وكالة القدس للأنباء – خاص
كلَما هبَت عاصفة، أو ارتفع موج، أو تساقط مطر، يضع أهالي تجمع جل البحر، الذي يأوي عائلات فلسطينية محرومة من كل الحقوق، أياديهم على قلوبهم، خوفاً من أن يجرفهم تيار، أو تتساقط فوق رؤوسهم سقوف منازلهم المتصدعة، ورغم مناشداتهم الإٌنسانية، لا يسمع أحد صوتهم.
“وكالة القدس للأنباء”، توجهت نحو هذا التجمع، جالت بين منازله، شاهدت تدفق المياه إليه، حاورت الأهالي حول ظروفهم المعيشية والعمرانية والصحية، فكان ما يثير القلق والاستغراب.
تحدثت أول سيدة صادفناها من سكان التجمع فقالت ” نحن عايشين بالمي، والله عايشين بالمي، يعني شو بدي أقول ؟ المي بتفوت من الحيطان والشبابيك والزينكو وتهدد حياتنا”.
وأضافت: “بالعاصفة مياه البحر، وصلت لنصف بيوت التجمع، هذا غير الرطوبة والمرض، وما معي مصاري اتحكم، ومن القلة بنروح على عيادة الأونروا، وعلى الفاضي، معي دسك، والتهاب بالأعصاب، والسكري والضغط، والله يفرجها علينا ونتريح، زهقنا ونحن بنطالب، وما حدا عم يسمعنا، وخصوصاً الفقير ما حدا بيسمعوا، والله عم ندفا على الحطب”.
أما أم سامر فقالت: ” هالمرة ما كان في غرفة محمية من الشتاء، لأنه نحن حطولنا الأندولين بمشروع للنرويج، وبيتنا كان أول بيت، فكانوا عم بقصوا الزينكو غلط، وغير هيك الأندولين عم يقطع الأوكسجين بالليل، فعم نضطر بالصقعة ندور المروحة أو بنختنق”.
وأوضحت: “وضعنا زفت، خصوصاً يلي ما إلو حدا، تخيلوا زوجي مريض، وجهاز التنفس عنده شعيرات بس يتعب بتسكر، وما كانوا يرضوا يعطوني شؤون، إلا بعد 35 سنة لصرت آخذ”.
توقفت قليلاً وتابعت:” لازم أعمل عملية تمييل، ما معي فرق تحويل الأونروا، فما عملت العملية، و كمان عندي المرارة وما عملتها، هذا غير الأدوية الشهرية يلي باخذها.”
تنهدت وأطرقت قليلاً وقالت : ” يا ريت يطلعونا من هالبلد، لأني هون أنا لاجئة بلا كرامة. أبسط الأمور ما بيسمحولنا فيها نهار العاصفة الماضية،حصلت 3 حوادث سير، وما قاموا الشباب، تركوهن على الطريق، والدولة رافضة تحط مطبات أو ممر للمشاة، في أكثر من هيك ذل؟ بيتي غرفة ومطبخ، وسعته بغرفة، مرتان وقفوني الدرك حتى هدوا ولادي كل شي، نحن للأسف بنصف المدينة ومعزولين عنها”.
هذه الأوضاع المتردية أكدها أحد المواطنين في جل البحر، رافضا الإفصاح عن اسمه قائلاً: ” كل سكان التجمع بحاجة للمساعدات، يعني اتخن واحد فينا بحاجة، معظم البيوت بتنش، والدولة بتمنع نحط شقفة زينكو، يعني حتى غيار ما فينا نغيره، واللجنة الشعبية ما بتقعد مع الأهالي وبتسمع لمشاكل الناس”.
تشعر وأنت في تجمع البحر، أنك متروك لقدرك، فلا مجير ولا معين لتخطي الأوضاع الصعبة، فهل هذا جائز، بكل الأعراف والمواثيق والقيم والأخلاق؟
لا يجوز أن تبقى شريحة من اللاجئين الفلسطينيين، تعيش هذا الواقع المرير والمأساوي، في ظل اللامبالاة والتجاهل، وعليه لا بد من معالجات جذرية لمشاكلهم، وفي مقدمتها الآن عمليات الترميم، والحماية من سيول الأمطار الجارفة.
إعلان منتصف المقال