recent
أخبار ساخنة

حماية المدارس والأونروا... خط أحمر في المخيمات


كتب عصام الحلبي

حتى في أحلك أوقات الخلاف السياسي في ثمانينات القرن الماضي، كان هناك خط أحمر لا يجوز تجاوزه: حرمة المؤسسات التعليمية والصحية. كان المجتمع الفلسطيني يدرك أن هذه الأماكن ليست مجرد مبانٍ، بل فضاءات حياة وأمل، تمنح الأطفال فرصة التعليم، وتقدّم الخدمات الصحية للذين هم في أمس الحاجة إليها.

ما شهدناه اليوم في حرم مدرسة عمقا بمخيم نهر البارد يعد اعتداءً مرفوضًا على مؤسسة تعليمية، ويستدعي الاستنكار بكل قوة. ليس هذا مجرد تجاوز قانوني أو أمني، بل هو إهانة لموظفي المدرسة، وخرق لكرامة المجتمع كله، ويضع علامة استفهام حول مسؤولية الحفاظ على هذه المؤسسات الحيوية.

إن احترام حرمة المؤسسات التعليمية والصحية أمرٌ وطني وأخلاقي، والأونروا على رأس هذه المؤسسات، لأنها تمثل شبكة أمان أساسية للاجئين الفلسطينيين، وتخفف عنهم الأعباء التعليمية والصحية في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية. العبث بهذه المؤسسات هو استهداف مباشر للحق في التعليم والعلاج، وتحويل لحاجات الناس إلى ورقة سياسية لتصفية الحسابات.

وقد يعود تجرؤ بعض الفئات على هذه الانتهاكات إلى حالة الفوضى المتعمدة التي تسعى بعض الجهات لفرضها داخل المخيمات، من أجل إثبات حضورها وفرض النفوذ. هذه الجهات تستغل ضعف التمويل وتراجع خدمات الأونروا نتيجة الحصار المالي، لتغذية الغضب الشعبي وتحويله إلى اعتداءات على مؤسسات تخدم المجتمع، بدلًا من مواجهة الأسباب الحقيقية للأزمة.

إن حماية المدارس والمراكز الصحية تقع على عاتق الدولة المضيفة أولًا، وعلى منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ثانيًا، لضمان أمن المخيمات وحماية مؤسساتها من العبث والاستغلال السياسي. كما يجب وقف الفلتان الأمني، وتحويل هذه المؤسسات إلى فضاءات محايدة، بعيدة عن الصراعات السياسية والاعتبارات الفئوية.

الأونروا ليست مجرد وكالة خدمات، بل هي شاهد حي على قضية اللاجئين الفلسطينيين، سياسيًا وقانونيًا وأخلاقيًا. الاعتداء عليها أو المساس بموظفيها هو تدمير لركيزة الصمود الفلسطيني، ويضع مستقبل الأطفال واللاجئين في خطر. حماية هذه المؤسسات واحترامها هو دفاع عن الكرامة، وعن الحقوق الأساسية للأجيال الحالية والمقبلة، وضمان لاستمرار الأمل في حياة كريمة.

المخيمات لا تُحفظ بالفوضى، والقضية الفلسطينية لا تُخدم بالاعتداء على مدارس أبنائها. احترام الأونروا وحماية مؤسساتها خط أحمر يجب أن يلتزم به الجميع.
google-playkhamsatmostaqltradent