recent
أخبار الساخنة

*غزوة ذات "البكيني"!*

الصفحة الرئيسية






🌸

نادى سيدنا نوحٌ في الحيوانات مرَّةً واحدة فركبوا معه في السّفينة، وأمضى ٩٥٠ سنةً يُنادي النّاس ليركبوا، فلم يستجِبْ له إلا القليل!
فإن كان ثمَّ درسٌ يُستفاد فهو: غريزة سليمة أفضل من عقلٍ مريض!

في الأسبوع الماضي وفي مدينة صيدا، كان أحد علماء المدينة على الشاطىء رفقة شباب المسجد، وكان هناك امرأة من خارج المدينة رفقة زوجها ترتدي "البكيني"! ولمن يعرف صيدا، وتركيبتها، فهذا مشهد مستفز غريب، فما كان من الشيخ إلا كلّم زوجها بأدب واحترام، وأخبره أنّ هذا منظر غير لائق، وانفضَّ الحوار بمغادرة المرأة وزوجها!
ثم بدأت الحكاية!
لم تبقَ قناة تلفزيونية لبنانيّة إلا وغطّت الخبر!
بعضها وصف الموقف بأنه اعتداء على الحريات العامة! مدينة بأكملها تحرم امرأةً من حقِّ البرونزاج! يا للتطرف!
وبعضها "دعشَنَ" الشيخ!
وبعضها سألَ هذا البلد إلى أين؟!
وأما النسويات فجُنَّ جنونهن، المرأة تملكُ جسدها، وليس لأحد أن يمنعها من التصرف بما تملك!
دعونَ لمظاهراتٍ واعتصاماتٍ، هذه جريمة نكراء لا يمكن السكوت عليها!

لنتركَ هذا المشهد قليلاً، ثم لنسألَ المدافعين والمدافعات عن الحريات والإنسان بعض الأسئلة:
أموالكم التي سرقتها البنوك، أليستْ أولى بالتظاهر والاحتجاج!
بلد ليس فيه رئيس منذ أكثر من عام، وحكومة تصريف أعمال تعمل بالمناكفات، ومجلس نيابيّ مشلول، أليس هذا أولى بالتظاهر؟
الساسة الفاسدون الذين سرقوكم، وأعدتم انتخابهم، وستعودون لانتخابهم المرة القادمة ،أليسوا أولى بالتظاهر؟
مدارسكم الرسمية التي لم بقيت مغلقة في وجوه أولادكم ستة أشهر أليست أولى بالتظاهر؟
مستشفياتكم التي تترككم تموتون على أبوابها إن لم يكن لديكم المال، أليست أولى بالتظاهر؟ 
الكهرباء التي لا ترونها إلا ساعتين في اليوم، أليست أولى بالتظاهر؟
رواتبكم التي كانت تفتح بيتاً فإذا بها لا تشتري "تنكتي" بنزين، أليست أولى بالتظاهر؟
من هذا المشهد كله، لم يستفزكم، إلا انكار لبس امرأة للبكيني؟!
ألستم الذين قلتم يوم منعت فرنسا "البوركيني" على شواطئها للمحجبات، هوية مجتمعهم وهم أحرار، فلماذا تريدون أن تعبث امرأة واحدة في هوية مدينة كاملة، وعاداتها، وأدبياتها؟!
عندما طرد ال "آ بي سي" الموظفات المحجبات، لماذا لم تتظاهرنَ، أليس المحجبات نساء، ولهن حقوق، أم أن مجال عملكم المايوهات فقط؟!

تريدون أن تُساعدوا النساء؟
سأخبركم، وأخبركُنَّ كيف تُساعدوهُنّ!
العام الماضي اتصل بي صديقي عمر الثويني مدير الهيئة الكويتية للإغاثة، لأكون معه في توزيع مساعدات على الأُسر المتعففة في حارة صيدا القديمة، التي تبعد عن الشاطىء مكان غزوتكم المباركة مئات الأمتار فقط!
عندما دخلنا إلى البيوت، لم نستطِع أن نتمالك أنفسنا، خرجتُ أنا وعمر إلى الزقاف وبكينا!
في حارة صيدا القديمة امرأة مشلولة تحتاج إلى كرسي!
وهناك امرأة عجوز لا تجد ثمن الدواء!
وهناك ربة بيت أصابها الربو من الرطوبة والنشش في منزلها!
وهناك فتاة تركت الجامعة لأنها لا تملك تكاليفها!
وهناك أرملة لا تجد ثمن الخبز لها ولأولادها!
اذهبوا إلى هناك، امشوا مئات الأمتار فقط، وانصروا النساء، وساعدوهن، أم أنَّ هذا ليس ميدان بطولتكم؟!

نحن مع الحرية الشخصية، ولكن الحرية الشخصية المسؤولة التي ينتهي حدُّها إذا أساءت إلى الآخرين، ثم شواطىء البكيني كثيرة في لبنان، ومن رأى أن الحضارة والمدنية في أن تلبس زوجته البكيني ، فليذهب بها إلى هناك، لماذا تريدون أن تعبثوا بهوية مدينة، وتستفزوا مشاعر أهلها في عقر دارهم؟!
مشكورة صيدا التي دافعت عن دينها، وهويتها، مشكورون علماؤها إذ غضبوا لله، مشكورون أهلها إذا كانوا يداً واحدة، أما أنتم، أبطال المايوهات، فقد بدت البغضاء في أفواهكم وما تُخفي صدوركم أكبر !

*أدهم شرقاوي*

🌸
google-playkhamsatmostaqltradent