شأنه استمرار تعطيل عمل
المؤسسات القيادية ذات الطابع المشترك تكمن في الذهنية التفرديه
و الرغبة بالاستئثار الفئوي و ابقاء مشاركة الاخر في مجال ضيق
و غير فاعل . هناك انعدام للشجاعة لدى البعض تمنعهم من التخلي
عن المراكز و الامتيازات التي اكتُسبت في ظروف غير صحية
بعيدة عن الديمقراطية و حرية الاختيار . و كانت مشاركات
الفصائل رمزية و تمثل حالة للتجميل و التخفيف من وطأة النقد الداخلي
و الخارجي الذي يرى الامور من الخارج على حقيقتها بان تركيبة
هذه المؤسسات مكونه من لون واحد يمثل السلطة و المعارضة
على السواء . الحقيقة التي لا ينكرها منصف او محلل حيادي، او
مراقب ليست له مصلحة شخصية او فئوية ، بان المؤتمرات كانت اشبه
بعروض مسرحيه تم الاعداد لها بشكل جيد . و كل ما كانت تقرره و ما ينتج
عنها من مواقف سياسية او اجرائية او تنظيميه او ماليه كانت معدة
سلفا و لا تحتاج الا للتصويت ! و لما كان التصويت الايجابي مؤكدا
فإن الاجواء كانت احتفالية و مكلفة ماليا و مخيبة للآمال ، منذ الدورة
الثانية عشرة المنعقدة في حزيران 1974 و حتى الدورة الحادية
و العشرون المنعقدة في غزة عام 1996 . قبل ذلك كانت قرارات المجالس
الوطنية المتتابعة توكد على الثوابت التي اقرها المؤتمر التأسيسي المنعقد
في القدس في ايار عام 1964 ، الذي اقر الميثاق القومي الفلسطيني .
ففي المؤتمر الحادي عشر عام 1973 في القاهرة تم التأكيد على :
إعلان منتصف المقال
" مواصلة النضال والكفاح المسلح لتحرير كامل التراب الفلسطيني
والنضال ضد عقلية التسوية وتعزيز روابط الوحدة الوطنية " ثم بدأت
التراجعات في مقررات المجالس الوطنيه الى ان وصلنا الى اوسلو
في ايلول عام 1993 . نحن الان و بعد واحد و عشرين موتمرا للمجلس الوطني
في مأزق ، ناتج عن تعطيل عمل هذا المجلس منذ اكثر من عشرين عاما ،
و في انقسام سياسي لم يمر مثيله في الساحة الفلسطينيه منذ تأسيس
المنظمة عام 1964 . بلا شك هناك محاولات حثيثة لعقد المجلس الذي
يمثل برلمان الشعب الفلسطيني في الداخل و الشتات ، و محاولات
لتفعيل كافة المؤسسات القيادية المشتركة . لكن السؤال لماذا لم تثمر
كل تلك الجهود ، و لماذا بقيت المؤسسات متوقفة و تاركة المجال لافراد
باتخاذ القرارات المصيريه . الاجابة و بكل حيادية ان البعض لم يكن يريد
لهذه المؤسسات ان تعمل لانها قد تعرقل سياساتهم و اوهامهم بالتسوية .
اما و قد كشف الاحتلال عن خداعه و عدم رغبته " بالسلام"، و استمر
في عدوانه على الشعب الفلسطيني و قضمه للاراضي و بنائه للمستوطنات
في الاراضي المحتلة عام 67 و تهويده للقدس و تدنيسه للمقدسات الاسلاميه،
فإن الضرورة تقتضي اجراءات عمليه صادقة من اجل تفعيل عمل المؤسسات
على اسس ديمقراطيه و بعيدة عن التغول الفئوي . و رفع المصالح الوطنيه
فوق كل الاعتبارات الشخصية و الحزبيه ، حتى نتمكن من مواجهة الاحتلال
موحدين ، و اتخاذ القرارات المسؤولة الكفيلة بتحقيق الاهداف الوطنية العليا .
نقول للاخوة الذين يعملون بجهد و اخلاص للتحضير من اجل عقد مؤتمر
المؤسسة الوطنية الاولى ان جهودكم لن تحقق غاياتها ما لم تترافق
مع النوايا الصادقة برفع قيمة العمل المشترك لاعلى مستوياته ، و احترام
اختيار الشعب لممثليه ، ووضع المصلحة الوطنية فوق كل المصالح .