وكالة القدس للأنباء - خاص
لايكفي أن تعيش مرارة اللجوء مرة واحدة وإلا لن تكون فلسطينياً، هذا ما يجسده الفلسطيني محمود رزق أبوتركي (58 عاماً) من بلدة طبريا المحتلة، الذي رمت به الأقدار في الطريق ليجد نفسه دون عائلة ودون سقف يأويه، فافترش الأرض والتحف السماء في بقعة أرض مقابل مخيم مارالياس في بيروت، حيث تنتشرالمراكزالرئيسية لمعظم الفصائل الفلسطينية والمكاتب الرسمية للجمعيات الأهلية التي تم تأسيسها أصلاً لخدمة الإنسان والدفاع عن حقوقه، المكان يفتقد إلى أدنى مقومات الحياة ولا يصلح للعيش الآدمي، فمن قطعة قماش صنع الرجل "سقفاً لغرفة نوم"، ومن قطعة قماش أخرى أقام ما يشبه حماماً صغيراً تنبعث منه روائح كريهة تهدد حياته بأمراض مستعصية إن لم تتدارك المؤسسات الإجتماعية والتنظيمات الفلسطينية الأمر وتهب لمساعدته ، وهو الذي عرف النخوة يوماً وساعد الكثير من أبناء شعبه عندما كانت الناس تطلب منه المساعدة .
"وكالة القدس للأنباء" زارت أبو تركي في خيمته للتعرف إليه والظروف التي أوصلته إلى هذا الوضع الصعب، فروى تفاصيل مثيرة ومؤلمة .
صامد بوجه كل الظروف القاسية
إستقبلنا أبو تركي بابتسامة معبرة:"سكنت بالخيمة لأنه ما وجدت ملجأ لحتى أكمل بقية حياتي فيه، وما بروح ولا باجي بطلب المساعدة من حدا، الناس الخيرين من المعارف القديمة أوقات بيجو بيزوروني وبقدمولي شوية معلبات، وهياتني قاعد هون صامد بوجه كل الظروف وما بستجدي عطف الناس".
وأضاف:"أنا معلم كهرباء وكنت ضابط لاسلكي في حركة "فتح" أيام الثورة، وقديت 3/4 حياتي في الثورة الفلسطينية بعمل باللاسلكي ضمن مجموعة الشهيد أبوجهاد الوزير".
وقال :"بدأت أعاني من حالة نفسية عندما تعرضت للإصابة أثناء تواجدي على جبهة الخيام في الجنوب اللبناني، وبعد إنشقاق فتح وتقاتلها في ما بينها أثر سلباً على حياتي ومنذ سنة 84 تركت الخدمة في حركة "فتح" بسبب المحسوبيات ووصول أشخاص لا نعرفهم وتسلموا زمام المبادرة في الحركة."
وتابع:"أنا متزوج ولدي ولدين ولا أعلم عنهم شيئاً وكل اللي بعرفه إنه في ولد بألمانيا والثاني محبوس بسوريا".
المطالبة بمساعدات وتقديم مسكن
وأوضح أبو تركي :"لا يوجد أي دعم من منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن خدمتها أكثرمن ثلاثين سنة، لذا أطالب السفارة الفلسطينية بالنظر بوضعي وكبر سني، وكوني كنت ضابطاً في حركة فتح لغاية سنة 84، بتأمين مسكن لائق وإعادة تفعيل المخصص المالي الذي كنت أتقاضاه أثناء خدمتي للحركة، وهذا رقم الخدمة العسكرية في الحركة ( 521009) ويقول:"لوكان الرئيس أبوعمار حياً لما رضي بهذا الوضع الذي وصلت إليه".
حالة أبو تركي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ، فهناك الكثير من الحالات المشابهة في مجتمعنا الفلسطيني، والسؤال إلى متى تستمر المؤسسات الإجتماعية والجهات المعنية التي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن مكان الخيمة، غض النظرعما يحصل، وعدم تقديم المساعدة لأبي تركي في إيجاد مأوى لائق له قبل حلول فصل الشتاء.
