recent
أخبار ساخنة

ما بين النكبة و العودة بندقية : بقلم ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية


قد يكون عمر النكبة قد طال اكثر مما ينبغي ، او على الاقل

اطول مما كان يتوقعه آباؤنا و اجدادنا الذين تركوا ديارهم

و ارزاقهم و خرجوا على وقع المجازر المتدحرجة من قرية 

لاخرى و من مدينة لمدينة . و لأن قادة و ضباط جيش الانقاذ

قد وعدوا بحسم الصراع في وقت قياسي ، و طمأنوا اهلنا بأن

القوة الموجودة قادرة على تحطيم المشروع الصهيوني في فلسطين،

فإن الفلسطيني كان يعتقد ان الوطن بايد امينة . لم يفكر ابدا

بأن من تجاوز الحدود سيخدعه و ينسحب بخفي حنين بعد

ان يقضي على رجال الدفاع الشعبي الفلسطيني المسلح .

لم يتوقع الفلسطيني الذي كان عرضة لمؤامرة دولية ان من بين

القيادات المسؤولة عن الجيش العربي كان رجل انكليزي .

لهذ فإن كثيرا من المواقع التي تحررت بايدي الثوار الفلسطينيين

اخذها منهم جنود جيش الانقاذ و طلبوا منهم الانسحاب

على ان يتكفلوا بحمايتها و مواجهة اية هجمات قد تتعرض لها،

ثم بعد ذلك يتفاجؤون بان العصابات الصهيونية قد استعادت

السيطرة عليها !كان بعض الفلسطينيين يقولون بثقة :

"نبعد اولادنا عن مواقع الخطر لايام و نعود بعدما تكون بلادنا

قد تطهرت من عصابات الصهاينة ". هذا ما كان يعتقده آباؤنا،

مسألة ايام و ينتهي كل شئ ! لكن الايام توالدت اياما و سنوات،

و لم يتخل من بقي حيا من آبائنا عن حلم العودة و تحقيق النصر.

لقد علم الفلسطيني انه كان ضحية مؤامرة مركبة من اطراف محلية

و اقليميه و دوليه ، و عليه ان يمر بمرحلة قاسية من اللجوء 

و القهر الى ان يتمكن من رسم طريقه للتحرير و العودة .

ان اي قارئ للتاريخ يعلم بان فلسطين كانت عرضة لاطماع

الكثيرين من الغزاة و الفاتحين ، و انها كانت كلما تعرضت

لاحتلال تقاوم بكل ما اوتيت من عزيمة و ارادة حتى تحررها

من جديد ، كل الغزاة مروا و ذهبوا و بقي الشعب الفلسطيني

في هذا الوطن المقدس منذ ان قدم اليه اجدادهم العرب

قبل اكثر من خمسة آلاف عام .

لم يتمكن اي احتلال من الاستمرار في فلسطين ، لان شعبها 

العريق و القديم لم يتركها لغيره و لن يتركها الى قيام الساعة .

بعد ثمانية و ستون عاما على النكبة ، و بالرغم من الآلام

و المآسي التي تعرض لها شعبنا في مخيمات اللجوء ، و داخل

فلسطين ، فان هذا الشعب يزداد تصميما على المضي قدما في طريق

المقاومة كنهج وحيد لدحر الاحتلال و استعادة الوطن السليب .

هاهي الانتفاضة المباركة ، انتفاضة القدس قد حققت اهم اهدافها

في منع عصابات المستوطنين من تدنيس الاقصى ، و اوقفت

مخطط التقسيم الزمني و المكاني لاولى القبلتين و ثالث الحرمين .

و بقي على الامة ان تصحو و تتنبه للخطر الصهيوني الذي 

لا يستهدف فلسطين وحدها بل الامة كلها من محيطها الى خليجها . 

يجب ان تتخلص امتنا من طغاتها الذين يحكمونها و يعبثون

بمقدراتها و يساهمون مساهمة فعالة في حماية الوجود الاحتلالي 

الصهيوني . فلو كانت الامة بعافيتها ، توظف امكاناتها و عقول

ابناءها في خدمة قضاياها لما بقي الاحتلال الى هذا الوقت .

ان الحكام الذين تآمروا مع الاستعمار و الصهيونيه ابان النكبة

قد تناسخوا و اعادوا انتاج انفسهم لاكثر من سبعين عاما .

بل هم اليوم يملكون قدر اكبر من المكر و الخداع و الدموية ، و مرتبطين

اكثر بالمعسكر الصهيوني الامبريالي المعادي لوحدة الامة و نموها .

لقد استطاع الاستعمار القديم و العصابات الصهيونيه بالتواطؤ الرسمي

العربي ان يطيحوا بالحلم الفلسطيني في مرحلة عصيبة من التاريخ ،

لكنهم اسسوا لواقع غير مستقر لا احد يعلم مداه ، و مهدوا لصراع

لن ينتهي الا بزوال الاحتلال .

ان من يملك زمام المبادرة هو من يتحكم بالاحداث و يغير بالوقائع 

و يكون مصدر الاخبار . و هاهو الفلسطيني قد تمكن من الدخول

في الممر الاجباري المؤدي للتحرير و العودة ، و اخذ زمام المبادرة

و علم ان طريقه لاستعادة حقوقه لا يكون الا بالكفاح و المقاومه .

ان التخلص من تبعات النكبة لا يكون الا بالبندقية ، فكل الخيارات

جُربت و فشلت الا خيار البندقية جُرب عندنا و عند غيرنا و حقق النصر .










google-playkhamsatmostaqltradent