recent
أخبار الساخنة

الحركة الوطنية الفلسطينية في القرن العشرين..كتاب يؤرخ لبدايات القضية الفلسطينية ومسارها المتعرج

الصفحة الرئيسية

 


عبد معروف

بدأ المؤرخ عبد القادر ياسين كتابة الجديد، الحركة الوطنية الفلسطينية في القرن العشرين، بمقدمة شدد فيها على أهمية كتابة التاريخ الوطني على نحو خاص، باعتبارها مهمة ملحة، معتبرا أن التاريخ الوطني هو بمزلة هوية وانتماء للمواطن والمناضل في آن.

ويتناول الكاتب في مقدمة كتابه المنهجية الصحيحة لقراءة التاريخ، والمنهجية الضرورة للاطلاع على المحطات التاريخية الماضية، ذلك لأن الأزمات السياسية لها جذور عميقة.

ويؤكد ياسين أن علم التاريخ يختص في دراسة تطور المجتمع الذي يتحدد بحركة قوى الانتاج، والتاريخ برأي الكاتب ليس مجرد رص للوقائع والاحداث،" وإذا كان صحيحا أن سرد الوقائع يوفر مادة خاما للوقائع للمؤرخ، فالأخبار الصحافية هي تاريخ راهن".

وبأسلوب علمي توجيهي يرى المؤرخ عبد القادر ياسين في مقدمة كتابه أن الدراسة التاريخية تتطلب جمع المواد من المصادر والمراجع ودراستها وتحليلها قبل تصنيفها ، ويبدي استغرابه بسبب خلو الأسواق من كتب التاريخ السياسي الفلسطيني منذ خمسة عقود، ما يعني أن الأجيال الجديدة لن تجد ما تقرأ من تاريخها الوطني، متساءلا: من المسؤول عن غياب تلك الكتب؟ لافتا إلى نأي دور نشر عربية كثيرة بنفسها عن نشر تلك الكتب بعدما تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وعدم إيلاء المستوى السياسي الفلسطيني الأهمية اللائقة بسبب عدم ادراك مدى أهمية التاريخ في إعداد المواطن والمناضل، مؤكدا أن المحبط لا يقرأ لأنه لا يمتلك أحلاما ولا آمالا، بل يعاني كوابيس الاحباط واليأس.

كان لا بد من بداية الكتابة حول كتاب الحركة الوطنية الفلسطينية في القرن العشرين للمؤرخ عبد القادر ياسين، نظرا لأهميتها وأسلوبها التوجيهي قبل قراءة الكتاب، وتحديد منهجية القراءة بشكل علمي دقيق، وأيضا لأن الكاتب حاول من خلال المقدمة أن يحدد المنهجية التي جمع فيها مواد الكتاب ومصادره ومراجعه، فالمقدمة تؤكد أهمية الكتاب وأهمية مضمونه الذي كتب بأسلوب علمي دقيق، استنادا ليس للمراجع والمصادر والمواد التي جمعت فحسب، بل أيضا من خلال تحليل الكاتب للأحداث القضية الفلسطينية لأحداث وتطورات القضية ومحطاتها بأسلوب يجعل من السهل للقارئ فهم ما كتب وما يريده الكاتب في كتابه.

يقسم الكاتب عبد القادر ياسين كتابه إلى سبعة أقسام تناولت عناوين ومحطات مختلفة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية خلال قرن من الزمن"منذ أن بدأ اهتمام الدول الكولونيالية والامبريالية بفلسطين، ساد فيها المزاحم بين الدول الصناعية والامبرياليات الصاعدة حتى قبل أواسط القرن التاسع عشر بسبب أهمية موقع فلسطين الجيواستراتيجي في التجارة التجارة وتأمين الأسواق الخارجية وانتاج الدول الوطنية".

تضمن الكتاب تسعة عشر فصلًا موزعة على سبعة اقسام، فضلاً عن المقدمة والمراجع والفهرس.يغطي مساحة زمنية غير مسبوقة من تاريخ فلسطين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المعاصر، امتدت على مدى القرن العشرين تقريبا، منذ بدايات تنفيذ المشاريع الاستعمارية الغربية والمشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة عقب انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، وما أفرزته هذه المشاريع من حركات مقاومة وتحرير وتحرر وطني على الساحة الفلسطينية، إلى ما بعد اتفاقات أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية وما أحدثه ذلك من تضعضع في المشروع الوطني الفلسطيني وحركته الوطنية.

ويؤكد المؤلف على أن الأحداث الكبرى ومسيرات الشعوب تحتاج إلى إعادة كتابة تاريخها كل مدة، متساءلا فكيف إذا كانت هذه الأحداث تعني القضية الفلسطينية والصراع العربي – الاسرائيلي ومسيرة الشعب الفلسطيني في النضال من أجل تحرير وطنه؟.

وجاء على غلاف الكتاب"يقسم الكتاب التأريخي التحليلي الواسع مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية إلى مراحل، حملت كل منها سمات خاصة وثيقة الصلة بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية لفلسطين وبتحولات المحيط العربي، بدءا من تطور الحراك الوطني الفلسطيني تحت الاحتلال البريطاني لفلسطين حتى وقوع نكبة 1948، ثم مرحلة النضالات الاجتماعية والسياسية المتفرقة في فلسطين والمنطقة وصولا إلى هزيمة عام 1967، وانطلاق العمل الفلسطيني في الخارج، قبل أن تغادر فصائل المقاومة الفلسطينية الأردن(1970-1971) إلى لبنان، الذي ما لبثت هذه الفصائل أن غادرته عقب الغزو الاسرائيلي له عام 1982، وهو ما خفف من تعويل الداخل الفلسطيني على مقاومة الخارج، فكانت انتفاضة الحجارة (1987-1991)، ثم اتفاق أوسلو ووصول الحركة الوطنية الفلسطينية إلى ما وصلت إليه".

ومضمون الكتاب بأقسامه السبعة، يؤكد ما جاء في مقدمة المؤلف فقد تناول القسم الأول جذور القضية الفلسطينية وأسبابها وخلفياتها، لافتا إلى الأطماع الاستعمارية بموقع فلسطين الاستراتيجي والثورات الفلسطينية المتعاقبة في مواجهة مشاريع الانتداء البريطاني والهجرات الصهيونية من مختلف بقاع الأرض إلى فلسطين، كما استعرض الكاتب اخفاقات وانتكاسات الحركة الوطنية الفلسطينية في مواجهة قوى الاستعمار والصهيونية.

وربط الكاتب من خلال أقسام الكتاب السبعة القضية الفلسطينية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية وتحالف الطبقات الفلسطينية في مشروع وطني وفي ميادين الصراع لمواجهة الانتداب والاحتلال خلال الثورات التي اندلعت منذ العام 1918 و1948، متحدثا عن سبب إخفاق ثورة 1936 تحديدا والوعود الكاذبة التي كانت تطلقها سلطات الانتداب البريطاني.

تضمن كتاب الحركة الوطنية الفلسطينية للمؤرخ عبد القادر ياسين، محطات تاريخية بارزة من تاريخ القضية الفلسطينية واستعرض بمنهج علمي دقيق تطورات القضية منذ بداية القرن العشرين وحتى يومنا الحاضر، ما يجعل من قراءة الكتاب أمرا ضروريا ليس للمثقفين والباحثين والمؤرخين والمناضلين الفلسطينيين والعرب فحسب، بل لكل إنسان عربي وفلسطيني عاصر أم لم يعاصر السنوات الأولى للنكبة وتطوراتها، أو اطلع عليها ولم يتمكن من تحليل ومعرفة خلفيات كل ما جرى وأوصل القضية الفلسطينية والحركة الوطنية إلى ما وصلت إليه، فالكتاب أضاف للمكتبة العربية مرجعا ومصدرا لهذا التاريخ لقرن من الزمن، استعرض فيه الكاتب المحطات المختلفة للقضية الفلسطينية وتاريخ الحركة الوطنية وليغطي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للقضية ودور القوى الاستعمارية 

كثيرة هي الأحداث التي تناولها الكتاب في طيات أقسامه ليس من السهل ذكرها جميعا كما ذكرها وحللها وتحدث عنها المؤلف، هذا ما سيطلع عليه قارئ الكتاب الذي سيجد نفسه أمام كتاب غني، كتب بشكل واسع وشامل وبأسلوب علمي ليس بسرد الأحداث في تطورات القضية الفلسطينية خلال قرن من الزمن فحسب، بل أيضا القدرة على استعراض خباياها وخلفياتها وتحليل مسارها، وإخفاق الحركة الوطنية الفلسطينية في ميادين المواجهة،حيث يسلط الكاتب الأضواء على الحركات السياسية الفلسطينية وما تعرضت له من انشقاقات وتصدعات وانشقاقات التي أصابت حركة فتح والجبهة الشعبية والمحاولات الفاشلة لتشكيل إطار جبهوي جامع.

حاولت من خلال هذه الفقرات المتواضعة الاشارة إلى ما تضمنه كتاب الحركة الوطنية الفلسطينية في القرن العشرين للمؤرخ عبد القادر ياسين والذي صدر أخيرا عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، وإبراز أهميته في المكتبة العربية، وتركت الاطلاع على ما جاء في مضمون الكتاب والأحداث التي ذكرها ومنهجية تحليلها للقارئ الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام، ذلك لأن القراءة والاطلاع على ما جاء في الكتاب ستمنح القارئ فرصة لمعرفة ما جرى خلال قرن من الزمن ليس في فلسطين فحسب بل وفي الدول المجاورة ونعيش تداعياته حتى يومنا هذا.

google-playkhamsatmostaqltradent