ليكتشفوا انهم اقرب لليهود من الفلسطينيين ، فكالوا جام غضبهم علينا ، كوننا معتدين
على اصحاب " الحق" حسب رؤيتهم و تماشيا مع اهوائهم و رغباتهم ! هذا حال الاعراب
من رسميين و اعلاميين و زنادقة . هناك في اطهر ارض على وجه البسيطة من يلعن
المقاومة و يتهمها بالارهاب ، و هناك من يتباكى على القادمين من اقاصي الارض ليستعمروا
ثالث اطهر بقعة على وجه الارض . مفارقة عجيبة ! كيف لهم ان يتنكروا للحق الاسلامي
الثابت في الكتاب و السنة . كيف يخطّؤون الصحابة الذين فتحوا هذه الارض و سالت
دمائهم عليها و وارتهم في باطنها ؟ ماذا يقولون للصحابيان الجليلان عبادة بن الصامت
و شداد بن اوس و غيرهما من الصحابة الذين وارتهم مقبرة مأمن الله التي عبث بها الصهاينة
و حفروا قبورها و حولوها الى منتزه تباع فيه الخمور ؟ لو جاءت هذه المواقف من آخرين
لتفهمناها و لكنها تأتي من اناس كانوا يتغطون بلباس الدين و التقوى ، و كانوا يدعون حرصهم
على الاسلام و المسلمين فإذا بهم يبررون قتل المسلمين في فلسطين ، و يدّعون ان الفلسطينيين
هم المعتدون و لا حق لهم بالمقاومة . لقد حاولت ان افهم الاسباب الكامنة خلف هذه المواقف
الغريبة من رسميين في الدولة السعودية كتصريحات ولي العهد او وزير الخارجية
او الجنرال عشقي و غيرهم من الذين يتبوؤون مراكز في الدولة او من الذين يُحسبون
على الدولة فلم اجد سوى هذه الاسباب : 1- ان استمرار وجود كيان الاحتلال يقع في
مصلحتهم لان دعمهم السري و العلني لهذا الكيان الغاشم يجعل الولايات المتحدة و دول
الغرب يؤمنون الحماية لتلك العائلات الحاكمة التي حولت البلاد و العباد الى مزارع خاصة
و استغلت الثروات . فالغرب يتعامى عن الممارسات الاجرامية التي يمارسونها
بحق المخالفين ، و لا يتحدث عن استغلال المال العام لمصلحة العائلات الحاكمة
و معاونيهم . كما ان وجود الاحتلال يحول دون تقدم الامة و تحررها من قيد الانظمة
الشمولية الاجرامية ، لان القوى الطليعية تجعل جل همها في الاعداد لمواجهة كيان
الاحتلال و لا يلتفت للمواجهات الداخلية و الصراعات من اجل الاستيلاء على السلطات .
2- ان صمود الشعب الفلسطيني و مقاومته مع كل هذا الاجرام الصهيوني و التضييق
و الحصار الرسمي العربي يحرج الانظمة المنهزمة لا سيما الانظمة التي تبعثر الاموال
على امور لا تفيد مستقبل البلاد و اهلها . فها هي دول واحدة غير عربية تستغل ثرواتها
على التطور و التمدد تمكنت من احكام السيطرة على اكثر من عاصمة عربية ، فيما
اؤلئك المتخلفون لم يتمكنوا من مواجهة عصابات حوثية متخلفة بالرغم من اجتماع عدة
دول بكافة الاسلحة عليهم . مجموعة من الحفاة العراة الذين لا تكسيهم الا وزرات
تغطي سوءاتهم يمضغون القات تمكنوا من الصمود و المواجهة للسنة السابعة على
التوالي ، و يحققون انتصارات على دول غنية مدعومة من الغرب و مدججة بالسلاح !
فأي فشل و أي عار و شنار ! لو كان الامر بيد الشعب الفلسطيني لحسم المعركة
مع الحوثيين خلال ايام . انهم يشعرون بالخجل من انفسهم ! كيف تواجه منطقة ضيقة
محاصرة و فقيرة مثل غزة العدو الصهيوني و تفرض عليه شروطها فيما هم يعيشون
في جبنهم و تخاذلهم و رجعيتهم ، و لولا القواعد الامريكية المنتشرة و المؤسسات
الامنية الغربية التي تحميهم لكانت بلادهم مستباحة من قوى اقليمية لها اطماع في الخليج .
3- كراهيتهم للاسلام المعتدل الذي يقبل الاخر ، و لا يتوقف عند المسائل السطحية
و يغفل عن الاساسيات . فالاعراب يتشددون في قيادة النساء للسيارات و ارتداء
البنطلون للرجل و في مسائل الوضوء و حلق اللحية ، و أهم شيئ عندهم هي الطاعة
العمياء لولاة الامور ، و الرضى و القبول بكل ما يفعلونه ! فيما يتساهلون بدماء المسلمين
فيدفعون المليارات لكل انقلابي دموي و دكتاتوري فاشي تحت عنوان عدائهم
للاخوان المسلمين . النموذج الاسلامي الواقعي الذي يرضى باختيار الشعب لقادته
و يقبل بالنتائج القائمة على الاختيار الحر بغض النظر عن الربح و الخسارة
هذا النموذج يقض مضاجعهم و يجعل الاسلاميين في قائمة الاعداء ، بل ان عدائهم
يفوق كل عداء. لهذا كانت حملاتهم المسعورة على مشايخ الجزيرة بالرغم من عدم
انتماء المشايخ المعتقلين لتنظيم الاخوان ، فالشبهة تكفي عندهم للاعتقال او حتى القتل .
ان تاريخهم التآمري طويل ، بل ان عداء الاعراب للرسول عليه السلام و للصحابة
من بعده لا يضاهيه عداء . فاجدادهم من بني حنيفة النجديين هم الذين ناصبوا
العداء للرسول عليه السلام و قاتلوا الصحابة بضراوة في معركة اليمامة ، و جدهم
مسيلمة ادعى النبوة و جرد مئة الف مقاتل لقتال المسلمين مما ادى الى استشهاد مئات
من الصحابة من حفظة القرآن . و هم الذين قاتلوا المسلمين في حنين و قبل ذلك في مؤته
و تآمروا لقتل النبي في طريق عودته من تبوك . و جدهم عبدالله ابن سلول هو الذي وقف
ضد الرسول في صراعه مع اليهود من بني النضير . و هم الذين ناصروا القرامطة
فكانوا يقطعون الطرق على الحجيج و يقتلونهم و يسلبون اموالهم و يستبيحون نساءهم .
و هم الذين شاركوهم في مجزرة يوم التروية عام 908 فقتلوا ثلاثون الفا من الحجاج
ثم اقتلعوا الحجر الاسود من مكانه و اخذوه الى عاصمتهم هجر .
و أما تاريخهم الحديث فحدث و لا حرج ، فلقد قادهم العميل الانكليزي لورنس كقطيع
خلفه ضد الدولة الاسلامية ، فكانوا يكمنون للجنود العثمانيين و يقتلونهم من اجل سلب
نعالهم و ملابسهم . و هم الذين استباحوا القرى و المناطق الامنة في الجزيرة
و اعتبروا ان اهل الجزيرة ارتدوا عن الاسلام و قاموا باعمال كلها بدع
و ضلال و لهذا عندما كان يستسلم لهم اهل قرية كانوا يأمرونهم بالنطق بالشهادتين
و بطاعة الله و رسوله و طاعة ولي الامر ابن سعود ، مع العلم ان ولاة الامور
الحقيقيون كانوا الضباط الانكليز . ان الدين الذي يريده اؤلئك الحكام هو دين الطاعة
العمياء دين الانقياد و التسلط و التفرد و النهب و ما عداه فهو بدعة و ليس من الدين .
ان الدين عند الأعراب الذين يتباكون على اليهود و يرجموننا بحجارتهم هو
نفس دين الكنيسة في القرون الوسطى التي كانت تمثل قمة الاقطاع و كانت
تعتبر كل من يعارض السلطة بمثابة الكافر ، و هو ما يؤدي لاستباحة دمه
و ماله و عرضه ، دين الخنوع و الاستسلام الكامل و الرضا بكل شئ يأمر به الحاكم .
و لو كانوا اصحاب دين حق لكان الاقصى عندهم عقيدة لا يمكن التفريط به اطلاقا،
لان فلسطين ارض وقف اسلامي منذ ان اخذ الفاروق مفاتحها من المحتلين الروم .
لقد قال " خادم الحرمين" عبد العزيز في رسالة لمندوب بريطانيا لدى المملكة السير كوكس:
" لا مانع عندي من اعطاء فلسطين للمساكين اليهود او غيرهم ، كما تراه بريطانيا
التي لا اخرج عن رأيها حتى تصبح الساعة . " ، فهذا والدهم و من قبله اجدادهم
لا يخرجون عن طاعة الانكليز و الغرب حتى لو كان ذلك في غير مصلحة المسلمين
و العرب . ان الشعب الفلسطيني هو اختيار الله عزوجل لان يكون صاحب الارض
المقدسة ، و لو كان غيره من الشعوب لضاعت الارض و المقدسات و اندثر الشعب
و تهود ، لكن الله تعالى اختار شعب الجبارين الذين هم في رباط الى يوم الدين ،و " الذين
هم على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء
حتى يأتيهم أمر الله و هم كذلك" . موتوا بغيظكم و خيبتكم ، فهذا الشعب سيحقق
النصر بإذن الله إن عاجلا أم آجلا ، و أما أنتم فسوف يحاججكم هذا الشعب المظلوم
امام الله تعالى على تخاذلكم و تآمركم .

