بقلم: ميرا حسن
دورثي كلاوس مديرة الاونروا في لبنان، وصاحبة أطروحة الدكتوراه في العام 2003" بعنوان اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. الى أين ينتمون"، يبدو أنك يا سعادة المديرة العامة لم تجتهدي جيدا وانتي تحضرين رسالتك عن انتماء اللاجئين، أو لم تعجبك حقيقة البحث عنهم، او صدمتك نتائج البحث التي حتماً انها قادتك للحقيقة التابثة والراسخة عن هؤلاء اللاجئين الذين يسكنون الصفيح ولا يرون الشمس العابرة بين الازقة والحارات، لأنهم يسكنون الوطن والارض والديار، وشمسهم الوحيدة هي شمس الحرية والكرامة ،، شمس الانتماء لفلسطين، حتما انك شاهدتي ورأيتي وتحدثتي مع الاطفال الذين ينشدون العودة الى الديار، وحتما انهم قالوا لك ان فلسطين تسكن قلوبهم رغم كل المسافات وكل المؤامرات لانها الحلم والحقيقة في آن معاً، فهي الحلم المنشود والحقيقة الراسخة بأنها ستعود وسيبقوا يرفعون رايتها ولا يسطيع احد في الكون أن ينزع منهم هذا الحلم او ينكس هذه الراية.
دورثي كلاوس، القادمة من المانيا،، تلك البلاد التي أرسلت اساطيلها وبوارجها لتحمي كيان الارهاب والعدوان الاسرائيلي، جاءت الينا في العام 2023، وعينت مديرة لشؤون الاونروا في لبنان، فطافت المخيمات وجلست مع الاطفال وكبار السن في مسرحية ومشاهد بهلوانية اعتدنا على رؤيتها ممن يلبسون الاقنعة، ويمتهنون أساليب الخداع، فحاولت أن توحي وكأنها المنقذ والمسعف والقبطان القادر على تسيير سفينة الوكالة نحو بر الامان، فرفعت شعار الاصلاح ووقف الفساد والتنمية واصلاح التعليم وغيرها من الشعارات التي عملت على ايهام مجتمع اللاجئين بها، فصدقها البعض البسيط ، أو الباحث عن المنقذ، وقال البعض لماذا لا نعطيها الفرصة ونتعاطف معها رغم قساوة الألم، فكلامها جميل ولسانها معسول وحركتها سريعة ودورانها ملفت، لندعها تأخذ حقها ووقتها لاحداث التطوير والاصلاح...
فما هي الا شهور عدة، واذا بالحقيقة تبدأ بالظهور، ويقع القناع أرضاً، بل هي توقعه لانها لا تمتلك الوقت الطويل لممارسة المسرحيات البهلوانية، ولديها تكليف ووظيفة ومهمة لا تحتمل التأخير أكثر.. فبدأت تسحب سيوفها وتنثر أشواكها في جسد اللاجئين المثخنين بالاوجاع والهموم والمعاناة، فاصلاح التعليم وشعار التطوير نفذته بالغاء بعض المدارس وبالمماطلة بسد الشواغر بالمعلمين وزادت نسبة المتسربين وحرمت الآلاف من الطلبة من حقهم بالمواصلات التي كانت تدفع لهم بالاعوام التي سبقت، ورفعت شعار لا تمويل لبناء اية مدارس او صفوف جديدة وسعت الى تنفيذ مشروع اخراج المدارس من عين الحلوة بشكل نهائي الى الخارج بحجة وذريعة الاحداث الامنية، وكأن كل منطقة يحصل فيها احداث يحرم اهلها من حق ابنائهم بالتعليم ، وهذا المشروع الجميع يعلم خلفياته القديمة الجديدة لضرب المخيمات والضغط على سكانها باطار استهداف حق العودة وما يمثل المخيم من حالة رمزية تشكل أحد مقومات القرار 194، وافراغ المخيم من مؤسساته يعني دفع اللاجئين الى الهجرة وتحويل مؤسسات الاونروا للدولة المضيفة.
هذا بعض من الأمثلة على سياسة الاصلاح والخداع التي تكشفت عن دورثي كلاوس، والحال يمتد ليشمل كل القطاعات والخدمات فقسم الشؤون حدث ولا حرج ، حيث شطبت العديد من الوظائف ورفضت اعتماد وتسجيل اية حالات جديدة، والمنازل الآيلة للسقوط كل يوم نسمع رواية عن الاطفال وكبار السن الذين تهبط السقوف والجدران فوق رؤسهم فتلبس السيدة كلاوس الزي الاسود وتدهب لمواساتهم وتعزيتهم، وفي الصحة عشرات المناشدات للتبرع للمرضى والعمليات نراها يوميا على وسائل التواصل بسبب عدم تغطية الوكالة لكامل العلاج، وفي اوضاع النازحين وحالات العسر الشديد نشهد ونسمع صرخاتهم منذ اشهر عن توقف الاونروا عن دفع المساعدات لهم وتقليص قيمتها والتهديد بوقفها نتيجةعدم توفر التمويل.
أما بصمة العين فتلك حكاية أخرى ، فجالت وصالت لأشهر وطرقت كل الابواب لتنفذ هذا المشروع الذي يحمل ما يحمل من هواجس وله ما له من مخاطر، لكنها مكلفة من وراء الحدود بتنفيذ هذا الاجراء الغامض والخطر بكل زواياه، وأما سياسة التسلط والكيدية تجاه كل من لا يمشي بمسارها فهناك ضحايا كثر وقعوا بشباكه ، فمنهم من فرضت عليه الاستقالة أو عزلته من موقعه او سلبت صلاحياته ، لأنها مكلفة وعليها تنفيذ المهمة ولا ينبغي ان يقف أحد بوجهها.
وليس آخراً سيف الحيادية الذي امتشقته قبل وبعد معركة طوفان الاقصى التي وجدت فيها اللحظة المناسبة لرفعه، فبتث رسائل الترهيب للعاملين وتحذيرهم من التعبير عن انتمائهم لشعب يذبح ويقتل ويباد وتهبط فوق رؤوسه القذائف، واياكم ان تصرخوا او تعبروا عن وجعكم وتضامنكم مع اخوتكم وابناء شعبكم، فهذا ارهاب وهذا خرق للحيادية المرسومة على قياس المصالح الاسرائيلية والامريكية.
أخيراً ما أقدمت عليه من اجراءات بحق العاملين في الوكالة ومحاولتها شق وقمع وضرب العمل النقابي لتمهد الطريق لمشروعها التصفوي، فرفعت البطاقة الحمراء الممهورة بالختم الامريكي .. لتطال باجراءاتها وقراراتها الظالمة اثنين من القادة النقابيين في الاونروا رائف أحمد وفتح الشريف وقبلهم ومعهم عدد أخر من العاملين، ومعروف دورهم وتأثيرهم في التحركات النقابية التي حتما لا تعجب المديرة العامة، فأرادت برفع بطاقتها الحمراء ان توجه رسالة لكل العاملين وهيئاتهم النقابية، فحواها هو الترهيب لكل من يقف بوجه المشروع وبوجه المهمة الموكلة اليها.هذا غيض من فيض لا يتسع المجال هنا لسرد كل فصول مسرحيتها، وسيوفها التي تخرجها كل صباح ومساء حسب التوقيت الامريكي.
رسالتي الى شعبنا وكل حريص وكل مسؤول، الى سعادة السفير الفلسطيني، الى فصائلنا وكل الهيئات أسدلوا الستار عن هذه المسرحية السوداء، كفاهاً تمثيلاً ورقصاً على انغام معاناة شعبنا، شعبنا يستحق ان يعيش بكرامة، ونحن اصحاب الكرامة ،ولا نرضى المهانة، فلا ترضوا ان تتحكم بمستقل شعبنا بارعة التمثيل والبهلوانية ، ارفعوا صوتكم على قلب رجل واحد، توحدوا على كل من يظلم شعبنا ، لترحل دورثي كلاوس، فخداعها انكشف ومسرحيتها انتهت، فلتعود من حيث أتت ...