السرقة بكافة انواعها نقيصة لا يمارسها الا مريض نفسيا ، او شخص ترعرع في بيئة
غير صحية فسلك طريقا معوجا و دأب على اخذ ما ليس له ، خلسة و بعيدا عن اعين الناس .
و من هذه" الحرمنة" اللاأخلاقية هي سرقة جهود الناس ، و تبني مقالات و خواطر و افكار
و اشعار و رسومات و غيرها من الابداعات و نسبها لغير اصحابها دون إذن . و بعتمة ليل
و بخداع و غش احيانا يتم التلاعب في بعض الكلمات و الجمل حتى ينخدع المتلقي ،
و حتى يخفي السارق جريمته ! و هنا يجب ان نفرق بين تبني الرأي او بعضه و بين
استلابه . فكل كاتب مهما علا شأنه و ارتفعت قيمته الادبية ، مغمورا كان او مشهورا
حديثا في الكتابة ام مخضرما يمكن ان يتبى آراء غيره من الادباء و الكتاب و الشعراء
او يتبنى جزءا من آراء و مواقف قديمة او حديثة فيدعم بتلك الاراء كتاباته و يجعلها
حجة من حججه و دليلا من دلائله و لكن الامانة تقتضي ذكر المصدر بتفاصيله حتى
لا يقع بنقيصة الاستيلاء على جهود الاخرين و نسب عصارات افكار الناس لنفسه .
العلوم الانسانية و الادب و الفنون لا تقوم من فراغ بل تبنى على ما سبقها من تجارب
و ما وصلت اليه من افكار . تبني عليها و تطور بها و تضيف لمسات جمالية جديدة
و لو لم تكن كذلك لكان كل شئ مكرر و ممل و ليس له قيمة و لن يجد من يلتفت
اليه من الناس . على الكاتب ان يضيف فكرة جديدة فيما يكتب ، و يقدم للقارئ
ما يفيده بمعلومة او تحليل او موقف و رأي يختلف عن الاراء المطروحة ، و الا
فلن تسلك كتاباته طريقها الا الى سلة المهملات و تضيع جهوده هباء منثورا .
بعض الجهلة ممن لا يملكون الملكات التي يتمتع بها غيرهم ، و لا يستطيعون
إعمال عقولهم بالاستنباط و الابداع و التفرد بتقديم الجديد.. المفيد للناس ، لا
يتوانون عن الاستيلاء على جهود غيرهم و لا يفكرون بردود الافعال حين انكشافهم .
لقد ساءني انا و غيري من الناس فضيحة سرقة المدعو وسيم يوسف لمقالات
الكاتب ادهم الشرقاوي و ادراجها في برنامجه " من رحيق الايمان " و خداع مشاهديه
بان كل ما يقوله هو من بنات افكاره و اجتهاده . بغض النظر عن موقفي الشخصي
من هذا الشيخ الاستخباراتي الذي يبني شهرته على السرقة و الفتن و مهاجمة الاخرين
ممن هم اعلم منه و اكبر عقلا و انبه و اكثر ذكاء ، فبعيدا عن موقفي منه و من
تهريجه ، الا ان ما قام به لا يعبر عن حد ادنى من الاخلاق و لا يقدر جهود غيره .
بل و كان رده اسوأ من سرقته عندما قال للكاتب " لك الشرف ان اقرأ لك !"
كان حري به ، و بامثاله ممن يبحثون هنا و هناك و يسرقون افكار الناس
و ينسبونها لانفسهم ، ان يعتذر و يتعظ و يقول اني اعجبت بتلك الكتابات و رأيتها
مفيدة للمستمعين و المتابعين و اني اعتذر عن عدم ذكر مصدرها . لو قال ذلك لحفظ
ماء وجهه و لكان قد خرج من مأزقة باقل كلفة ، لكن الله عزوجل اراد خزيه
امام متابعيه و ربط على قلبه و لسانه و جعله يتمادى في غيه و بهتانه . و لقد مررت
انا بتجربه مشابهة بعدما كتبت خاطرة في دنيا الوطن بتاريخ 21. 06. 2005
https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/24549.html حين يموت الضمير
لقد وجدت العشرات قد نسبوها لانفسهم مع بعض الزيادات او التغييرات ، و فوجئت
بشيخ قد بنى خطبته على اساسها و شاعرة خليجية زادت عليها ووضعتها في صفحتها
و نسبتها لها . و هناك خواطر و قصص قد نسبها البعض لهم و ملؤا بها المنتديات .
شئ جميل ان يرى القارئ او المتتبع مقالا او قصة او خاطرة فتعجبه و يتبناها و يقوم
بنشرها او نشر مقاطع منها و لكن الامانة تقتضي ادراج مصدرها و بيان كاتبها ووضعها
بين قوسين للتفريق بين ما يكتبه هو و ما نقله عن غيره .
ماهر الصديق

