recent
أخبار الساخنة

ينحدر من حيفا لاجئ من مخيم البص.. من أكثر الحاصلين على الدرجات العلمية..المركز يحاور الفلسطيني زكريا




السويد - المركز الفلسطيني للإعلام

لم يرَ فلسطين يومًا، إلا أنها الأحب إلى قلبه، في محطات حياته ونجاحه ومعاناته دومًا كانت فلسطين أمام عينه، يقول: "عندما أكون في مخيم البص، فإني أشم رائحة فلسطين".




الدكتور الفلسطيني محمد زكريا المولود في 1972م من طيرة حيفا المحتلة، واللاجئ في مخيم البص جنوب لبنان، يسجل إنجازات عظيمة؛ فهو من أكثر 10 أشخاص على مستوى العالم في الحصول على الدرجات العلمية في تخصصات مختلفة، في إرادة تحدٍّ كبيرة للفلسطيني أينما وجد.




"المركز الفلسطيني للإعلام" حظي بمقابلة مع الدكتور الفلسطيني، وغاص معه في تفاصيل حياته بدءًا من الحياة في زقاق مخيم البص على مدخل مدينة صور جنوب لبنان، إلى أن انتهى به الحال في السويد.




حديث النكبة

يقول زكريا: أجداده هجّرهم العصابات الصهيونية إبان النكبة عام 1948م، من بلدة الطيرة قضاء حيفا، وخرجوا بالشحون إلى جنوب لبنان، وبقوا في مدينة صور شهورًا عدة، وبعدها استقر بهم الحال في مخيم البص.




يضيف: "جدي كان يعمل في الكسارة، ومياومًا بأونروا بالإعاشة، وكانوا يعملون في بيع المشاتل بالخضروات، كي يستطيعوا تربية أبنائهم".




يؤكد أن الأهالي في مخيمات لبنان يهتمون بشدة بالتعليم، وأنه رغم الصعاب الجليلة، فإن الأهالي يعلمون أبناءهم للوصول لأرقى الدرجات.




محمد زكريا الحاصل على الجنسية السويدية يشير إلى أن الفلسطيني يهتم بالعلم أكثر من المواطن السويدي، وهذا ما لمسه أثناء وجوده في الدولة.




يتحدث زكريا: والداي كانا يعملان في مدراس أونروا في مخيمات لبنان، وأصبح والدي مديرًا لإحدى المدراس، وكانا يهتمان بالعلم، والصعاب التي تعرض لها والدي كانت محفزًا لهما لتدريسي وإيصالي لمراتب عالية.




التعليم

يكمل: "درست أغلب الصفوف في مدارس خاصة، لم أدرس سوى عامين في مدارس أونروا، حيث كنا من ذوي المستوى المعيشي المتوسط".




"كنت في مرحلة الحضانة والابتدائية، تعلمت في مدرسة الإنجليلية في مدينة صور، وكانت من أفضل مدراس منطقة صور، وأهلي رغبوا في تعليمي فيها، ومن الطرائف أننا كنا نبدأ الدراسة الاثنين في دار الصلاة، ويأتي أحد المبشّرين (المنصّرين) ويتحدث إلينا، ويقول لنا أغلقوا أعينكم وافعلوا الصلاة، وكنت أقرأ الفاتحة، لم يؤثروا عليّ فيها، يقول زكريا.




يتابع: "كل مدّة طفولتي قضيتها في مخيم البص، وكان أكثر مكان أحبه المخيم؛ كنت عندما أدخله أشعر أني في فلسطين".




يتحدث بإسهاب: منذ عام 1975 وحتى عام 1991 (عندما خرجت من لبنان للدراسة في دولة لاتيفا)، شهدت الحرب الأهلية، والحروب على المخيمات، كانت من الفترات الصعبة، وعندما شنت "إسرائيل" الحرب على لبنان عام 1982 اعتقل والدي وقضى عامًا ونصفًا في معتقل أنصار، قبل أن يخرج في صفقة تبادل للأسرى.




يتذكر الدكتور زكريا حرب المخيمات، يقول: "كنت في المرحلة المتوسطة، وأدرس في مدينة صيدا جنوب لبنان، وأرسل لي أهلي أن لا أعود إلى مخيم البص، خوفًا على حياتي، وذهبت للعيش عند أقرباء زوجة خالي في صيدا، وكان عمري 14 عامًا، وجلست عندهم 4 أشهر ولم أكن أعرفهم. شعرت بالمعاناة الشديدة".




السفر إلى لاتفيا

وعن قصة سفره إلى لاتفيا، يقول: "عندما أنهيت الثانوية العامة، درست الصحة في مركز سبلين التابع لأونروا، لمدة شهرين فيه، لكن أهلي نصحوني بأن أفكر بالمستقبل الأفضل والسفر لدراسة الطب في لاتفيا، وسافرت".




"كان والداي يقولان لا يوجد مستقبل لنا في لبنان، وذهبت لدراسة الطب في لاتفيا، وكانت القسط الجامعي ليس عاليًا في نهاية 1991م".




وعندما وصل الدكتور زكريا إلى لاتفيا، كانت في أوائل الأشهر التي تلت انفصالها عن الاتحاد السوفييتي، يقول: كنا نقف بالطابور بالساعات للحصول على الخبز تحت البرد والثلج الشديد، وفي بعض المرات لا نحظى بذلك.




يضيف أنه بدأ بدراسة اللغة الروسية (إحدى اللغات في لاتفيا حتى 1992)، "وأنا وصلت متأخرًا في شهر 12، والدراسة تبدأ في شهر 9، وبدأت باستثمار الوقت في دراسة اللغة الروسية. كانت صعبة جدًّا، ولم أكن أعرف عنها شيئا".




درست الطب لعامين، ولم أوفق فيه، ورسبت في مادة الكيمياء الحيوية مرتين، وصنعت من الفشل نجاحا ولم أستسلم، وذهبت لدراسة الهندسة الطبية والفيزياء الطبية في جامعة في دولة لاتفيا، حيث أنهيت البكالوريس والماجستير، ولأني فلسطنيي فلا يوجد عمل لي في لبنان ولا حتى في لاتفيا، وهنا قررت البدء بدراسة الدكتوراه، والبحث عن دولة أخرى للسفر إليها من أجل العمل، يقول الدكتور الفلسطيني.




قصة الذهاب إلى السويد




يكمل: "حضرت مؤتمرًا في جامعة ريغا التقنية، وهيئة الطاقة الدولية، وقدمت فيه عرضًا عن بحثي الخاص بالماجستير، وكان هناك في المؤتمر برفيسور من السويد، وتحدثت معه عن فرص إكمال الدكتوراه في السويد، ونصحني بالتقديم على منحة من المعهد السويدي، وفي الوقت نفسه كان هناك بروفيسور أيضا من ألمانيا، وتحدثت معه أيضا ونصحني كذلك بالمنحة".




وقدمت على كلا الاتجاهين، وكي أستطيع التقديم عليهما يجب الحصول على دعوة لعمل بحوث عندهم. وبعدها قدمت لدراسة البيئة في جنوب السويد.




يقول: "كل الجهات التي قدمت لها، جاءني منها قبول، في ألمانيا والسويد".




يضيف أن أحد أبرز الأسباب لتركه دولة لاتفيا والبحث عن منحة ارتفاع مصاريف العيش فيها عام 1999م، وعدم قدرة الأهل في مخيم البص على إرسال الأموال خصوصا أنهم يعلمون 3 إخوة غيره، ومستحيل أن أستطيع أن أدفع مصاريف دراسة الدكتوراه في لاتفيا.




وشاءت الأقدار أن تتكفل هيئة الإغاثة الإسلامية في السويد بدفع تكاليف سنة واحدة من الدكتوراه، ونصحني برفيسور أن أختار دراسة ماجستير في تخصص علم البيئة والاستدامة في السويد وأن أكمل دراسة الدكتوراه في الهندسة التي بدأت بها بذات الوقت 50% وكان ذلك كذلك، ولذا أنهيت دراسة الدكتوراه في الهندسة في جامعة ريغا التقنية في لاتفيا في شهر 9 عام 2007.




وعندما أنهيت منها، عملت في أحد المشاريع لعامين، وكي أبقى في السويد يجب البحث عن عمل، ولم أجد فبدأت بدراسة العلاقات الدولية ومددت الإقامة عن طريق دراستي، ووجدت عملا في جامعة لوند.




"ولأني عملت 4 سنوات مع إقامة عمل، وقدمت لإقامة دائمة في السويد، ورفضوا وأصررت على تقديم الأوراق، وقدمت كل أوراق وخبراتي، وبعد 3 أشهر وجاءت لي رسالة بالموافقة". يقول الدكتور محمد زكريا.




"لم أصدّق من الفرح، وبلغت أهلي أن معي إقامة دائمة، وكانت أول إقامة دائمة لي في الحياة. كنت بلبنان مجرد لاجئ".




"ولأني بلا جنسية لكوني فلسطينيًّا مهجرًا إلى لبنان، فيجب الانتظار 4 سنوات إضافية للحصول على الجنسية، وأكملت الدراسة في تخصصات أخرى، وحتى 2012 حصلت على الجنسية السويدية".




فلسطين في عقلي

يؤكد: "لا أنسى فلسطين، فلسطين بعقلي وقلبي، كان حصولي على الجنسية السويدية مهم، ولكن نحن فلسطينيي لبنان مشتتون ولا عمل ولا فرص وحتى لا حق لنا في التملك، فلهذا كان حصولي على الجنسية السويدية مهمًّا".




يقول الدكتور زكريا: "نحن غرباء إلا في فلسطين، لم أرَ فلسطين في حياتي، أتمنى زيارتها، أنا كسويدي أستطيع زيارتها ولكن لن أفعل، لأنها تحت الاحتلال، وأرى البلد تحكمها بندقية محتلة".




ويقول الدكتور زكريا: "إن العودة حق، وسنعود لها، ونحن في الشتات سنبقى فلسطينيين، وأنا أربي بنتي على قضية فلسطين، وأقول لها أنها من طيرة الكرمل، وأحدثها عن النكبة وأصف لها الطيرة كما أخبرني عنها أبي وأجدادي، وأن فلسطين محتلة، ومهما طال الاحتلال هو إلى زوال".




يختم قائلا: ولله الحمد معي شهادة دكتوراه في الهندسة الطبية والفيزياء الطبية، و10 شهادات ماجستير، 9 في السويد وواحدة في لاتفيا، و3 شهادات بكالوريس، وشهادة من المعهد التقني في لبنان (أول شهادة قبل السفر).
google-playkhamsatmostaqltradent