recent
أخبار الساخنة

يد تورّمت... "هذه قرصة خنفساء سوداء": صور مع تحذير، وإليكم التّفاصيل

الصفحة الرئيسية

تحذير من "طبيب". الموضوع "قرصة خنفساء سوداء" تسببت، وفقا لتشخيصه، بـ"تورم حاد في ظاهر كف ولد صغير وباطنه". 3 صور، وفي احداها يد صغيرة تورّمت في شكل لافت. وفي اخرى، خنفساء سوداء. منذ ظهور اعداد كبيرة من الخنافس السود في عدد من المناطق اللبنانية، حرصت صفحات وحسابات لبنانية على تناقل هذا التحذير. "وعلى اساس ما بتأذي؟" تساءل مستخدمون. "يا عيني، هيدا يللي ناقص بعد". ولكن ما قصة هذه الصور؟ وما حقيقة هذا التحذير؟

"النّهار" دققت من أجلكم

النتيجة: البوست والصور نشرها طبيب عراقي في 10 نيسان 2019، بعد معاينته طفلا في مستشفى عراقي. لكنه حذفها، بعدما اثارت "هلع عراقيين"، و"تشكيك عدد من الناس في صحة اقواله"، على ما يفيد. ومع توضحيه لاحقا ان صورة "اليد المتورمة" تمثل "حالة نادرة جدا وغير طبيعية"، يؤكد الخبير في حشرات الغابات الدكتور نبيل نمر لـ"النهار" ان "الخنفساء السوداء لا تلسع او تقرص"، و"نابيها يساعدانها فقط في التقاط الطعام".

الوقائع: البوست التحذيري أعقب الاخبار عن انتشار الخنافس السود في عدد من المناطق اللبنانية. "هذه ليست لدغة عقرب أو لسعة دبور، بل قرصة خنفساء سوداء أزالتها الأم من يد ابنها الصغير، والذي أصيب بتورم حاد في ظاهر الكف وباطنه مع عدم القدرة على تحريك الاصابع أو استعمالها... نهيب بعوائلنا الكريمة توخي الحذر من هذه الحشرات المنتشرة في شكل غير مسبوق هذه الأيام". التوقيع: "الدكتور ربيع محسن حساني، اختصاصي بطب الاطفال".

التدقيق:

-يبيّن البحث العكسي ان البوست والصور بدأت الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 10 نيسان 2019، انطلاقا من صفحة الطبيب العراقي الدكتور ربيع محسن حساني العذاري في "الفايسبوك". وقد نقلتها عنه أولا صفحات وحسابات خصوصا عراقية. الدكتور حساني العذاري يعرّف بنفسه انه "طبيب أطفال، خريج كلية الطب في جامعة بغداد. ويعمل في صحة دائرة بابل".

-بحثا عن بوست "قرصة خنفساء سوداء" والصور المرفقة به في صفحته، يتبيّن انه حذفها. ولكن أمكن ايجاد اثرها في لقطة صورة في احدى الصفحات (11 نيسان 2019)، اضافة الى بوست يشرح فيه سبب حذفه لها. وقد اختار له سمة: #عجبا_له_من_مجتمع.

"غزو حشري" على شرقي لبنان


ومما يقول: "نشرت صورا لحالة غريبة عاينتها في المستشفى صباح اليوم بقصد تنبيه الناس والتحذير من بعض الحشرات التي قد تكون مؤذية في شكل غير متوقع. واذ بمئات المحللين والمفسرين والمشككين في صحة ما اقول!! حتى ذهب بعضهم الى اتهامي بنشر الذعر والهلع بين الناس، مما دفعني الى حذف المنشور والتراجع عن احد أهم مسؤوليات الطبيب، وهي النصح والتوعية... والله من وراء القصد".

وكان له تعليق اضافي في الصفحة ناشرة لقطة صورة البوستين، بحيث اوضح للمستخدمين ان "معظم هذه الحشرات غير مؤذية إلا في حالات قليلة جدا (ربما بسبب وجود أنواع جديدة أو شاذة من هذه الحشرات، أو بسبب تحسس مفرط لدى الطفل)، مثل حالة الطفل الذي نشرت عنه يوم أمس (الاربعاء 10 نيسان)، بحيث تم التأكد من الحشرة التي أزالتها الأم بنفسها عن يد ابنها الصغير. لكن قرصة الحشرة تطورت إلى التهاب جلدي يستلزم استعمال المضادات الحيوية... أما باقي الحالات، فيكفي استعمال الماء الدافئ (كمادات أو غمر اليد) وشراب مضاد للحساسية. هدف هذا المنشور توعية المجتمع على هذه الحالة الغريبة علما أنني طبيب اختصاص منذ 17 عاما، وأستاذ جامعي منذ 14 عاما، وأتحمل المسؤولية العلمية والأخلاقية عن منشوراتي التي أحاول فيها النصح والتوعية. وهما من أهم واجبات الطبيب... والله من وراء القصد".

توضيح الطبيب استقطب ردودا من نحو 50 مستخدماً على الصفحة. ردا على احد منتقديه "انه اثار هلع الناس، بدلا من ان يكون منشورك من اجل التوعية والتحذير البسيط، خصوصا ان هذه الحشرة منتشرة"، أجاب الطبيب: "يعني بحسب وجهة نظرك، تنبيه الناس الى حالة قد تكون خطرة غلط؟!!! انا لم احذف المنشور، لأنني أخطأت فيه، بل لعدم فهم بعض الأخوة فحواه وتسرعهم في إطلاق الأحكام من دون دراية أو اختصاص".

وردا على طلب احدى المستخدمات، "دكتور يا ريت توضح هاي الصوره. الام هي ماخذتها للحشره؟ لو حضرتك مشوفلها الحشره وكايله اي هي...". واجابها الطبيب: "في كلا الحالتين، تبقى حالة نادرة جدا وغير طبيعية".

-التفاعل الكبير مع بوست الدكتور العذاري تزامن اذا مع "تكاثر الخنافس السود في الآونه الاخيرة في عموم محافظات العراق، ومنها محافظه النجف"، على ما تذكر دائرة صحة النجف على صفحتها في "الفايسبوك" (9 نيسان 2019)، عازية سبب هذا التكاثر الى "الأمطار الاخيرة وما رافقها من سيول، ما أدى إلى خروج الخنافس من أماكن وجودها وانتشارها على سطح الأرض". وطمأنت الى ان "الخنفساء لا تسبب باي اذى للانسان، ولا تنقل الامراض اليه. وسيتم التعاون مع دائره الزراعه لمكافحتها".

-بوست الدكتور العذاري والصور المرفقة به تابعت انتشارها لاحقا في صفحات وحسابات سورية، مع انتشار اعداد كبيرة من الخنافس السود في عدد من المناطق السورية في الفترة نفسها. يومذاك نشر بدوره الاعلام الزراعي في سورية تطمينات الى ان "الخنفساء السوداء لا تضر بالصحة العامة للانسان ولا بالمزروعات".

-وصولا الى لبنان. وقد عمدت صفحات لبنانية الى نشر بوست الطبيب العراقي و"اليد الصغيرة المتورمة"، و"برسم المسؤولين". مع اقرار الدكتور العذراي بأن "تورم يد الولد" في العراق "حالة نادرة جدا وغير طبيعية"، يبقى السؤال: هل تقرص الخنفساء السوداء؟

يؤكد الاختصاصي بحشرات الغابات العميد المشارك في كلية العلوم الغذائية والزراعية في جامعة الروح القدس الدكتور نبيل نمر لـ"النهار" ان "الخنفساء السوداء لا تقرص او تلسع اطلاقا. ليس لديها ما تلسع به على غرار النحل او الزراقط". ويوضح ان "نابيها تستخدمهما فقط عند الأكل، لمساعدتها في التقاط الطعام. لكن لا سم اطلاقا فيهما او اي شيء يضرّ بالانسان".

نسأله عن صورة "يد الطفل المتورمة"، وربطها بـ"قرصة خنفساء سوداء". يجيب: "قد يكون الطفل يعاني حساسية معينة تسببت بتورم يده. لكن الخنفساء لا تقرص او تلسع".

للتذكير، "الخنافس حشرات مفيدة"، على قوله، "ذلك أنها تقتات على الديدان، كدودة الربيع ودودة الصندل وغيرها من الحشرات. وبالتالي تساهم في تخفيف المشكلات الزراعية المتوقعة في نهاية الربيع ومطلع الصيف" ("النهار"-28 نيسان 2019).

-30 نيسان 2019، ترأس محافظ البقاع القاضي كمال ابو جوده اجتماعا في مكتبه في سرايا زحلة، ضم رئيس مصلحة الصحة في البقاع الدكتور غسان زلاقط، رئيس مصلحة الزراعة في البقاع الدكتور خليل عقل، رئيس الدائرة الاقليمية لوزارة البيئة في البقاع الدكتور جورج عقل، رئيسة مختبر الحشرات في مصلحة الابحاث العلمية الزراعية المهندسة زينات موسى، ورئيسة قسم محافظة البقاع عايدة مراد.

وتناول ابو جوده خلال الاجتماع، موضوع "انتشار حشرة الخنفساء السوداء في عدد من بلدات محافظة البقاع"، فأفادت موسى بأنه "يوجد في لبنان نوعان من هذه الحشرة المعروفة علميا بإسم "Calosoma"، وهما، "C. Olivieri" و"C. Inquisitor". وشرحت فوائد هذه الحشرات في التوازن البيئي، "لكونها تتغذى على العديد من اليرقات المضرة بالزراعة والغابات، ومنها دودة الصندل والديدان القارضة وديدان السنديان".

من جهته، اشار الدكتور زلاقط الى انه "لم يتم الابلاغ حتى الساعة عن وجود اي حالة قرص او تحسس نتيجة انتشار هذه الحشرات".

وتم الاتفاق على انه "من المحبذ عدم القضاء على هذه الحشرات ضمن المناطق الزراعية، لانها تساهم في الحد من الآفات الزراعية". اما في ما خص التجمعات السكانية، فـ"ينصح بعدم لمسها، لا سيما من قبل الاطفال، وإطفاء الانارة الخارجية ليلا على الشرفات وعند مداخل الابنية، كون هذه الحشرات تنجذب للضوء في شكل كبير. كذلك، ينصح بإحكام اقفال ابواب ونوافذ المنازل. وفي حال لم تؤد هذه الاجراءات الى الغاية المنشودة، فإنه من الجائز استعمال مبيدات الصحة العامة المعترف بها والمرخص لها من وزارة الصحة العامة، وذلك لتخفيف اعداد هذه الحشرات عند الضرورة، اي عند ازدياد عددها في شكل كثيف" (الوكالة الوطنية للاعلام).

النتيجة: مع ان البوست التحذيري والصور نشرها طبيب عراقي "بعد معاينته طفلا في مستشفى عراقي"، على ما يفيد، و"تورم يد الطفل سببته قرصة خنفساء سوداء تطورت إلى التهاب جلدي"، يؤكد الخبير الدكتور نمر ان "الخنفساء السوداء لا تقرص او تلسع. وناباها تستخدمهما لالتقاط الطعام، وهما غير سامين".
google-playkhamsatmostaqltradent