محمد دهشة
"كورونا" أقفل مساجد صيدا قسراً، غابت عنها الصلوات الخمس اليومية الجمعة الأسبوعية، للمرة الثانية منذ تفشّي الجائحة في شباط المنصرم، وفي اليوم الثاني على الإقفال التامّ، لكن الأذان ظلّ يصدح عالياً، رفع من مآذنها الى جانب الدعاء لخلاص لبنان من البلاء والوباء.. مع التفشّي الخطير للفيروس الذي شدّ الخناق على اللبنانيين مع أزماتهم الإقتصادية والمعيشية المتلاحقة.
وصيدا التي تشتهر بأنّها مدينة الايمان، اذ فيها أكثر من خمسين مسجداً ومصلى، ترتبط مساجدها بأذان مركزي، وقد اعتادت منذ انتشار الوباء رفع دعاء موحّد قبل الأذان، والإلتزام بما تقرّره المديرية العامة للأوقاف الإسلامية ومفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان من إقفال أو فتح، ارتباطاً بخطورة الوضع الصحّي بالرغم من كلّ الإجراءات الوقائية.
وأوضح المفتي سوسان أسباب الإقفال على القاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار"، قائلاً: "لأنّنا لا نريد أن نرمي أنفسنا في التهلكة، وبعد تشاورنا مع أهل العلم والخبرة والطبّ والاختصاص"، مضيفاً: "نحن نطبّق هذا القرار بقلوب دامعة، فأن تقفل دور العبادة ليس بالأمر السهل، ويستطيع الإنسان أن يؤدّي صلاته في بيته، وإن شاء الله تتغيّر الظروف وتعود المساجد الى دورها والى استقبال روّادها ونشاطاتها".
ودعا المفتي سوسان أصحاب وتجّار مؤسّسات بيع المواد الغذائية والسلع الأساسية "الى أن يرحموا الناس من نار الأسعار المتفاوتة بين محلّ وآخر حتى باتت تثقل كاهل ربّ العائلة، الذي بالكاد يستطيع تأمين قوت يومه، والكلّ يعلم ماذا وكيف يعاني الناس من انهيار العملة اللبنانية في تأمين معيشتهم وشراء الحاجيات الأساسية، ولا سيّما الغذاء والدواء".
بينما أكّد مفتي صور ومنطقتها وخطيب مسجد "الشهداء" في صيدا الشيخ مدرار الحبال لـ"نداء الوطن"، أنّ الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الخانقة التي يعيشها المواطنون غير مسبوقة، وتستدعي المزيد من التكافل الإجتماعي والمبادرات الخيرية"، معتبراً أنّ "الحلّ والخلاص يحتاج الى قرار جريء من المسؤولين السياسيين لاتّخاذ موقف ينقذ البلد من أزماته المتلاحقة، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، وعلى الذين يعرقلون الحلول وضع عقلهم في رأسهم، واتّخاذ المواقف السليمة، فلا يمكن لأحد أن يساعد لبنان اذا هو لم يساعد نفسه، والوقت يمرّ والناس لم تعد قادرة على التحمّل أكثر".
والتزام صيدا بالإقفال التام، انعكس مشهداً غير مألوف، غابت الحركة عن الشوارع الرئيسية وقد زادها رتابة وهدوءاً يوم العطلة الأسبوعية، باستثناء شارع رياض الصلح الرئيسي، حيث تتواجد غالبية المصارف ومحلات الصيرفة التي فتحت ابوابها صباحاً، بينما أغلقت المحال والمؤسسات التجارية في الأسواق، وامتداداً المطاعم والمقاهي الشعبية والأماكن الأثرية والتاريخية.
وهدوء المشهد العلني، لم يحجب لا اعتراض التجّار الضمني ومعهم أصحاب المهن الحرّة على الإقفال الذي وصفوه بأنه غير عادل بانتظار أيام قليلة لاتّخاذ موقف مطلع الأسبوع، ولا استياء المياومين من توقّف أشغالهم من دون تأمين بديل أو مساعدة، ولا انين الناس من الغلاء وارتفاع الأسعار.