recent
أخبار الساخنة

محمد الآغا سيبقي في ذاكرتنا

الصفحة الرئيسية



الشهيد محمد آغا احتضنه شعبُه في صيدا. والقوى الوطنية الفلسطينية والفنية كرَّمتهُ نيابةً عن باقي المناطق.
إنَّ الذين توافدوا من مختلف مناطق لبنان إلى قاعة غزل في صيدا لم يكونوا ضيوفاً، وإنما كانوا بمشاعرهم وإحساسهم وردود أفعالهم من أهل الشهيد الراحل، لأن الشهيد رحمه الله كان يسكنُ قلوب وعقول جميع الذين عرفوه وعايشوه.
وفي الكلمات المقتطفة التي وردت على ألسنة الخطباء، والتي كانت متواضعة، وتم انتقاؤها بأنامل طاهرة ومتوضئة حتى تكون مباركة بكل حروفها، ونستقي حبرَها من ذكريات وانفعالات، وابتسامات الفنان الذي سكن قلوبنا وعقولنا قبل الرحيل، وتركنا على المحجة البيضاء.
إنَّ الراحل الفنان زاد جمال وطيبة نفوسنا بصوته الراحل والمخضرم الذي يواصل رحلته بين عالم الدنيا، ورهبة الخلود.
كل الخطباء أبدعوا بانتقاء جميل الكلام، والذي فيه يسري بهدوء مع مشاعرخطاب الوداع على أمل اللقاء. أيقظ الخطباءُ الأحبَةَ، والأصدقاءَ، ورفاق الدرب، ونثروا بأصواتِهم ووفائهم أروع آيات وصال الأرواح، وخلود آيات الإعجاز.
في هذا اليوم تعانقت الأرواح مع تأدية الأمانة، ويلقي كل خطيب فيه جملة أو كلمة هي أشبه ما تكون بوردة مزهرة قد أينعت محبةً ووفاء وإخلاصاً، أُلقيت من كل خطيب لتبقى ذكرى وعربون محبة على طريق تحرير فلسطين.
هناك في إحدى القاعات الثقافية في أحد أحياء صيدا، الذي أطلَّ علينا وعلى صدره لوحةٌ مضيئة ومرصَّعة، هي حروف كلمة (غزل) التي أينعت وأضاءت بحروفها وجوهَ ضيوف أتعبهم الشوقُ، والبعد، والحنينُ، وتوافدِ الأهلُ من كل صوبٍ وشارع، فاليوم يلتقي الأحبةُ مع الشاب الوسيم، والفنان القدير، والمطرب الذي يغني قلبُه قبل أن تبوحَ حنجرتُه بما اختزنتْهُ مشاعرهُ، ومما اعتصرتْهُ عواطفُه.
جميعُنا، ونحن الذين جئنا من كل حدبٍ وصوب، وكلنا كنَّا غارقين في دموع الحزن والألم، في حضرة الذي أسرَ بقلبه الصامت، وابتسامته المضيئة، وروحه الطاهرة ضمائرَنا، فهو الذي ودَّعنا و رحل، ونحن الذين ودَّعناهُ، ولكن على أمل أن نبقى على العهد الذي بيننا، حتى ننتصر، أو نرحل.
إنَّ المشهد الذي غصَّت به القاعة من كافة مناطق لبنان، من الشعراء والأدباء، والفنانين، والسياسيين، وقادة الفصائل والأحزاب، والأقرباء، هذا المشهد الذي حملَ مزيجاً من المحبة، والعاطفة، والوفاء والإخلاص، والتفاني، والتآخي، هذه اللحظات في تكريم هذه الشخصية الوطنية الفلسطينية التي أعطت لفلسطين كل ما تملك من أجل شعب الشهداء، وتكريم قوافل الشهداء، والحفاظ على أمانة الشهداء في الأرض أو في السماء . وكانت التحية الأولى من الأخ خالد عبادي الذي وصف الفنان محمد آغا بأنه كان محباً لفنه، وحاملاً رسالة وطنية عبر نشر الفن والتراث الفلسطيني ودائماً كانت بوصلتهُ فلسطين. 
إِنَّ ما تردد على ألسنة الخطباء والمغنين والشعراء والملحنين كان يشكِّلُ لوحة مضيئة من الكلام والألحان والأشعار. وقد أدلى كلٌ بدلوه، يعزفون من سيرة حياة الفنان محمد أغا وكأنهم يريدون تجسيد هذه الشخصية التي جذبتهم عبر مسيرة راقية من الأدوار، وسنقتطف جملاً أو عباراتٍ مما تفتَّح من هذه الأزهار والعبارات، والاشراقةُ الأولى كانت من الأستاذ ظافر الخطيب الذي رأى أن (خسارة الفنان أغا كبيرة، وترك فراغاً كبيراً على الساحة  الفنية والثقافية الفلسطينية، لكنَّ فلسطين ولاّدة وحركة فتح كذلك، وسيبقى محمد أغا حيَّا في القلوب، وألحانُ ستبقى خالدة.)
أما نجل الراحل خليل أغا فقد استذكر والده مؤكداً (أنه وأخوته سيبقون على الطريق نفسه الذي سلكهُ والدهم. وأن والده دُفن جسداً في لبنان لكن روحه ذهبت إلى حيث غنَّى مرة عن القدس عاصمتنا الأبدية، واستظلت بزيتون يافا وكسرت روحُه الحدود والجدران.)
الأخ محمد الشولي مسؤول الاتحاد اختار كلمات جميلات وبريئات كي يُداعب ما يتراءى له في العالم الآخر من صور وخيالات: (اتركني فِلْ خليني أعرف اكتب قلي اسقيني مي، فوتِ على مطبخ أجب له كباية مَي، قلت ما بدي أجبل له كباية باردي عشان ما يخرب صوته جبتله كباية دافي فتت ما لقيت الأغا.)
الشاعر عمر زيداني قدَّم كعادته شعراً متراقص الألحان، أغصانُه منها تتدلَّى ثمار التعايش والتكامل: (على لحنك أهاليها بكَّيتنا، واليوم عم نبكيكِ يا نغمة بلادي ومآسيها، فلسطين كل ما كانت تناديك بالعود تنزل تاتلاقيها، من عيونها مرة الندى تسقيك، ومرة من الدمات تسقيها .)
الشاعر جهاد الحنفي ( أغمضت صبحك لا نوماً ولا تعبا /  أسرجت ريحك لا خوفًا ولا هربا /  ورحت تبحث عن رؤية مؤجلة لتطوي الدربَ والإسرار والحجبَ، وكلهم عتبوا إنَّ العتاب على قدر المحبة يا آغا إذا غلبا .)
الفنان وليد سعد الدين  كأن الموتَ اغنيةُ وذاكرة ورافعةُ تلمُّ جراحنا وطناً وتشتعل، ويعطينا شهادتَنا بيُمنانا ندقُّ بها على أبواب جناتٍ فتنفتحُ،  تراه العين شاخصةً فتكتحلُ ملائكةٌ ستفتح بابها فرحًا لمن جاؤوا على درب الشهادة كلها اصطفت طوابيرَ إلى الرحمن راحلةٌ وترجو منه رحمته.
الفنان محمد رمضان خلق ليحيى بين اللحن والقصيد متمرداً على واقع الحرمان مشاغباً بريشته التي فجرت أنغاماً على عوده الذي يشبه ملامحه.

الحاج رفعت شناعة 
عضو المجلس الثوري لحركة فتح 
23/10/2021
google-playkhamsatmostaqltradent