recent
أخبار ساخنة

كل نكسة و انتم بخير بقلم : ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية


درجت العادة حتى في اكثر الدول تخلفا ان تسقط حكومات ، و تقال وزارات، و تنتفض

شعوب بعد حدوث الهزائم .بل ان حكومات و احزاب تختفي من الوجود بسبب

اخفاقات اقتصاديه او سياسيه او فضائح اخلاقيه او ماليه في البلدان الاكثر تطبيقا

للديمقراطيه ! الا عندنا فإن النظام السياسي يُستنسخ ،و يُعاد انتاجه بوجوه

و اسماء جديده !و يبقى المزاج الشعبي كما هو لا يتبدل خصوصا بعد خطبة 

"عصماء" يشرح فيها الزعيم اسباب الخلل ، و يقلل من عظم المصاب . يعدد 

القوى المعاديه المشترِكه ، و المؤامرات التي حيكت و سببت تلك الاخفاقات و التراجعات .

هكذا بسهوله تتسامح شعوبنا و تتفهم ما حصل، بل و تنزل للشوارع هاتفه بحياة القائد

ووطنيته و براعته بالحكم . من اجل كل هذا تبقى الامة على حال من العجز و الخمول

وواقع متأزم و ازدياد في التبعية و استمرار في التراجع الاقتصادي و السياسي

و انعدام للديمقراطيه و فقدان للحريات و غياب للقانون و العدالة . الامم لا تتقدم خطوه الى 

الامام اذا فقدت المراجعات و الوقفات النقديه امام اي نوع من المشكلات العامه، اسبابها

و سبل مواجهتها و محاسبة المسؤول عنها .اذا لم تقم بتنفيذ عمليات تغيير

جذريه ، تأتي بكفاءات جديده تؤسس لواقع مغاير . و تعد العدة لمواجهة التداعيات

التي خلفتها الاخفاقات ، مستفيده من التجربه بكافة تفاصيلها الايجابيه و السلبيه .

هذا بنظري ما يجب ان تقوم عليه مجتمعاتنا حتى تتحرر

من الرواسب التي تسببها الانظمه المتخلفه العاجزه .

أسئلة تتبادر للذهن في واقعنا العربي الغريب المتناقض : لماذا نخشى التغيير ، 

أين المحاسبه ، و كيف تنهض الامة و تتعافى ؟ ماذا يمنعنا من التغيير ، 

هل انعدمت البدائل، و هل يجب على الامة ان تبقى

رهينة فساد و عجز الحاكم الى ان يموت ؟ ثم قبل موته يورث ابنه او قريبه او واحد

من افراد قبيلته او فرد من حزبه ! لقد عرف اجدادنا العرب حتى في الجاهليه طرق 

مواجهة العجز لدى الحاكم ، ذلك من خلال تنحيته و تولية غيره في الزعامة ، او جعله 

حاكما رمزيا لا قيمة له الا بالتشريفات . لا يتخذ القرارات بنفسه، وفي بعض

الاحيان يحجرون عليه اذا كان ذلك ضروريا . و في صدر الاسلام كان الخلفاء

يعزلون الولاة و القاده حينما يكون ذلك في مصلحة الامة ، و اشهر عزل كان عزل

عمر لسعد بن ابي وقاص و خالد بن الوليد و عزل عثمان لعمرو بن العاص 

و المغيره بن شعبه رضي الله عنهم ، و عن الصحابة اجمعين .

لم يتردد الخلفاء عن عزل من كان يخفق في عمله ، او من كان للرعية ملاحظات

عليه . بعض تلك الملاحظات و الشكايات لم تكن وجيهه ، لكن الخلفاء كانوا يرون

بان رضى الشعب على الحاكم مهم في بقاء الدوله قوية و متماسكه و قادرة على 

مواجهة الصعاب . ان محاسبة المسؤولين عن اخفاقاتهم لا تمثل سببا من اسباب النجاح

فقط بل تمنع تكرار الاخطاء و تضع حدا لتمادي المسؤولين، و تحول دون استهتار 

من يليهم من الاستمرار بنفس الاسلوب العبثي و اللامبالي . لان الهزائم و المشكلات

الكبيره لا تكون الا بوجود عجز في القدرات القياديه ، و في المؤسسات التابعه

لها ، المعنيه بالتخطيط و البحث و المتابعه . و لا يمكن لامة تريد التفوق و الحفاظ

على البلاد و مقدراتها ان تقبل المبررات التي عادة ما تلي النكسات و التي

يتفنن في صياغتها حاشية الحكام من مفكرين و رجال دين و ادباء و اعلاميين .

فبدهائهم يصورون الهزيمة نصر و المهزومين ابطال ! و يقللون

من كمية و قيمة الخسائر البشريه و النفسية و الاقتصاديه ! ان اقل ما يمكن فعله

في تلك الظروف هو عزل الحاكم و المسؤولين المباشرين عن العجز ، هذا اذا لم

يتحولوا للمحاكم و المحاسبة ! اما بقاء الواقع بعد الهزائم كما كان عليه قبلها فإنه يعطل

استعادة الامة لكرامتها ، و يدمر الروح المعنوية لابنائها ، و يزيد من التراجعات

و يلحق الامة بالقوى العالمية الكبرى كتابعة لها ، و رهينة لسياساتها التي تكون

في معظمها معادية لتطلعات الامة و استقلالها .اما في الوضع المحلي فان 

كرامة المواطن تتعرض للأذى ، وتتضاءل الحريات الى ادنى مستوياتها ، و تتحكم

في سياسات البلاد حفنة من الجهله . و في ثرواتها مجموعه من المرابين و اصحاب

البنوك و المؤسسات الماليه التي في الغالب يكون لها مصالح و ارتباطات خارجيه .

لقد تعرضت الامة لنكسات متكرره منذ 1948 ، و بقيت الانظمه نفسها ، لم يتغير

بها سوى الاسماء . و بقيت الشعوب تنظر للحاكم و حاشيته نظرة قداسة ،

و كأن الاقتراب من الحاكم و اركان حكمه يمثل اختراقا لتلك القداسة .و بقي 

الاستبداد قائما بل تجددت ادواته ووسائله القمعيه . و لا زالت مقولة رئيس

الوزراء " الصهيوني" بن غوريون :

" العرب قوم لا يقرؤون وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فَهِموا لا يطبِّقون " 

انها مقولة تؤرقنا ، ما لم نغير من اسلوبنا في انظمة الحكم !

فمتى نثبت للعالم اننا نقرأ و نفهم و نطبق ؟ ، و ان الامة قادرة على استعادة

مكانتها ، وقد بدأت السير الى الامام بخطوات واثقة قوية . و ان لا قداسة لاحد

في هذا الزمن . فالحاكم العاجز المتخلف لا مكان له على رأس الهرم ، ان مكانه

في بيته او في مأوى العجزه . و من هنا الى ذاك الوقت نقول لابناء امتنا :

كل نكسة و انتم بخير .. كل هزيمة و انتم كما انتم . 


google-playkhamsatmostaqltradent