recent
أخبار ساخنة

ماذا خسر العرب بانحطاط حكامهم ! بقلم: ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية

" وقفوا كما يقف العبيد امام سيدهم . استمعوا بإنصات لمواعظ رجل اكد

محللون نفسيون بانه مختل عقليا . قدموا له الهدايا و عصا الطاعة ... هاجم

امامهم اشرف ظاهرة في الامة ، و هي التي تدافع عن كرامة الامة و شرفها . 

ظهر القبول و الرضى على وجوههم ، لم يجبه منهم احد! كانوا مستسلمين

تماما امام هذا الارعن. لقد ذكرونا بملوك الطوائف في الاندلس عندما

كانوا يقفون اذلاء خانعين امام الملك القشتالي فرناندو ، انهم عار هذه الامة "

************** 

ليس من السهل على اي محب لقومه ان يتقبل هذه المهانة التي يمر بها

الانسان العربي ، و هذه الهامشية التي تصنف بها امتنا مقارنة مع الامم الاخرى .

واقع دموي ، مقدسات مدنسة و مستباحة ، شعوب تعيش تحت خط الفقر ،

هجرة للادمغة و للعامة ايضا بحثا عن حياة افضل . ركوب المخاطر للهروب

من جحيم الطغيان و الانفلات الامني و قساوة العيش ! نزيف بشري باحث

عن الامن و الحرية و هربا من سياط الجلادين و عيون العسس و جور الحكام .

امة يحكمها مجموعة من الرعاع المتخلفين ، قساة القلوب . نزعت منهم 

كل مزايا العزة و الكرامة العربية ، فاستحالوا ادوات بايدي الاعداء . سيوف

على رقاب المواطنين . هكذا تحولنا منذ سقوط الدولة العثمانية بعيد الحرب

العالمية الاولى ، و بدء عصر الانتدابات الى شراذم متفرقة ، يقفل كل افاق حدود

دويلته ويعبث بسياستها و بثرواتها و بدماء شعبها كيفما يشاء . هو الحاكم

المطلق ، يملك كل زمام الامور ، الدولة هو ، و هو الدولة . هو القائد للجيش

و المتحكم بالقضاء و بالمال العام و بالسياسة و الطبابة و حتى برغيف الخبز !

يأمر بالاعدام و السجن المؤبد ، يحرر الجريدة ، يلقن المذيع ، يحدد نوعية

الاكل و الشرب . ما يصدر عنه نافذ لا نقاش فيه . هو البرلمان و مجلس

الوزراء و الاعيان . هو من يحدد مناهج الدراسة ، و من ينجح او يرسب!

و في نهاية الامر الذي يتحمل نتائج هذا الارتجال و الجهل و التخلف و التراجع

في كل المجالات هو الشعب الفقير المغلوب على امره . كل شئ يمكن تحمله

في سبيل بناء الوطن . يمكن للمواطن البسيط ان يصبر و يقدم الغالي و النفيس

من اجل تطور البلد . و يقدم كل التضحيات دفاعا عن الوطن ، و في مواجهة

الاعداء . لكن المواطن المخلص الصابر يكتشف ان الحاكم متآمر على الوطن،

جاهز للتنازل عن استقلال البلاد للعدو القريب و البعيد من اجل بقاء كرسيه !

مستعد لبيع الاراضي و تسليم الاقتصاد للبنوك و الشركات الدوليه . لا يعنيه

الاقتصاد الوطني او التنمية ، لا يهمه ان يضع اعباء ثقيلة على كاهل الشعب ،

المهم بقاء السلطة له و من بعده للعائلة و العشيرة و الطائفة و الحزب .

ماذا فقدت الامة بانحطاط الحكام ؟ السؤال الاصح : ماذا بقي لدى الامة ؟

دماء و معتقلات و تعذيب و ظلم و تدمير للبلاد و تهجير مبرمج و فقر و امراض

و امتهان لانسانية الانسان و معاملة المواطن معاملة الحيوان بل اقل .

ثم الخنوع للغربي و الصهيوني و محاربة كل باحث عن الحرية و الكرامة .

و بعد ذلك يأتيك من يجهل مصلحته او باع حريته و كرامته او وجدانه و انسانيته

و يتساءل : لماذا قام العرب بانتفاضاتهم ، ماذا حققنا غير الدماء و التدمير !؟

ما فائدة الثورات على الحكام ، من المستفيد من التمرد و العصيان ؟ انه نوع

من استمراء المذلة و القبول بالظلم و بالحياة الرخيصة . اناس رضوا بالدنية

و اصبحت عندهم مناعة من سوط رجل المخابرات . آذانهم تترنم على الالفاظ

النابية و على التهكم من قبل الجلادين . و مع ذلك ينتظرون فرصة للهروب

من جحيم بلادهم و الاغتراب في اوطان لا تتحدث لغتهم و لا ينتمون لثقافاتهم

و لا يمارسون شعائرهم الدينية ويختلفون عن عاداتهم و تقاليدهم و حتى طعامهم

و شرابهم او طريقة حياتهم . يختارون الموت في البحار ، او الذل في

مخيمات اللجوء ، و لا يدرون من السبب في معاناتهم ، او انهم لا يريدون

معرفة السبب ! نوع من الانفصام الشديد عند من ينكر على غيره الغضب !

نعم لم تنجح الثورات العربية لسببين : الاول ان الشعوب العربية غير مهيأة

لنقلة نوعية تغير من خارطة الواقع الرسمي القائم على الحكم المطلق نحو

الاختيار الحر القائم على البرنامج لا على الشخص . و الثاني ان القوى الطليعية

ليست مؤهلة لتغيير جذري كبير ، و لم تعد العدة لمواجهة مكائد الاعداء

الداخليين و الخارجيين . و لهذا تم اختراقها من قبل مجموعات اجرامية

خربت على الثورات، و دمرت كل الانجازات ، و ضيعت كل التضحيات .

ان كل ما جرى و يجرى يعتبر فرصة للاستفادة من التجربة . هذا هو حال 

الثورات في كل العالم ، اخفاق مرة و نجاح في مرة اخرى . المهم ان تُقرأ

التجارب جيدا ، و المهم ان يعرف الانسان البسيط ان للحرية ثمن . و ان زوال

الفساد و المفسدين ليس سهلا ، بل ربما يكلف غاليا .





google-playkhamsatmostaqltradent