recent
أخبار ساخنة

إعادة بناء المخيم أو تدميره

الصفحة الرئيسية


ظافر الخطيب

بعد مرور اكثر من اسبوعين على وقف اطلاق النار في المخيم ، لا زالت الصورة غامضة والغباش يسيطر على الرؤية، حتى الان لم تستطع القيادات الفلسطينية ان تقدم جردة حساب بكلفة الاشتباكات، ولا بالخسائر المعنوية والمادية والروحية التي اصابت الجسد الفلسطيني ، وهل حالة الهدوء هي حالة حقيقية ، ام انا مجرد تهدئة ؟ هل هناك ضمانات ان ما شهده المخيم لن يتكرر أٌقله بالمدى المنظور؟ ؟ ؟ ؟ 

ينبغى الاشارة الى ان هذه الحالة أي وقف اطلاق النار و التهدئة او الهدنة ، لم تأتي بفعل جهود فلسطينية صرفة، بل بفعل ضغوطات لبنانية . ومن باب عدم انكار وجود محاولات فلسطينية بدلتها قوى واطر فلسطينية، فإنها محاولات لم تكن فاعلة،ولو كانت كذلك لاستطاعت منذ اللحظات الاولى للمعركة ان توقف اطلاق النار. 

فماذا بعد؟ 

ان مواجهة الحقيقة، حقيقة العجز والفشل افضل من ادعاء القدرة والنجاح، التعبير الاول (العجز والفشل) هو تعبير صادق ، في حين ان التعبير الثاني (القدرة والنجاح)، هو تعبير مزيف، الاعتراف بالمشكلة يساعد على التفكير السليم ، والمكاشفة على مستوى الدور والمسؤولية وحالة العجز على مستوى القيادات الفلسطينية كما على مستوى الاطر كافة، يشكل مقدمة لأي علاج ناجع. 

يقودنا هذا للتساؤل عن حالة الغباش المستمرة على صعيد طروحات ومواقف القوى السياسية، فالبقاء ضمن حالة الشلل انما يشجع النظرة المتشائمة لمستقبل الاوضاع في المخيم، و اهم ما تم التصريح به كان ما قاله قائد الامن الوطني اللواء ابو عرب، قائد القوى الامنية اللواء منير المقدح و الشيخين جمال خطاب امين سر القوى الاسلامية و ابو شريف عقل الناطق الرسمي لعصبة الانصار وذلك في المؤتمر الشعبي ، و يمكن استخلاص اربع نقاط اساسية مما صرحوا به أمام لجان الاحياء والفاعليات المجتمعية: 

1. تدعيم وقف اطلاق بإجراءات على مستوى القوى الامنية

2. اهمية تفعيل لجان الاحياء للقيام بدورها 

3. المبادرة(القوى الاسلامية) باتجاه تجمع الشباب المسلم(المعاهدة)

4. المبادرة باتجاه فتح (التعهد بعدم تطوير أي معركة او تمددها باتجاه كل احياء المخيم).

هذه النقاط لا تمثل حلاً، هناك عناوين محورية تمثل الاساس لحوار جدي ، منفتح، واضح، مباشر، بين كل الفاعلين،بما يؤدي الى انتاج حل حقيقي وممكن، والفاعلين هنا ليست حكراً على البلوكات السياسية التقليدية، بل يتعداها الى مستوى اشراك كل اللاعبين المحركين لكافة الفئات الاجتماعية، فبناء أو اعادة بناء المجتمع تكون بمشاركة الجميع، وهو ما يتطلب من القوى السياسية التواضع ايضا و الاعتراف بالحاجة للجميع.

يمكن استخلاص هذه العناوين على الشكل التالي: 

1. هل نريد تحقيق الامن والاستقرار بشكل دائم ، ام نبقى تحت تأثير الفوضى التي تعم كل مستويات الحياة.

2. هل نستطيع تحقيق الامن والاستقرار ، ينبغي ان نكون بمنتهى الصراحة بالإجابة على هذه العنوان، والصراحة تقتضي رؤية المسالة من زاوية المصلحة الفلسطينية وليس من زاوية المؤثرات الاقليمية.

3. هل نستطيع ان نحسم خياراتنا بين (ارادة فلسطينية فاعلة) و (ارادة فلسطينية محكومة بمؤثرات عابرة للمخيم أي لها حسابات فئوية) او (ارادة فلسطينية مسيرة من قوى اقليمية او عابرة للمخيم).

ان تحويل الخسارة الى فرصة هي مهارة قيادية لا يمتلكها الا قيادات تمتلك مواصفات القيادات الحقيقية، و في حالة عين الحلوة بما يمثله فإن الحفاظ على المخيم و موقعه كخط دفاع اول عن قضية اللاجئين والعودة، فإن ابسط المطلوب ان تمتلك القيادات الفلسطينية القدرة على تحول الخسائر والمحن الى فرصة اعادة بناء المخيم .

وعليه فإن اول الخطوات الجدية هي الغاء المتاريس المعنوية والنفسية بين القوى والاطر كافة، و الدخول في حوار عميق حول كافة القضايا، و الخروج بتفاهمات حقيقية تصل الى قلب وعقل كل انسان فلسطيني، بحيث يقتنع ان المخيم ما زال يصلح للسكن الادمي، و في هذا السياق قد يكون مداناً و مستنكراً و مستهجناً كل تأخير من القوى والاطر الفلسطينية في عدم استثمار فرصة الهدوء، لان ذلك يحولهم الى اشخاص عاديين مثلهم مثل أي انسان يقع في حالة احباط و تشاؤم من مستقبل الاوضاع. 

ولإن كانت الفرصة متاحة او ممكنة، فإن هناك سؤال يبقى محل تساؤل دائم، حول هوية ودور تجمع الشباب المسلم، والسؤال هنا يطرح بموضوعية وحيادية، وليس من قبيل الادانة والاستنكار، بل من قبيل الحرص على تظهير كافة القوى والاطر التي يجب ان تساهم في عملية اعادة البناء، اذا ما اتفقنا على ان هذه العمل هو واجب ودور الجميع. 

والسؤال ينطلق من حقيقة كون تجمع الشباب المسلم كان مسؤولاً عن : 

1. احتضان هاربين من السلطة اللبنانية، وبغض النظر التفسير المقدم من بعض كادراته ، فإن الجميع يتفق على ان هذا الامر وضع المخيم في مواجهة استحقاقات لبنانية داخلية، كما ان هذا التصرف احدث ضرراً بمخيم عين الحلوة.

2. المسؤولية عن عمليات الاغتيال، وبالرغم من انه لم يصدر أي كلام مباشر او تصريح واضح بالمسؤولية، الا تتفق غالبية القوى على ان التجمع او بعض افراده يتحمل المسؤولية عن مثل هذه العمليات.

3. المراهنة على متغيرات اقليمية خاصة في سوريا، وهي مراهنة مخيفة، اذ انها قد توحي بالاستعداد للقيام بمغامرات غير محسوبة.

4. التكفير او الاتهام بالردة، وهو امر لم يعد خافيا، فمجموعات التواصل الاجتماعي عبر الواتس اب تحمل الكثير من الكلام والمصطلحات التي تلغي او تقصي الاخر.

هذا العنوان ( تجمع الشباب المسلم) هو عنوان مهم، لا يمكن بناء أي عملية حوارية قبل الدخول في حوار مع تجمع الشباب المسلم، او تحديد مواقف نهاية تجاهه، فإذا كان تنظيماً سياسياً جديداً فليعلن عن نفسه صراحة، حتى وان كان يتبنى افكار غريبة عن تقاليد وعادات وتاريخ المجتمع الفلسطيني ، ذلك ان التفاهم يلي الفهم، والفهم يحتاج الى توضيح، واذا كان السؤال لنا مشروعاً فالإجابة من قبلهم واجباً.

المطلوب هو البناء وليس الترميم، التدمير والتخريب سهل، ولكن البناء صعب و يتطلب جهود كبيرة، وهناك سباق بين تياري الموت والحياة، التدمير والبناء، فمن ينحاز الى صف البناء والحياة، عليه أن يسارع الى المساهمة، والوقت من ذهب ان لم تقتله قتلك ، ويخطئ من يعتقد انه ما زال هناك امكانية للعب على الوقت...



google-playkhamsatmostaqltradent