recent
أخبار الساخنة

ذكرى الكرامة في زمن قلت فيه الكرامة

الصفحة الرئيسية



تأتي ذكرى معركة الكرامة الخالدة في فترة حساسة من مراحل التاريخ الفلسطيني

و العربي ، مرحلة يمكن تسميتها بمرحلة الانهيار الوطني و القومي ، حيث طغت

الاتفاقات السرية و العلنية مع العدو على حساب المبادئ و الحقوق المشروعة . فبدا

التنسيق الامني و تطبيع العلاقات و التصريحات المثبطة و المشبوهة امور طبيعية

لا توصم بالخيانة و لا يحاسب عليها القانون ، و حتى انها لا تثير التعجب و الاشمئزاز .

  الشيئ البديهي انه بعد 53 عاما على معركة الكرامة البطولية ان نكون فلسطينيين و 

و عربا قد حققنا تقدما واضحا في مسيرتنا النضالية ، و نجحنا في تحقيق مكتسبات

كبيرة في ادائنا و في منجزاتنا و فرضنا واقع من التوازن في الجوانب السياسية و

 العسكرية ، بيد ان الحقيقة لم تكن هكذا ، الحقيقة كانت كارثية بكل المعاني . فإذا

كانت معركة الكرامة قد اعادت شيئا من الاعتبار للامة العربية بعد هزيمتها النكراء

في حرب 67 ، فإن ذاك الاعتبار اهدر و تحول شيئا فشيئا الى انكفاء و تراجعات

حتى وصلنا الى يومنا هذا من الضياع . لقد اختلط على الكثيرين معرفة العدو من

الصديق ، و تشوهت الكثير من الصور ، و تعددت الاتجاهات و النزعات ، و اصبح

الطريق الى تل ابيب هو اسهل الطرق ، و ارضاء الصهيوني غاية من الغايات ، لانه

السبيل للبقاء في المناصب ، و المجال الواسع لتعبئة الجيوب و الحسابات المصرفية ،

و لانه الوحيد الذي يجعل العم سام يرضى عليهم و يثبت دعائم سلطاتهم المتهالكة .

نتذكر الكرامة و نتحسر على امة فرطت بكرامتها بلا ثمن ، الكرامة التي كانت 

من اهم سماتها . ان العربي الاصيل لا يفرط بكرامته و عزته و وطنه  حتى لو 

كان الثمن باهظا ، لان الحياة بلا كرامة لا تكون الا حياة ذل و مهانة و انكسار .

نحن و إن كنا نعيش هذا النوع من الانحطاط في مستوى اداء النظام الرسمي العربي

الا ان الامة تحمل الكثير من مكامن العزة و القوة و السؤدد . هذا مما يجعلها خلاقة

و قادرة على النهوض حتى ان كان ذلك بطيئا . و اكبر دليل على تلك القوة المخفية في ثنايا

الانهيار هو استذكارها لمعالم البطولة و العزة التي مرت على تاريخها منذ ايام الجاهلية

و مرورا بصدر الاسلام و انتهاء بواقعنا الراهن . ان كل عربي ابي يتذكر مجد العرب

في معركة ذي قار التي جرت بين العرب و الفرس في الجاهلية ، و يتذكر اليرموك

و القادسية و حطين و عين جالوت و ملاذ كرد . و نتذكر في يومنا هذا معركة الكرامة 

لنؤكد لانفسنا و لغيرنا باننا نتطلع الى اليوم الذي يعود فيه مجدنا ، و ندخل للاقصى 

فاتحين محررين و مطهرين فلسطين من الدنس الصهيوني ، و ما ذلك على الله بعزيز .


ماهر الصديق  


google-playkhamsatmostaqltradent