جرت الانتخابات البرلمانية في دولة الاحتلال الصهيوني و فاز حزب الصهيوني نتنياهو
و معه الأحزاب الصهيونية الأكثر تطرفا ! الحقيقة نحن نقول هذه الكلمة مجازا لأن كل
صهيوني مستوطن في بلادنا متطرف ، و ليس فيهم صهيوني مسالم و غير مسالم ، كما
يحلو للبعض أن يبتدع . كل مستوطن في فلسطين هو صهيوني بغض النظر عن أفكاره :
يسارية .. قومية .. علمانية ، كلهم جاؤا عبر الوكالات الصهيونية و استوطنوا في بلاد ليست
لهم . كلهم ساهموا في اقامة هذا الكيان و بناء آلته العسكرية و ساهموا في تهجير ملايين
من أصحاب الأرض الحقيقيين ، الذين يعانون أصناف من المآسي و الظلم قل نظيرهما
في التاريخ . المستوطن المسالم عليه أن يرحل إلى المكان الذي جاء منه هو و آبائه
و يترك الأرض المستلبة . و لهذا فلا يمكن التفريق بين مستوطن و آخر إلا إذا خرج
من أرض فلسطين و أعلن معارضته للأفكار الصهيونية و لنتاجاتها العنصرية
الاجرامية . كل صهيوني فاز أو خسر الانتخابات هو بمثابة الفائز لأن الايديولوجية
الصهيونية هي الفائزة و أما الخاسر فهو الفرد و ليس الفكر . و كل مستوطن هو فائز
لأنه مارس حريته في اختيار ممثليه من المجرمين ، بينما أعدائه من العرب يفتقرون
إلى تلك الحرية بل و حتى لوجود انتخابات من أساسها . و يتسابقون لإقامة العلاقات
مع عدوهم الذي قتل مئات الآلاف منذ نشوء كيانه ، و دنس أقدس مقدساتهم . و بقي
علينا ان نعرف من هو الخاسر الفعلي في هذه الانتخابات ؟ خاسر حتى لو كسب
العديد من المقاعد ، و مهما قدم من المبررات . انه العربي الفلسطيني الذي يخوض
الانتخابات تحت العلم الصهيوني ، و تحت القبة التي تأسست على الفكر الصهيوني .
فهناك خاسر عربي متصهين و خاسر عربي غير متصهين . اما المتصهين فهو
الذي يخوض الانتخابات على اللوائح الصهيونية و يعطي صوته لصهاينة و احزاب
صهيونية . و الخاسر غير المتصهين هو الذي يخوض الانتخابات لقناعته بأن المعارضة
تكون أكثر فاعلية من داخل البرلمان أو من قلب المؤسسة الصهيونية ! أو انه يرى
ضرورة الاستفادة من تلك المؤسسات لخدمة المجتمع العربي ، و هو لا يدري بأن
المعارضة من داخل المؤسسات الصهيونية لم تقدم في الماضي و لن تقدم اليوم و غدا
اية تغييرات في سياسة الكيان المغتصب . و لم تؤثر يوما في ردعه عن عدوانه و عنصريته.
و لم تحسّن من الأوضاع المعيشية و الصحية و الخدمية ، بل استفاد العدو من تلك
المشاركة بأنه ظهر للعالم ككيان " ديمقراطي " ، يعطي الحرية لكافة المواطنين بما فيهم
العرب ، و استفاد ايضا باستمالة الكثيرين من ذوي النفوس الضعيفة و العقلية التائهة غير
المستقرة ، بجعلهم يعتقدون بان الصهيوني افضل من العربي ! لانه بغياب عقله و انعدام
ثباته و عقيدته يقارن الصهيوني بالانظمة العربية المستبدة و ليس بالعربي الاصيل
المجبول بالعزة و الكرامة و الشهامة . على الفلسطينين داخل الخط الأخضر أن يمتلكوا
مؤسساتهم الخاصة بهم ، مؤسسات خارج المؤسسة الصهيونية المحتلة . إن مشاركتهم
كناخبين و مرشحين هو اعتراف الشعب الواقع تحت الاحتلال بمحتليه . الجميع يتفهم
خصوصية الأوضاع في المناطق المحتلة عام 48 ، و اضطرارهم للتعامل في المسائل
المعيشية و التنموية والخدمية مع سلطات الاحتلال ، لكن لا يمكن فهم الانخراط في
المؤسسات السياسية أو العسكرية أو أية مؤسسة تساهم في تقوية الاحتلال سياسيا و
عسكريا و أمنيا و تقنيا . كيف يقبل العضو العربي المغتصبة بلاده و المنتهكة مقدساته
أن يكون جزءا من هذا النظام الاحتلالي الاستعماري المجرم الذي يمارس القتل اليومي
بحق اخوتهم في الضفة و القدس و غزة بل و حتى خارج الحدود في أعمال اغتيال و
اعتداءات في كل اتجاه! عليهم انشاء مؤسسات تمثيلية موازية لمؤسسات الاحتلال ، و ان
لا يكونوا جزءا لا يتجزأ من " المجتمع" الصهيوني . هذه المؤسسات العربية الخالصة
سوف تندمج في الدولة الفلسطينية بعد التحرير . ان كل فلسطيني يؤمن بأن التحرير قادم و ان
الاحتلال إلى زوال بالرغم من سوداوية الأوضاع الراهنة على المستويين المحلي و الإقليمي .
ماهر الصديق