استكمالا لطمس معالم غزة وتراثها…الاحتلال يدمر سوق القيسارية التاريخي
غزة - عبد الغني الشامي - قدس برس
دمرت طائرات الاحتلال، أمس الخميس، سوق القيسارية التاريخي وسط مدينة غزة، والذي يعتبر أحد اهم المعالم التاريخية التجارية والصناعية لمدينة غزة، والذي بني في العهد الروماني.
وبحسب سكان محليون فان طائرات الاحتلال أطلقت صاروخا تجاه هذا السوق التاريخي الملاصق من الناحية الجنوبية للجامع العمري "الكبير" الذي دمر قبل 7 أشهر مع بداية حرب الإبادة على غزة.
ويعتبر سوق القيسارية أحد أشكال المنشآت التجارية الحِرَفِيَّة الصناعية، التي عُرفت في العهد الروماني، وذلك خلال عهد القيصر الروماني، الذي توسعت في عهده تجارة الحرير الطبيعي الآتية من الصين.
ويوثق "الدليل الاثري" لمدينة غزة السوق بانه كان من المنشآت التي تخدم التجارة وتنمية الاقتصاد، موضحا ان (القيسارية) كلمة يونانية، بمعنى السوق، وأطلقت بعد ذلك على الشوارع التجارية في المدن، وكانت تنسب لأصحابها أو لما يُباع فيها، واستمرت في جميع العصور الإسلامية.
وضمت عدداً من الحوانيت، وهي مشابهة للأسواق، وكانت كل قيسارية مستقلة بذاتها، كما كان شكلها مستطيل أو مربع، وتصطف الدكاكين بداخلها، وكان لها أبواب خارجية يقوم على حراستها حارسان أو حارس واحد، ويعلو هذه المحلات طابق لسكن التجار، وكان يُلحق بكل قيسارية دورة مياه وحمام، وأحياناً يكون أعلى القيسارية مسجد، وتجمع الكلمة على (قيساريات).
ويقع سوق القيسارية في حي الدرج بالبلدة القديمة بمدينة غزة؛ وهو من أهم الأسواق الأثرية التي ما زالت باقية في المدينة، ويطلق عليه العامة اسم (سوق الذهب)؛ نظراً لكون جميع ما به من محلات تتاجر بالذهب.
ويعود تاريخ إنشاء السوق للعصر المملوكي عندما تم فتح المدخل الجنوبي لمصلى الجامع العمري، حيث أُنشِئَ في عهد السلطان المملوكي الناصر (محمد بن قلاوون) بواسطة الأمير (تنكز الناصري)، وذلك في شهر محرم عام (730ه/1329م).
ويقع السوق ملاصقاً للجدار الجنوبي للمسجد العمري "الكبير"، وهو عبارة عن شارع ضيق مسقوف بقبو مدبب وطوله حوالي(60) متراً، وعرضه لا يتجاوز(3) أمتار، وعلى جانبيه تصطف حوانيت تجارية صغيرة، ويبلغ عرضه على الشارع حوالي(2) متر، ويعلو المدخل الشرقي عقد مدبب كبير، والذي يعد من أهم العناصر المعمارية المميزة له والتي ما زالت باقية على حالها.
وقامت وزارة السياحة والآثار في العام 2021، وبالتعاون مع الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية وبلدية غزة، بالتواصل مع المؤسسات الدولية للحصول على تمويل لصيانة وترميم السوق، وقد تمت المرحلة الأولى من المشروع، والتي شملت صيانة الشارع المار بالسوق، وخصوصا تركيب شبكة أنابيب أرضية؛ لتصريف مياه الأمطار، والتي كانت تعيق حركة المواطنين، بالإضافة إلى الوفود الزائرة للبلدة القديمة.
ويشار الى ان دولة الاحتلال عمدت منذ بداية الحرب على تدمير منهج للمعالم التاريخية والمواقع الاثرية في قطاع غزة حيث تم تدمير قرابة 280 موقعا ومعلما، يصعب إعادة ترميم بعضها.