البلد | محمد دهشة
تجاوز مخيم عين الحلوة القطوع الامني باغتيال الفلسطيني سيمون طه وهو سائق تاكسي، ولكن تداعياته السلبية هذه المرة تضع القوى الفلسطينية على المحك امام تحد جديد لوقف عمليات الاغتيال المتكررة بين الحين والاخر والتي بلغت نحو 42 في غضون السنوات االماضية.
واكدت مصادر فلسطينية لـ “صدى البلد”، ان مقنعين اطلقا النار على طه من سلاح حربي “كلوك” بأكثر من “ثلاث مماشط”، في الشارع الفوقاني، فأردوه على الفور ونقلت جثته الى “النداء الانساني” داخل المخيم ومنه الى براد مستشفى “الهمشري” في صيدا، قبل ان يوارى الثرى عصرا في مقبرة درب السيم، حيث رفضت عائلته تقبل التعازي قبل كشف الجناة والاقتصاص منهم.
واعتبرت المصادر، ان جريمة الاغتيال تهدف الى إعادة التوتير الأمني الى المخيم ووقف عمليات تسليم المطلوبين انفسهم طوعا الى السلطات اللبنانية والتي أرخت بظلال من الايجابية وسط رغبة بتعيمم “التجربة” على باقي المخيمات الفلسطينية انطلاقا من صور، فيما وصفته اخرى بانها رسالة دموية للقوى الفلسطينية وتحديدا “عصبة الانصار الاسلامية” التي تعهدت بحفظ الامن والاستقرار والجوار اللبناني قبيل عيد الاضحى المبارك.
ميدانيا، عم الاضراب العام المخيم تلبية لدعوة اللجان الشعبية الفلسطينية ورفضا لاستمرار عمليات القتل وتضامنا مع آلِ المغدور وأهالي بلدة صفورية، فاقفلت مدارس “الاونروا” والمؤسسات التجارية والصحية والاجتماعية، كما اقفلت الطريق الرئيسية في الشارعين التحتاني والفوقاني وقررت عائلة طه واهالي بلدة صفورية تشييعه ولكنها رفضت تقبل التعازي واعلنت الاضراب المفتوح واقفال الطريق حتى كشف الجناة ومعاقبتهم.
وفي بيان شديد اللهجة، اعتبرت عائلة ال طه واهالي صفورية “ان الكيل قد طفح ووصل السيل الزبى وان هذا الاستهداف المستمر لأبناء المخيم وبشكل خاص استهداف عائلاته هو استهداف مباشر لوجود المخيم واستنزاف حقير لطاقاتنا التي تبذل في العض والتعالي على الجراح، لا زال جرح آل البحتي ينزف وآل القبلاوي وقبلهما آل السعدي والكثير من العائلات القاطنة داخل المخيم حتى سجلت الة القتل والغدر في تلك المنطقة اثنان واربعون ضحية حتى الان من شباب وشيوخ ومناضلي المخيم”، معتبرة “هذا المسلسل الاجرامي المستمر والتي فشلت كل الجهود في تثبيت الامن والاستقرار وحماية شعبنا الفلسطيني في مخيم عين الحلوة، لقد اصبحت الة القتل الممنهجة تستهدف القضية الفلسطينية عبر استهداف نسيجها الاجتماعي والوطني ولن نقبل اي جهود تبذل من القوة الامنية دون تسمية الامور بمسمياتها، بعد ان تم تزويدها بجميع المعطيات والمعلومات التي تشير الى المجرمين”، مطالبة باستدعائهم الى مقر القوة الامنية وجلبهم بالاعتقال ان لزم الامر، غير ذلك تعتبر جهود غير مسؤولة ولا ترتقي الى مستوى طموح وتطلعات شعبنا بالقوة الامنية المشتركة وتوقعات عائلات الضحايا الكرام.
واكدت العائلة انها تحت سقف مجلس الشورى في القاطع الخامس – حي صفورية وبالتنسيق مع جميع الحريصين على امن واستقرار المخيم لإستئصال السرطان الخبيث القاطن بيننا والذي يعيث اجراماً على مرأى جميع المرجعيات الامنية والسياسية في مخيمنا ونؤكد استمرار الاضراب في مخيم عين الحلوة حتى القصاص من المجرمين بأشد القصاص ونتوعد بخطوات تصعيدية قاسية.
ناقوس خطر
سياسيا، عقدت اجتماع “اللجنة الامنية الفلسطينية العليا” برئاسة قائد “الامن الوطني الفلسطيني” في لبنان اللواء صبحي ابو عرب اجتماعا في مقر القوة الامنية الفلسطينية المشتركة في بستان “القدس” في عين الحلوة، حيث ناقشت جريمة اغتيال سيمون طه وسبل تحصين الوضع الامني في المخيم.
وابلغ مشاركون في الاجتماع “صدى البلد”، ان الوجوم خيم على وجوه الحاضرين ممزوجا بـ “صدمة”، اذ ضرب أساس الاجتماع الذي كان مقررا مسبقا لتقييم الجهود السياسية التي أدت الى تحصين الامن في المخيم، فوجدوا انفسهم في المربع الاول من “الامن الهش” مع جريمة الاغتيال الجديدة، فيما دق قائد القوة الامنية الفلسطينية المشتركة اللواء منير المقدح مجددا ناقوس الخطر، قائلا ان “الاغتيال هذا لن يكون الاخير، فقد سبقه 41 اغتيالا وسيلحقه ولكن الذي لا نعرفه من يكون المستهدف في المرة المقبلة”.
بينما اكد اللواء ابو عرب، ان جريمة اغتيال طه، لن تزيد القوى الوطنية والاسلامية الا اصرارا على الحفاظ على أمن المخيم واستقراره والجوار اللبناني”، مشيرا الى ان “اللجنة الامنية الفلسطينية العليا” اتفقت على تشكيل لجنة تحقيق وأبقت اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة اي طارىء”، موضحا ان “اللجنة ادانت الجريمة واكدت على تحصين أمن المخيم، على اعتبار ان الاستهداف الاثم لم يطال المغدور طه ولا عائلته فقط وانما كل ابناء المخيم اجمعين، وسوف نتخذ الاجراءات اللازمة لكشف الجناة ومحاسبتهم” وزارت اللجنة عائلة المغدور ولجنة حي صفورية وقدمت التعازي وابلغتها بمقرارات الاجتماع.
واستنكرت اللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة صيدا الجريمة، كذلك “المبادرة الشعبية الفلسطينية” التي اعلنت تضامنها العميق مع آل الفقيد ومباركتها لجهود أهالي صفورية ولجنة القاطع فيها في تحركاتهم التصعيدية للمطالبة بكشف القتلة وتسليمهم الفوري للأجهزة الأمنية اللبنانية، فيما تم تأجيل الاعتصام الذي كان مقررا امام مقر الصليب الاحمر الدولي في المخيم بدعوة من اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة الى موعد يحدد لاحقا.
لقاء لافت
صيداويا، التقت النائب بهية الحريري في مجدليون وفدا من “القوى الاسلامية” في مخيم عين الحلوة، تقدمه امير الحركة الاسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب، مسؤول عصبة الانصار الشيخ ابو طارق السعدي والناطق الاعلامي الشيخ ابو الشريف عقل، حيث جرى بحث الأوضاع في المخيمات الفلسطينية ولا سيما مخيم عين الحلوة امنيا وحياتيا، اضافة الى موضوع تسليم عدد من المطلوبين انفسهم للدولة اللبنانية كان تنويه بالخطوات التي تحققت في هذا الملف حتى الآن واهمية تعميمها على مخيمات اخرى وكان تأكيد مشترك على ضرورة الحفاظ على امن واستقرار المخيم والحرص على امن الجوار .
وقال الشيخ عقل باسم الوفد، شكرنا النائب الحريري على المساعي الحميدة التي دائما تقوم بها من اجل استتباب الامن والاستقرار في المخيم واطلعناها على الحياة الامنة والمطمئنة التي يعيشها اهلنا في المخيم خاصة بعد الخطوات التي بدأها المخيم في حلحلة ملفات الكثير ممن كانوا مطلوبين ظلما داخل المخيم، وساهم طبعا الفعاليات الامنية والسياسية ومخابرات الجيش بالدرجة الاولى في حلحلة هذه الملفات، وتوافقنا على استمرار هذه الخطوات والتعاون لما فيه خير الشعبين اللبناني والفلسطيني ولما فيه خير عين الحلوة وجواره. وكذلك اطلعناها على ان خطوة حلحلة ملفات المطلوبين ستنتقل ان شاء الله من مخيمات صيدا الى مخيمات صور والجنوب من اجل انهاء هذا الملف ومن اجل تأمين افضل حياة كريمة لاهلنا داخل المخيمات وبالتالي فالنائب الحريري وعدت بان تتحدث مع المعنيين من اجل الاسهام في تسهيل ادخال المواد الحياتية اليومية للشعب الفلسطيني داخل المخيمات من دون اي عرقلة.
فيما استنكر إمام مسجد الغفران في صيدا الشيخ حسام العيلاني عودة عمليات القتل إلى مخيم عين الحلوة والتي كان آخرها جريمة قتل طه، داعيا القوى والفصائل الفلسطينية في المخيم إلى مضاعفة جهودها لوقف مسلسل الإجرام هذا والإسراع في كشف المجرمين القتلة وتوقيفهم وتسليمهم إلى القضاء اللبناني لينالوا عقابهم.

