خالدات حسين
عضو الأمانة العامة
للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية
■ إن النساء والفتيات الفلسطينيات اللاجئات في لبنان أو اللاجئات الفلسطينيات من سوريا إلى لبنان، هن من بين الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة وتأثراً بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأبناء شعبنا في هذا البلد .
في ذات الوقت تعاني النساء من تداعيات التمييز المبني على النوع الاجتماعي الممارس ضدهن، والذي يجد جذوره بالمبنى البطريركي للمجتمع، و تنامي تأثير الاسلام السياسي إلى جانب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتعاقبة التي تعزز من مظاهر العنف المبني على النوع الاجتماعي .
لأن وظيفة الورقة تتناول انعكاسات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ووباء كورونا في لبنان، على العاملات الفلسطينيات المقيمات في لبنان، سواء كن مقيمات أصلاً أو لاجئات من سوريا، فإنها ستركز على العناوين التالية.
أولاً : الحرمان من الحقوق الاقتصادية:
تتضافر العوامل السياسية والطبقية والمبنية على النوع الاجتماعي، كي تولد حرمانا للاجئات الفلسطينيات من حق العمل .
لذلك فإن المرأة الفلسطينية تتأثر بشكل أكثر حدة بالقيود المفروضة على عمل اللاجئين الفلسطينيين، فلا تتجاوز نسبة النساء المنخرطات بالنشاط الاقتصادي 13-16%، علماً أن 21,5% من اللاجئات الفلسطينيات هن معيلات لأسرهن .
معظم العاملات الفلسطينيات يزاولن مهنهن بدون تصاريح عمل ,83% منهن بدون عقود عمل .
تعاني العاملات الفلسطينيات من انعدام الامان الوظيفي ومن الاستغلال الذي يمارسه مالكو وسائل الانتاج، و يترجم نفسه بانخفاض الأجر والتعرض للصرف الكيفي غالباً دون الحصول على أجورهن واستغلالهن بساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجر.
كما تحرم العاملات الفلسطينيات من تعويضات نهاية الخدمة، علماً أن التعديلات التي طالت المادة 9 من قانون الضمان الاجتماعي اللبناني، تتيح لهن، نظرياً، الحصول على التعويض من حساب منفصل ومستقل يعود الى مساهمة العمال اللاجئين الفلسطينيين، ورغم ذلك مازلن يحرمن من التعويض لأن التعديلات المقرة على المادة لم تسند بمراسيم تطبيقية .
بموجب الاستثناءات في قانون الضمان الاجتماعي اللبناني، تحرم اللاجئات الفلسطينيات من مساهمات صناديق الضمان المخصصة لإعانات المرض والأمومة، علماً أنهن ملزمات، كسائر اللاجئين الفلسطينيين، بتسديد رسوم الضمان الاجتماعي، دون الاستفادة من خدماته.
كما تحرم العاملات الفلسطينيات من اجازات الأمومة، إلى جانب تعرضهن لإساءة المعاملة، والتحرش الجنسي والعنف المعنوي في مراكز العمل .
تتعرض العاملات الفلسطينيات أيضاً للاستغلال في الأسرة، فإلى جانب نشاطهن الاقتصادي، تتحملن أعباء العمل المنزلي لأسرهن، نتيجة لتنميط الأدوار الاجتماعية. إن العمل المنزلي كما هو سائد لا يتم احتسابه في خانة المساهمة الاقتصادية .كما تتعرض العاملة للعنف الاسري.
إن العاملات الفلسطينيات اللاجئات من سوريا، يعانين أيضاً من مصاعب قانونية تعقد انخراطهن في سوق العمل اللبناني. أما اللاجئات اللواتي لازلن يقمن في سوريا فقد تأثرن بتداعيات الأزمة السورية و فقدن أعمالهن و موارد عيشهن .
ثانياً : كوفيد -19 و انعكاسه على المرأة الفلسطينية العاملة:
في ظل وباء كوفيد-19 والاغلاقات المتتالية و ظروف الحجر المنزلي، تزايدت حدة الفقر ونسب البطالة في المجتمع الفلسطيني في لبنان على نحو حاد وغير مسبوق ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة المرتفعة أصلاً بين النساء العاملات .
ورغم تدهور الأوضاع المعيشية للاجئين الفلسطينيين، فإن الافتقاد لآليات الحماية وشبكات الأمان الاجتماعي، يعيق وصول اللاجئين الفلسطينيين، بشكل عام، واللاجئات الفلسطينيات، بشكل خاص، للخدمات الصحية وخاصة الاستشفائية المناسبة والتقديمات المتعلقة بالدواء والغذاء والمسكن اللائق .
إن العنف ضد المرأة الفلسطينية اللاجئة يتصاعد وتعلو وتيرته عند اشتداد الأزمات، ولذلك فإن تداعيات الانهيار الاقتصادي في لبنان، بتضافره مع اجراءات الحجر الصحي المنزلي والاغلاقات، نتيجة وباء كوفيد-19، أدت إلى تزايد العنف ضد المرأة الفلسطينية في لبنان بما يشمل المرأة العاملة .
يرتفع العنف أكثر ضد اللاجئات الفلسطينيات من سوريا إلى لبنان، في الحيزين العام والخاص، نتيجة للتغيرات التي أنتجها النزوح على العلاقات الأسرية، وافتقادهن لآليات الحماية المناسبة .
ثالثاً : العاملات الفلسطينيات والافتقاد للمظلة النقابية الفاعلة :
إن اتحاد نقابات عمال فلسطين، هو المعني نظرياً بالدفاع عن حقوق العمال والعاملات على حد سواء. لكن هذا الاتحاد لم يترجم دوره التمثيلي للعمال إلى فعل في الميدان، يرتكز إلى تشكيل النقابات المهنية، وفي القلب منها النقابات التي تشكل العاملات مكونها الغالب، وعليه فإن العاملات الفلسطينيات في لبنان وسوريا يفتقدن للاطار النقابي الذي يحميهن ويصون حقوقهن.
رابعاً :اتجاهات عمل المرأة العاملة:
• الضغط على الدولة المضيفة لانتزاع حق العمل بجميع المهن، وإلغاء إجازات العمل المفروضة على اللاجئين الفلسطينيين .
• الحصول على كل خدمات الضمان الاجتماعي، بما يشمل تعويضات نهاية الخدمة وخدمات الرعاية الصحية والحصول على اجازات الأمومة .
• اعتماد خطة طوارئ صحية واغاثية، تغطيها الأونروا، لحماية الأسر الفلسطينية وبخاصة التي تعيلها نساء، من التداعيات الصحية والمعيشية التي أفرزها وباء كوفيد -19 .
• حث الدول المضيفة، خاصة العربية، لمنح الشعب الفلسطيني كافة حقوقه المدنية والاجتماعية .
• وضع قضايا المرأة العاملة على جدول أعمال واهتمامات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، وحث الاتحاد لتشكيل النقابات المهنية ومن ضمنها للمهن التي تشكل النساء غالبية عضويتها ■