*بقلم:* عبد المجيد العوض
*المصدر:* موقع مدينة القدس
الطعن والدهس هما السمتان الرئيسيتان لانتفاضة القدس المباركة التي اندلعت في الأول من أكتوبر من العام الماضي، دفاعاً عن الشعب والأرض والمقدسات، هاتان السمتان اللتان لم تفارقا أحداث الانتفاضة عاماً كاملاً دون كللٍ أو ملل، بل بوتيرة مرتفعة بين الحين والآخر، أبهرتا العالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني المعطاء ما زال لديه المزيد من التضحيات والبطولات ليقدمها دفاعاً عن قضيته الفلسطينية المقدسة، وليؤكد للاحتلال أن المسجد الأقصى والمقدسات فوق أي اعتبار..
نجح الشعب الفلسطيني المقاوم والثائر في الضفة الغربية والقدس وأراضي الـ48 _حتى الآن_ بتنفيذ أكثر من 535 عملية تنوعت ما بين عمليات اطلاق نار وطعن ودهس، فأوقعوا 40 قتيلاً إسرائيلياً، وأكثر من 750جريحاً.
وقدم الفلسطينيون في العام الأول من عمر الانتفاضة أكثر من 245 شهيداً و4773 جريحاً، في عملياتٍ بطوليةٍ الطابع الغالب عليها، أنها عمليات فردية جاءت كرد فعل طبيعي على الممارسات الصهيونية المستفزة بحق شعبنا الفلسطيني ومقدساته.
فسخيةٌ هي الابتكارات النوعية والبطولية التي يبتكرها الفلسطينيون في كل انتفاضة، وأكثرها عزة ومفخرة ورجولة هي الانتفاضة التي تزيد من هيبتها عمليات الدهس والطعن، في ظل مراقبةٍ صهيونيةٍ حادة وتواطئٍ رسميٍ فلسطيني وتخاذلٍ عربيٍّ على العلن، ولكن الإرادة الفلسطينية تكسر كل مراقبةٍ وتواطئٍ وتخاذلٍ من أي كان، والتاريخ يثبت ذلك، لأن فلسطين رفضت الاحتلال منذ أن وُلد وإلى الأبد..!
بعد عام كامل من انطلاقتها، 6236 نقطة مواجهة مع العدو الصهيوني في كل من الضفة والقدس والمناطق الحدودية لقطاع غزة وأراضي الـ48، إذاً.. هي انتفاضة بكل المقايس، لأنها وحدت الشعب الفلسطيني في الميدان، وأرعبت الاحتلال وسياسييه ومحلليه، وبدأت الاعترافات تتوالى منهم بأنها انتفاضةٌ يجب أن تُكسر وتُردع، لأنها وضعت حداً للمراهنات _العربية والفلسطينية والأوروبية والأمريكية_ على مشاريع التسوية، وردعت منظومة الأمن الفردي والجماعي الصهيوني، ويجب أن تكسر لأنها أيضاً قد تكون سبباً في كسر الانقسام الفلسطيني الذي يعمل الاحتلال على تثبيت جذوره منذ العام 2007 وحتى الآن..
انتفاضة ولكنها تفتقر إلى غطاءٍ سياسيّ يدعمها ويطورها، وإعلامي مقاوم يغطي إنجازاتها، وشعب قادرُ على طعن ودهس التنسيق الأمني المقدس بين سَلَطتنا الفلسطينية وبين عدونا الصهيوني، ومصباح أبو صبيح يُجدد شعلتها وينير دربها بيت الفترة والأخرى..!
انتفاضة ولكنها تفتقر إلى من يدعمها مالياً لتطويرها ولمساعدة من ينتمي إليها، فالشهداء والجرحى والأسرى لا بد من الاعتناء بهم وتقديم الدعم الكامل لهم، لأنهم بحق نبراس المقاومة الفلسطينية..
وبالرغم من العقبات التي تقف في وجه الانتفاضة، إلا أنه لا يمكننا أن نقول أنها انتفاضة عابرة في تاريخ ونضال الشعب الفلسطيني، بل هي انتفاضة بكل ما للكلمة من معنى، وخصوصاً لأن الشباب هم من يخوضونها بدمائهم وتضحياتهم، في هذا الزمن الذي تغيرت فيه بوصلة الأمة الرئيسية "فلسطين، وبالرغم من وجود نقاط ضعف في هذه الانتفاضة إلا أن نقاط القوة والدماء هي التي تطغى دائماً، وما الدماء التي تُسطر تاريخ التحرير إلا استمراراً للانتفاضتين السابقتين، وتثبيتاً لنهج الجهاد والمقاومة كخيار وحيد لاستعادة الأرض والمقدسات، لأن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة..

