recent
أخبار الساخنة

قصه بنت مخيم اليرموك الشهπيده روند العايدي التي قضدت غرقاً

الصفحة الرئيسية

 كما رواها والدها الصديق محمد العايدي ابو شاكر لشبكه قدس برس إسطنبول– ضياء الورديان -


"كنت أرى أخبار الذين يموتون غرقًا عبر الشاشات، وأمر سريعًا، ولكن عندما رأيت ابنتي (روند) أصبحت من بينهم، شعرت بكل الذين غرقوا قبلها، لأني ذقت وجع ذويهم".. بهذه الكلمات، باشر اللاجئ الفلسطيني محمد العائدي (49 عامًا)، سردية "وجعه" عن ابنته الغريقة "روند"، ابنة الـ 22 ربيعًا.

و"العائدي" من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بدمشق، وزوجته تحمل الجنسية الأردنية، ولديهما من الأبناء 5 بنات، أكبرهن روند.

و"في أعقاب أحداث سوريا، انتقلت زوجته وبناته للعيش في الأردن، ومنع من مرافقتهن، فبقي في مخيم اليرموك يعمل مسعفا، حتى لجأ إلى محافظة إدلب ومنها إلى تركيا، وانتهى به مطاف اللجوء مع زوجته وبناته باستثاء روند في ألمانيا"، بجسب ما يروي العائدي لـ"قدس برس".  

هذه قصتي

يقول العائدي: "عشر سنوات لم أرَ روند، وغادرت الدنيا وأمنيتي ضمها وتقبيلها ليوم واحد، فهي ابنتي البكر، التي انكسر ظهري بفراقها وأرجو أن أكون مكانها".

وأكمل لـ"قدس برس" كنا نعيش في مخيم اليرموك حتى بدأت الأمور تسوء قبل بدء القصف المروحي بشهر ونصف، فأرسلت زوجتي وبناتي إلى الأردن عند أصهاري، وبقيت أعمل مسعفًا في مخيم اليرموك، وهم بعيدون عني لأكثر من 6 سنوات".

وبعدما ساءت الأوضاع في المخيم نزحت إلى محافظة إدلب، ثم خرجت إلى تركيا، وكنت أريد الاستقرار فيها، لكن الذين يعيشون فيها من معارف وأصدقاء نصحوني بالانتقال إلى أوروبا نظرًا لظروف تركيا الصعبة.

ألمانيا ترفض لجوء روند

وأضاف العائدي "قررت الانتقال إلى ألمانيا، وقدّمت أوراقي للحصول على إقامة كلاجئ، وبعد 3 سنوات ونصف من حصولي على الإقامة، أصبح من حقي التقديم على (جمع شمل للأسرة) لإحضار زوجتي وبناتي إلى ألمانيا".

واستدعت السفارة الألمانية في الأردن زوجتي وبناتي لإجراء مقابلات من أجل "الشمل"، وكان عمر ابنتي "روند" حوالي 19 عامًا في ذلك الوقت، وعندما أجروا المقابلة معها شعرت بالاطمئنان لأنني كنت أخشى أن يرفضوا مقابلتها لأنها أكبر من 18 عامًا.

وبعد شهر من المقابلة ذهبت عائلتي لاستلام التأشيرات، ولم تكن تأشيرة ابنتي "روند" من بينها، وبدلاً من ذلك أحضر الموظف ورقة مكتوبة باللغة الألمانية، وأصر أن توقع روند عليها، وبعد التوقيع أخبرهم أن هذه ورقة رفض جمع الشمل لابنتي لأنها أكبر من 18 عامًا، وبقيت ابنتي عند بيت جدها في الأردن، وجاءت زوجتي وبناتي الأخريات إلى ألمانيا عام 2018.

المهرب أبو ناصر

وأكمل العائدي "طوال السنتين و9 أشهر الماضية، وزوجتي تبكي لبعد ابنتنا روند عنا، وأنا أصبّرها، وذهبت إلى كل المنظمات الحقوقية والصليب الأحمر وحتى إلى الكنيسة، محاولاً استقدام ابنتي بطريقة شرعية أو كحالة إنسانية أو غيرها، ولكن لم نفلح بذلك".

وقبل حوالي سنة من اليوم، بدأنا نفكر بإحضارها بالتهريب، وباشرنا بجمع المبلغ اللازم، فلنا جارة فلسطينية وصلت لألمانيا بالتهريب قبل حوالي شهر عن طريق مهرب اسمه "أبو ناصر"، حيث انتقلت من تركيا إلى إيطاليا بباخرة، ثم بسيارة خاصة من ألمانيا إلى إيطاليا، وتكلفة التهريب بهذه الطريقة هو 9700 يورو.

وعندما رأينا أن هذه الجارة كبيرة في العمر ووصلت بسلام، تحدثنا مع المهرب "أبو ناصر"، واستحلفناه أن يخبرنا إن كان هناك أي خطر، فقال: "البحر هادئ لأسبوع، وبهذا ستصل إلى إيطاليا، وبعدها بيومين تصل  إلى ألمانيا".

وأوضح العائدي "كنت قد جمعت نصف المبلغ، واستدنت النصف الآخر من جاري الفلسطيني، وحولته إلى مكتب في تركيا".

وجمع المهربون الناس في إزمير، وأخذوهم في شاحنة "مثل الغنم" إلى نقطة التهريب القريبة من الشاطئ، وتأجلت الرحلة عدة ساعات لأن الشرطة التركية والجيش قريبان من النقطة.

ويوم الجمعة الساعة الخامسة فجرا عادوا إلى نقطة التهريب، وبعدها بساعة أخبرتني ابنتي أنهم مضطرون لإغلاق الجوالات لأنهم سينطلقون، وكانت المفاجأة أن القارب يحمل 88 راكبًا وليس 40 كما ادعى "أبو ناصر".

يوم الفاجعة.. وكيف حدثت؟

وتابع العائدي "في نفس يوم الجمعة، وبحدود الساعة 6:50 مساءً، تلقيت اتصالا من أحد أقارب المهرب "أبو ناصر"، وقال لي: "ساخبرك خبرا سيئا، وصل القارب إلى نقطة قريبة من جزيرتين يونانيتين، وبدأ يرتفع الموج، وتعطل المحرك الأساسي، وعند استخدام المحرك الفرعي بدأ الماء يتسرب إلى القارب".

وأضاف "كان يقود القارب 3 شبان سوريين، أحدهم صعد إلى شراع القارب، ولا ندري لماذا صعد؟ ولكن عندما رآه الناس ظنوا أنه سيرمي نفسه في البحر، فأصابهم الهلع وبدؤوا بالصراخ، والقارب بدأ بالميلان إلى أحد أطرافه، وباشر الركاب برمي أنفسهم في الماء".

وزاد "كان الساحل كان على بعد 9 كم من مكان القارب، وتواجد قارب صيد بدأ بمساعدة الناس، حتى جاء خفر السواحل بعد ساعتين ونصف من الإبلاغ، وبقيت عمليات التمشيط مستمرة لثماني ساعات".

يقول العائدي "بعد هذه المكالمة مع قريب (أبو ناصر)، وحتى يوم الإثنين الماضي الساعة 5 مساءً، لم نكن نعرف أي شيء عن القارب أو من عليه، وحاولنا التواصل مع خفر السواحل اليونانية والشرطة والمستشفيات دون فائدة".

وأضاف "لم نأكل، ولم ننم، ولم نستطع أن نفعل شيئًا، حتى بدأت تأتي الأخبار أمس بأن هناك أحياء، و12 وفاة، ومفقودين، وفي هذه اللحظة تمنيت أن تكون ابنتي من الأحياء، فإن لم تكن من الأحياء على أقله من الأموات، ولكن ليس من المفقودين، فذلك أصعب بكثير".

وتابع "اتصل بي الشاب الذي كنت قد استأمنته على ابنتي في الطريق، وسعدت عندما سمعت صوته وتأملت خيرًا، فاستحلفته أن يخبرني الحقيقة، هل ابنتي من الأحياء أم الأموات أم المفقودين؟ فقال لي: "سأقول لك الصدق؛ ابنتك من المتوفين، وكل النساء اللواتي في القارب توفين، ومنهن ابنتك، وفي هذه اللحظة قلت: الحمد لله أنها ليست من المفقودين".

وزاد "أقيم الآن في أثينا، واتصلت مع السفارة الفلسطينية هناك، ووعدتنا بإحضار الجثث والملف، وسأدفن ابنتي روند وأعود، وقد اتصلت بي زوجتي واستحلفتني أن لا أدفن روند إلا بحضورها، فهي تريد تقبيلها قبلة الأم لابنتها النائمة".

تحميل المسؤولية للسلطات الفلسطينية

وقال العائدي لـ"قدس برس" إن "من يشعر بحرقة الوجع هو المصاب به، ولا سامح الله المهربين"، وتساءل: "كيف يطعمون أبناءهم من مال حرام، وكيف ينامون؟".

وأضاف "أرجو نشر حديثي، ليس من أجل ابنتي فقط، فهناك 16 آخرون توفّوا كانوا على نفس القارب، ومن قبلهم الكثير، لعلنا نجد من يشعر بالوجعين الفلسطيني والسوري، وقد ضاع حق الفلسطيني بتهجيره الأول من أرضه، حتى جواز سفره السوري لا يدخله المطبخ".

وحمّل العائدي السلطات الفلسطينية مسؤولية ما جرى، وقال: "هي المسؤولة الأولى عما يحدث لنا، فهم مطالبون بإيجاد حل مناسب لنا، كوننا نسمى فلسطينيين، والسلطة الفلسطينية لها سفارات في كل مكان، ولكن بلا فائدة تذكر، ومن المفترض أن تتدخل السفارات الفلسطينية والمسؤولون والفصائل".

كما وجه اللوم إلى "الدول العربية، والحكام العرب"، وختم حديثه بقوله: إن "دول الكفار استقبلتنا ودرستنا وأعطتنا بيتًا، أما الحكومات العربية فتذلنا وتهيننا، وتفكير الدخول لبلدانهم مسألة شبه مستحيلة للفلسطيني ".

يشار إلى أن مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، قالت الثلاثاء الماضي، إن "ثمانية فلسطينيين قضوا، في حادثة غرق قارب يقل 88 مهاجرًا بينهم سوروين وفلسطينيون الجمعة الماضية، قبالة السواحل اليونانية".

وذكرت المجموعة، أن المتوفين، هم: روند محمد العائدي ابنة مخيم اليرموك، ومحمد كامل عجاج (38 عاماً) وهو طبيب أسنان من سكان مشروع دمر في دمشق، وأحمد يوسف محمد (56 عامًا) من سكان مخيم جرمانا، وعبدالكريم إسماعيل وابنته آلاء عبدالكريم إسماعيل من مخيم السيدة زينب بريف دمشق، وحيان صوان من سكان ركن الدين بدمشقن بالإضافة إلى "أبو دياب" من مخيم جرمانا، و"أنس" من مخيم درعا"، اللذان لم تتمكن مجموعة العمل معرفة أسمائهم الكاملة حتى اللحظة.
google-playkhamsatmostaqltradent