بين عرابة و سخنين .. في المثلث و الجليل ، مسافة من الحنين و الشوق و التضحيات .
هناك في تلك الارض الخضراء ، خلف الخط الاخضر ، اناس يعرفون تاريخهم جيدا.
يعلمون ان الجذور العربية -الاسلامية تمتد عميقا في هذه الارض ، التي حباها الله بالبركة .
على الخط الممتد من الناقورة الى غزه ، و من طبريا الى النقب ، اراض متآخية مع القدس
و الضفة تشكل مستقر لشعب عرف كيف يحيا و كيف يختار الشهادة . شعب تجمل
بروح الفداء و الاباء . مجموعة بشرية رفضت الخنوع و الذل و الاندثار. اختارت
منذ وطئت هذه الارض البقاء في مواجهة الاعاصير التي أتت تارة من الغرب و اخرى
من الشرق ، و اعلنت في كل حقبة من حقب التاريخ ولادة جيل جديد من الثائرين ،
جيل شهداء ابناء شهداء احفاد شهداء . هنا في هذه البقعة الجغرافية المقدسة ، على هذه المساحة
المباركة الملونه بالاحمر القاني سقطت كبريات الممالك ، انكسر الغزاة و الفاتحين .
هنا تقع حطين و عين جالوت و بيسان ، هنا عكا و ما ادراك ما عكا ؟ هنا الصمود الاسطوري
و الملاحم الكبرى . هنا يرقد مئات الصحابة ، و الصالحين و الابطال و القادة .
عندما سلم العبيديون الباطنيون ارض فلسطين للصليبيين أبى اهل فلسطين
الا ان يواجهوا الغزو الصليبي ، و قدموا 70 الف شهيد دفاعا عن الارض المقدسه .
هنا تحطمت ممالك العبرانيين و الرومان . هنا انكسر الفرس و الصليبيين و المغول .
هنا اختار الانبياء عليهم السلام ارض غربتهم و مهجرهم . هنا ولد اسماعيل و اسحق
و يعقوب و يوسف و سليمان و زكريا و يحيى و عيسى عليهم السلام . هنا تمنى موسى
عليه السلام ان يدفن و لو على مرمى حجر . على هذه الارض وحدها اجتمع كل الانبياء
من آدم الى عيسى عليهم السلام ، اجتمعوا مع خير النبيين و افضل الخلق و صلوا خلفه .
الى هذه الارض الطيبه جاء الخليفة عمر ليتسلم مفاتيح المدينة المقدسة ، و لم يخرج
امير المؤمنين من الجزيرة العربيه الا الى هذا المكان المقدس . فهل تستحق هذه الارض
التضحيات؟ سؤال لو سألته للطير و الشجر و الحجر و النجوم و الكواكب لاجابوا عليه
بنعم .. هذه الارض تستحق كل التضحيات . لا ينبغي لهذه الارض ان تدنس من اخوان
القردة و الخنازير ، قتلة الانبياء و الابرياء . يجب ان تكون طاهرة مطهرة ليوم المحشر.
على هذه الارض وقف الرجال الشجعان بصدورهم العارية في وجه جنود الاحتلال .
قالوا بصوت واحد : لن تهود الارض مابقيت ارواحنا ، فسالت الدماء دفاعا عن الارض .
ارتوت الارض من العروق النازفة ،و خرجت القرى و المدن لتزف شهدائها .
بعد اربعين عاما و الى يوم القيامة سيبقى الفلسطيني متشبثا بارضه لا يساوم عليها .
ايها المحتلون اخرجوا من الارض الطاهرة المقدسة ، قبل ان يأتي اليوم الذي تبحثون
به عن مخبأ فلا تجدون ... اهربوا .. اسمعوا نصيحة عدو لكم ، عودوا الى
البلاد التي جئتم انتم و اجدادكم منها . عندما تدق ساعة الحقيقه لن يكون لكم مفر من جنودٍ
اولي بأس شديد ، حين يجوسون خلال الديار و يكون امر الله مفعولا .
و انتم ايها المرابطون الذين تسقون الارض من عروقكم النابضة ، انكم على موعد
مع الحقيقة التاريخية التي لا مرد لها ، حقيقة الانعتاق و النصر ،
يوم يفرح المؤمنون بنصر الله عزوجل .

