لا تقل لي انها ضرورات السياسة و اختلاف المراحل . لا تقل ان المواقف تتغير
مع تبدل الظروف و ان الواقع الموضوعي و الذاتي يقتضي خطاب جديد و رؤية
تتناسب مع الاحداث ! لا تفلسف الامور يا صديقي و لا تدور كالبيكار حول نقطة
ثابته . قل لي ان المصالح و المكتسبات المادية و المعنوية تتطلب مساومات
و تنازلات و تكتيكات ، و قدم لي كل تلك المصطلحات التي تدعم تخاذلك
و انحطاطك حتى اتفهم الاداء المتقلب . يا صديقي ان المبادئ هي المبادئ
و الثوابت هي الثوابت لا تتغير مع الظروف و لا تتجمل و تنقص مع تقادم الزمن .
الثابت الذي لا يتزحزح مهما بدت الامور و مهما كانت المبررات هو ان الحق
مقدس ، الحق بالحرية و الاختيار ، الحق بالكرامة و المساواة في الوطن ، الحق
بالتغيير نحو الافضل ، الحق بالثورة على الطغاة و المستبدين ، الحق بمقاومة
الاحتلال ، الحق بمحاسبة الفاسدين ، الحق بمراقبة الاداء الحكومي ، الحق
بالانتقاد البناء ، الحق بشعور المواطن بمواطنيته . حق للمواطن المخنوق
في وطنه بفعل بطش اجهزة الدولة من مخابرات و احزاب ورقية و مؤسسات قمعية
ان ينتفض و ان يواجه القهر و الظلم و الاستبداد بكافة الوسائل . انت يا صديقي
الذي تدعي الوطنية و القومية و الاممية و التقدمية و التحررية رياء و خداعا
اين تقف ، هل موقفك مع الشعوب ام مع الحكم الدكتاتوري الاجرامي الذي لا يتوانى
عن فعل اي شئ من اجل بقاء الحكم ، و من اجل مكاسب العائلة و الحزب و الطائفة !
ايها المقاوم .. الوطني.. التحرري .. القومي .. الاسلامي ، يا من تدعون
ما ليس فيكم ، تنتسبون لحقيقة غير حقيقتكم ، تخادعون انفسكم و غيركم ، انتم
مع من ؟ مع الحق ام مع الباطل ؟ و الله لو كنتم تملكون الشجاعة لقلتم اننا
مع الباطل ، لكن هيهات من اين تأتي الشجاعة لمن استمرأ على الظهور و الشهرة
و الخطابات و المكاسب ، وتتصدر سخافاته و لقاءاته التي لا تخدم الا اشباع
رغباته المعنوية الفارغة وسائل الاعلام . يا صديقي ، من لا يقف مع الحق في
بلاد اخرى ، من لا يتضامن مع الشعوب المغلوبة على امرها ، و الواقعة تحت القمع
و الاستبداد لا يمكن ان يقف مع قضية شعبه ، و لا يمكن ان يكون صادقا مع
نفسه فضلا عن صدقه مع غيره . لا تتباكى على اطفال خلف المحيطات ثم لا
تهتم بأشلاء اطفال من بني جلدتك . عيب فيك ان ترى بعين واحدة ، و ان تتعامى
هنا و تفتح عيناك على وسعهما هناك ، كفاك كذبا و نفاقا ، فلن يصدقك الا
من كان مثلك ذو نقيصة في العقل و المبدأ ، و اما المظلوم في بلاد العرب
فله الله سبحانه يأخذ له حقه عاجلا ام آجلا ، فإن للطغاة يوم لا محيد عنه .
ماهر الصديق