recent
أخبار ساخنة

للخنساء الفلسطينية السلام

الصفحة الرئيسية

" قلدت ابنها السلاح

ودعته الوداع الأخير

قبلها لآخر مرة

وجلست تلك الليلة تصلي منتظرة استشهاده

وجاء خبر استشهاده فكبرت وسجدت لله شاكرة

و زغردت و أعلنا الفرح واطمأن قلبى على محمد

فهو يعيش الآن حياة أسعد "

لا ادري كيف تمكنت اخيرا من الكتابة عن هذه العملاقة الفلسطينيه ، هذه الشجرة المزروعة

عميقا في ارض الرباط . زرعها الاجداد المهاجرون الى ارض كنعان قبل سبعة آلاف عام ،

ثم أثمرت يوم استلم الفاروق مفاتيح القدس من سفرينوس ، و اعاد غرسها صلاح الدين

بعد حطين . انها شجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء . عندما كنا صغارا و قرأنا

عن الخنساء دهشنا ان هناك نساء صبرن و احتسبن بعدما خسرن فلذات

اكبادهن واحدا تلو الآخر . كنا نقول ان هذا الصنف من الامهات لا يمكن ان يتكرر في زماننا 

بقينا على هذا الافتراض حتى شاهدنا امهات يودعن ابنائهن وهم في رحلة الشهادة . 

كنا نعتقد اننا في حلم ، و ان الزمان غير الزمان ، و المكان غير المكان . 

كانت ام نضال واحده من ابرز من اعاد لنا مجد التاريخ ، و رفع الى الحقيقة الراسخة

معاني العزة و الكرامة و البذل و العطاء . اختلفت هذه السيدة عن بقية السيدات . 

و لانها كذلك فإن التاريخ المعاصر لن يمر عنها و عن امثالها دون ان يترك لها صفحة

ناصعة نقية يقرؤها الجيل القادم. 

اراد اليهود و الغربيون ان يُظهروا هذه المرأة بلا قلب و لا عاطفة . فكيف للام ان تودع

ابنها التي تعرف مسبقا انها لن تلقاه في هذه الدنيا . كيف تبتسم و تحضنه و تقبله قبلة

الوداع و كأنها تزفه الى عروسه ! أين قلب الام ،الامهات الفلسطينيات لا يحببن اولادهن ! 

لكن الام الفلسطينيه سرعان ما تجيب ، و ترد على القلوب الميته التي تدعي الرحمه

و العاطفه ، تقول بثقة و ايمان و بكل رباطة جأش: 

نحن نحب اولادنا اكثر من ارواحنا ، عواطفنا تجاههم لا حدود لها ، انه حب يفوق الوصف ،

لا يتخيله كاتب و محلل و فيلسوف ، لكننا " أيها الخواجات " نحب الله و رسوله اكثر

من انفسنا و اولادنا و اموالنا . نؤثر مقدساتنا و اوطاننا على ارواحنا . كرامتنا و عزتنا

و حريتنا اهم من دمائنا ، انكم لن تفهموا هذه العلاقة الجدليه بيننا و بين تراب الوطن. 

بين ماضينا و حاضرنا و مستقبلنا . لن تفهموا ماذا يعني ان تكون مسلما عربيا فلسطينيا. 

و لن تعرفوا مدى عمق علاقتنا اليقينيه بديننا، لهذا تجدوا الامر غريبا..

صعبا على الفهم . اما نحن فإننا نفهم استغرابكم ، لاننا نعرف مدى حب الذات عندكم

و كم تفضلون انفسكم على كل شئ ، نعرف تعلقكم بالحياة . الفرق بيننا اننا نعتبر الحياة

ممرا و ليس مستقرا ، اما الحياة الحقيقيه فهي هناك ، حيث يفرح الفائزون ، و يخيب

امل الخاسرون . 

ام نضال فرحات ام لثلاثة شهداء شبان في عمر الورود . فرحت لان الله تعالى وهبها

هذه الكرامه ، و اختبر صبرها و احتسابها . فرحت لانها تدرك مكانة الشهيد عند الله 

و لان ثقتها بالله عزوجل ثقة غير متناهيه فإنها كانت ترفض البكاء و العزاء . 

كانت تقول للنسوة باركوا لي ،فإن من يقتل في سبيل حي و ليس بميت 

رحم الله هذه الام الفلسطينيه الصابرة ، التي انحازت لذروة سنام الاسلام . 

نسأل الله ان يلحقنا باولادها و يكرمنا بالشهادة في سبيله ، هناك على ساحات الاقصى المبارك .

يوم يتكلم الحجر و الشجر ، و يكون للاسلام صولة و جولة .





ماهر الصديق
google-playkhamsatmostaqltradent