recent
أخبار الساخنة

*الشباب الفلسطيني المطالب بالهجرة مابين التخوين والحقائق والأمن*

الصفحة الرئيسية

*هذا المقال كنت قد كتبته بتاريخ 3/3/2014 عند انتشار ظاهرة المطالبة بالهجرة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وكان يحوي رسالة واضحة للقيادة الفلسطينية التي لم تعالج الاسباب بالطرق اللازمة بعيدا عن الاتهامات، والان وبعد مرور ثلاث سنوات ونصف نسمع باعادة المطالبة بالهجرة ولكن بشكل آخر، فهل ستعالج القيادة اسباب هذه المطالبة بطرق تأخذ بعين الاعتبار هواجس اللاجئين الفلسطينيين؟*
*د. رمزي عوض*

وهذا نص المقال:

بدنا نعيش بكرامة، بدنا الأمن بمخيماتنا الفلسطينية، بدنا فرص عمل، كل هذه شعارات يطالب بها الشباب الفلسطيني الذين أسسوا مجموعة شبابية أطلقت على نفسها (الفلسطينيون الأحرار في مخيم عين الحلوة) واختصروا مطالبهم تحت مطلب واحد وهو الهجرة من المخيمات بعدما سدت كل الأبواب في وجوههم.

هيثم الغزي، شاب فلسطيني من مخيم عين الحلوة كان قد سجن في لبنان لمدة أربع سنوات بتهمة الإرهاب ولكنه حصل على البراءة (كما ذكر لنا)، تحرك هيثم بعد خروجه من السجن لمطالب فردية كي يستطيع تأمين لقمة العيش له ولأسرته، وظهر كناشط شبابي يطالب بالحقوق المدنية للمجتمع الفلسطيني في لبنان، كما تحرك للحد من انتهاك كرامة النازحين الفلسطينيين من سوريا والمتواجدين في مخيم عين الحلوة.
تطورت تحركاته بعد تعدد الاغتيالات في المخيم للمطالبة بالأمن، فوجد أذان صاغية من العديد من شباب المخيم مالبثت أن تحولت هذه التحركات لتجمعات شبابية مطالبة بفرص عمل للشباب لتمكينهم من العيش بكرامة، حاولوا تحويل مطالبهم للقيادات الفلسطينية في لبنان فسدت بوجوههم كل الأبواب وبذلك دفعوا للمطالبة بالهجرة من مخيمات البؤس.
طبعاً هذا التحرك هو فكرة جديدة وغريبة في المجتمع الفلسطيني، المطالبة بالهجرة ؟؟؟؟، الهجرة إلى أين ؟؟؟؟، والهجرة من ماذا ؟؟؟؟ وهل تحركاتهم مدروسة تخدم مشاريع دولية ؟؟؟؟، كل تلك تساؤلات تطرح يومياً على هؤلاء الشباب الذين لا يجدون مستقبلاً داخل مخيماتهم، وكأنه كتب على الفلسطيني أن يعيش في ظل بؤس دائم، وألم دائم.
اتهم الشباب بالخيانة العظمى وهددوا (كما ذكر لنا هيثم الغزي) لثنيهم عن تحركاتهم، واتهموا بالعمل لأجندات خارجية، وذلك لضرب حق العودة للاجيء الفلسطيني.
ومن هنا وجب علينا العودة لأصل (حق العودة) أو قرار الأمم المتحدة 194 لفهم ماهي الأجندة التي قد يخدمها الشباب المطالب بالهجرة ؟؟؟؟
حق العودة كما تذكره الموسوعة العالمية ويكيبيديا (هو حق الفلسطيني الذي طرد أو خرج من موطنه لأي سبب عام 1948 أو في أي وقت بعد ذلك، في العودة إلى الديار أو الأرض أو البيت الذي كان يعيش فيه حياة اعتيادية قبل 1948، وهذا الحق ينطبق على كل فلسطيني سواء كان رجلاً أو امرأة، وينطبق كذلك على ذرية أي منهما مهما بلغ عددها وأماكن تواجدها ومكان ولادتها وظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ينطبق حق العودة على كل مواطن فلسطيني طبيعي سواء ملك أرضاً أم لم يملك لأن طرد اللاجئ أو مغادرته موطنه حرمته من جنسيته الفلسطينية وحقه في المواطنة، ولذلك فإن حقه في العودة مرتبط أيضاً بحقه في الهوية التي فقدها وانتمائه إلى الوطن الذي حرم منه). 
حق العودة هو اقتراح للانتداب البريطاني المنتهي بقيام دولة إسرائيل عام 1948 للكونت برنادوت بشأن "اللاجئين الفلسطينيين". في 11/12/1948، وبعد التصويت في الأمم المتحدة (كان مع القرار 35، وضد القرار 15، وممتنع 8)، لذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 194 والذي جاء في الفقرة 11 منه بأن الجمعية العامة ( تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم) والمقصود بجيرانهم هنا هم الإسرائيليين.
فقد كان حق العودة مرفوضاً فلسطينياً إلى أن تمت اتفاقية أوسلو التي بدأت المفاوضات لها بتاريخ 1991 وأقرت في 1993، وتم التعويض عن عبارة (تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني) المذكور في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية إلى (حق العودة) فقد اختزل كل النضال الفلسطيني بعبارة واحدة وهي (حق العودة).
اذاً هل الشباب في عين الحلوة يتخلون حق العودة بمطالبتهم بالهجرة؟؟؟؟، طبعاً لا، لأن نص القرار 194 لايشترط وجود الفلسطيني في المخيمات وكذلك لايشترط فقدان حق العودة للفلسطيني الذي يحصل على جنسية أخرى غير الفلسطينية، لأن حق العودة هو حق فردي وجماعي نابع من حرمة الملكية الخاصة التي لا تزول بالاحتلال أو بتغيير السيادة على البلاد، وهو حق لا يسقط بالتقادم، أي بمرور الزمن، مهما طالت المدة التي حرم فيها الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم، فهذا الحق غير القابل للتصرف هو من الحقوق الثابتة الراسخة، مثل باقي حقوق الإنسان لا تنقضي بمرور الزمن، ولا تخضع للمفاوضة أو التنازل، ولا تسقط أو تعدل أو يتغيّر مفهومها في أي معاهدة أو اتفاق سياسي من أي نوع، حتى لو وقعت على ذلك جهات تمثل الفلسطينيين أو تدعى أنها تمثلهم. لأنه حق شخصي وجماعي، لا يسقط أبداً، إلا إذا وقع كل شخص بنفسه وبملء أرادته على إسقاط هذا الحق عن نفسه فقط.
أما الاتهام الأخر فهو أن المطالبة بالهجرة من المخيمات تقضي بالتخلي عن المخيمات التي هي رمز اللجؤ الفلسطيني، وكذلك قد تنهي الأونروا التي هي الشاهد على حق الفلسطيني كونها تتركز خدماتها في المخيمات الفلسطينية وهنا نعود لتعريف اللاجئ الفلسطيني وفق ما أقرته الأونروا حيث أكدت في تعريفها عن اللاجئين الفلسطينيين (هم أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين حزيران 1946 وحتى أيار 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948) وكل من هو لاجئ فلسطيني يتوجب على الأونروا رعايته وتشغيله، وقد حددت الأونروا مراكز عملها داخل المخيمات دون إسقاط صفة اللاجئ عن من هو خارج المخيمات أو التجمعات الفلسطينية، وبذلك أيضاً يتم ضحد هذا الإدعاء الذي يقول بأن المطالبة بالهجرة تلغي صفة (اللاجئ الفلسطيني).
إذاً لماذا كل هذه الحملة من قبل الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية وكذلك اليسارية واليمينية ضد هؤلاء الشباب؟؟؟؟، هل السبب بأن تحركات كهذه تفضح تقصير القيادات الفلسطينية أمام شعوبهم أولاً وأمام المجتمع الدولي ثانياً، ولماذا رفض الاعتراف بهذه الحالة ومحاولة قمعها وتخوينها.
هذه التحركات تفضح كل المقصرين ابتداء من القيادات والرموز الفلسطينية مروراً بتقصير الدول المضيفة تجاه الفلسطيني التي تمعن في حرمانه من حقوقه الإنسانية والمدنية، وانتهاءً بفضح وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا) التي تزيد من تقليص خدماتها تجاه اللاجئ الفلسطيني.
وختاماً كلمة أود قولها بأن هؤلاء الشباب استطاعوا توحيد القيادات الفلسطينية بمختلف أطيافهم وأجنداتهم....ضدهم، فلو نجحوا بإيصال صوتهم للعالم لربما ستسقط العديد من العروش ولربما يكونوا الربيع الفلسطيني القادم، وأيضاً .... لربما قد يتم استغلالهم لضرب القضية الفلسطينية بطريقة ما.
إذاً لابد للقيادات الفلسطينية أن تستوعب هذه الظاهرة بمحاورة هؤلاء الشباب، وإقامة ورش عمل لدراسة هذه الظاهرة ومسبباتها، ليتم توجيه طاقات هؤلاء الشباب كي تدعم حق الفلسطيني بالعيش بأمن وأمان، وكرامة.

google-playkhamsatmostaqltradent