recent
أخبار الساخنة

دخل التطبيع الى بيوتهم بقلم : ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية

يظن المطبع العربي البائس انه يُعامَل من قبل الصهيوني بالندية و المساواة ، و لا يعلم
المسكين انه في نظر الصهيوني ما هو الا مخلوق وضيع فاقد للكرامة و الشهامة . المعادلة
الابدية التي تنطبق على هؤلاء : من يخون قومه فلا امان له ، و لا قيمة له ، إنما يستعمل
كما تستعمل الخرقة البالية ثم ترمى في القمامة بعد تلويثها . انهم يحتقرونهم و يعتبرونهم
ادنى من الحيوانات ، لكن من اجل مصالحهم و من اجل تحقيق غاياتهم يتوددون لهم و يستقبلونهم
و يمدحونهم . ان الصهيوني العنصري يتقزز من رؤساء الدول الصناعية الكبرى و يعتبرهم
ادنى منهم و اقل قيمة بشرية ، و ينظرون للعلماء و السياسيين و للمجتمعات الاوروبية و الامريكية
و لغيرهم من الشعوب و القوميات بان الله خلقهم بصورة بشرية ليكونوا مؤهلين لخدمة السيد
اليهودي ! فكيف ينظرون اليكم ايها البائسون الذين تخليتم عن عقيدتكم و خلعتم ما يستر عوراتكم .
لقد عقد النظام المصري اتفاقية كامب ديفيد في 17 أيلول 1978، و النظام الأردني اتفاق
 وادي عربة في 26 تشرين الأول 1994، و قبله اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير
 في 13 ايلول 1993 . و كانت هناك اتصالات و لقاءات حتى منذ ما قبل قيام دولة الاحتلال
 بين قادة الصهاينة و بين ملكي الاردن و العراق عبدالله و فيصل و كذلك مع عبد العزيز
 آل سعود ، و كشف عدد من القادة الصهاينة عن لقاءات بينهم و بين الملك المغربي و ايضا
 بينهم و بين مسؤولين عرب و فلسطينيين في اوقات مختلفة . بالتأكيد كانت هناك لقاءات
و اتفاقيات لم يتم الاعلان عنها . لكن ما يميز الماضي عن الحاضر هو في انحسار كل 
ما كان يجري في الحكومات او الشخصيات الرسمية او غير الرسمية المقربة من الدواوين
الملكية و قصور الرئاسة و لم تتعداها الى العامة . مع وجود بعض الأفراد ممن يفتقدون للحد
 الأدنى من الوطنية و العروبة و الكرامة ، و عدمية في العقيدة و المناقبية . فهناك من 
 فتنوا باسلوب الحياة الغربية و اعتبروا بان المجتمع الصهيوني هو امتداد للمجتمع 
الغربي ، و ان اليهودي اكثر حضارة و تنظيما و ديمقراطية من العربي ! و ان اقتصاده
 مستقر و شوارعه نظيفة ، و تقاليده الديمقراطية افضل حالا من واقعنا الاستبدادي . 
نسي اؤلئك تلك الديمقراطية عندما تصل لليهود الافارقة ، و حتى للسفارديم اليهود . 
 فضلا عن تعاملهم العنصري مع اصحاب الارض العرب الذين يحملون مكرهين
 الجنسية " الاسرائيلية " . و نسوا الوحشية الصهيونية مع الفلسطينيين في الضفة الغربية و
 غزة و اعمال القتل و الحرق و التنكيل التي تبين تلك الحقيقة التي لا يراها " العميان " من
 العرب . نسي المبهورين بالصهاينة من العرب احوال الفساد و الرشاوى التي طالت
 رؤساء حكومات و سياسيين و رؤساء احزاب . لم يدرسوا الحقيقة العنصرية التلمودية 
للمجتمع الصهيوني القائمة على الكراهية و الغدر . و لهذا اجتازوا الحائط السميك 
و قاموا بزيارات فردية او جماعية بعلم حكوماتهم في محاولة يائسة لتعبيد الطريق
 الشائك بين فئتين اجتماعيين متناقضتين بل متناحرتين . طرفين لا تجمعهما لغة و لا دين
 و لا قومية و لا نفسية اجتماعية و لا تاريخ . الامر الطبيعي بينهما هو العداء اللامتناهي
 و ذلك لاسباب تاريخية و معاصرة لا حصر لها . المجتمع العربي مسلوب الارادة من قبل
 حكامة لكنه لا ينسى بان هناك اجزاء عزيزة من وطنه العربي الكبير محتل .
 و هناك مجازر وحشية ارتكبت بحق ابناء الامة على مدى عشرات السنين ، و مقدسات
 اسلامية و مسيحية دنست ، و هناك ضحايا و حصار و معتقلين و مشردين و لاجئين . 
 في المقابل هناك مجتمع عسكري استيطاني تم تجميعه من اصقاع مختلفة يقوم على
 الكراهية و الحقد و الدماء و على الاساطير و الخرافات و الاستعلاء . لقد قامت شخصيات 
   و وفود من الجزائر و المغرب و مصر و شخصيات اعلامية و سياسية و دينية من أكثر من
 دولة بزيارات لكيان الاحتلال كان الهدف منها هو التطبيع و تهيئة المناخات لما يسمى
 بصفقة القرن أو السيطرة الصهيونية الناعمة على الوطن العربي من محيطه إلى خليجه .
 لكن الشعوب العربية واجهت هذه التحركات المشبوهة بصرامة لا نظير لها . أصبح كل
 فرد شارك في أعمال التطبيع منبوذ و مشكوك به ، بل لقد فقد كل فرد منهم قيمته و
 مكانته الاجتماعية في بلده . و ربما كان الشاهد الأكبر في هذه الفترة هو ما جرى للساقط
 محمد رمضان عندما عرضت صورته مع صهاينة التقاهم في دولة الامارات . تعرض
 هذا المنحرف لكل اشكال التوبيخ و الإهانة و جمدت نقابة الفنانين عضويته ، و خسر جمهوره
 و ربما يخسر وظيفته إلى الأبد . و حصل هذا مع الكاتب علي سالم الذي فقد عضويته في
 اتحاد الكتاب المصريين و رفضت دور النشر طباعة كتبه بعد زيارته التطبيعية لكيان 
الاحتلال . ان امتنا العربية لازالت تمتلك شحنات قوية من النقاء و الوطنية و الروح 
القومية ما يجعلها ترفض هذا الانهيار القومي الذي تمارسه الحكومات و بعض النفوس 
الفاقدة للاهلية العقائدية و للحصانة الوطنية و القومية بل و للمعايير الانسانية . 
 مضى وقت طويل على اتفاق الحكومات مع العدو الصهيوني و بقيت المجتمعات العربية 
على مواقفها الثابتة حيال هذا الدخيل المجرم ، بقي معظم العرب على نخوتهم و كرامتهم
  يرفضون التفريط بحقوق الامة في بلادها و مقدساتها ، لا يسامحون في الدماء البريئة
 الفلسطينية و العربية التي تهدربأيدي الصهاينة . يرفضون التخلي عن القدس و الاقصى 
المبارك . بقي الأصيل أصيلا على الرغم من انوف الحكام ، و بقي العداء قائما و لن
 ينته إلا بانتهاء هذه الجرثومة القاتله على أرض فلسطين . هذا هو حال الامة بالرغم من
الاتفاقات التي جرت . الا اننا نرى واقعا جديدا لم يكن معهودا من قبل ، لم نره الا بعد الاعلان
عن اتفاقات التطبيع الجديدة مع دول الخليج . رأينا العديد من ابناء تلك البلاد كأنهم ينسلخون
من ثيابهم العربية ، كأنهم كانوا ينتظرون السقوط في المستنقع الصهيوني على احر من جمر .
رأيناهم يشتمون فلسطين و الفلسطينيين و يمدحون الصهاينة ، و يرقصون على انغام النشيد
الصهيوني ، و يرفع اولادهم الاعلام الصهيونية و يرسمونها على صدرورهم . رأيناهم يظهرون
على الشاشات الصهيونية يتغزلون يالصهيونية و ينشدون محبتها ، و يذهبون بزيارات " اخوية " 
الى تل ابيب و يتصورون في شوارعها ، و يدعون الصهاينة لزيارة بلادهم و يستقبلونهم 
بالاحضان في صدور منازلهم ! رأينا و تعجبنا و تساءلنا : ماذا جرى لهؤلاء القوم ؟ هل فعلا
هم من المسلمين و العرب ، هل يحسبون تداعيات التغلغل الصهيوني في مجتمعاتهم ؟ فإذا
كان حكامهم يأتمرون باسيادهم في البيت الابيض و بالمحافل الماسونية فكيف يتبعونهم
و يلقون بالقرآن الكريم و باحاديث الرسول عليه السلام خلف ظهورهم . اذا شرعت ابواب  
قصور الحكام و السياسيين امام الصهيوني الذي لا يفكر الا بالافساد و النهب و السيطرة
و التجسس فلماذا تفتحون بيوتكم لهم ؟! لقد قطعت مجتمعاتكم اشواطا طويلة في الفساد 
و الرذيلة قبل الاعلان عن التطبيع و قبل شرعنة العلاقات مع الصهاينة فكيف سيكون حالها
في مقبل الايام ،و انتم تدعون اولادكم يفتخرون بحمل العلم الصهيوني و تعلم اللغة العبرية !
لقد كانت بلادكم مرتعا للموساد قبل التطبيع و دخل عشرات الموساديين و اغتالوا و خرجوا 
بكل امان ، فكيف سيكون الحال و قد تركتم لهم دخول البلاد بلا تأشيرة ، و بلا رقابة ، و
اولادكم يذهبون برحلات ترفيهية لتل ابيب ، و هم يغنون : خذني زيارة تل ابيب .
و في النهاية لا بد من القول مرة اخرى باننا " بيضة القبان " كما يقولون . علينا ان نوقف
هذه المهزلة ، و ايقافها لا يكون الا بخطوة من عندنا ، و الخطوة في الغاء اوسلو و ما نتج
عنه و بالاخص التنسيق الامني . علينا ان نعيد للقضية اعتبارها العربي و الانساني و ذلك
بتصعيد النضال بكافة اشكاله حتى يعلم العرب و غيرهم بان قضيتنا حية و قائمة ، و اننا
مازلنا تحت الاحتلال و ان كيان الاحتلال ليس دولة طبيعية في هذه المنطقة بل كيان
عدواني ارهابي ، و من يقيم معه علاقات طبيعية من العرب فانه يساهم في استمرار
معاناة الشعب الفلسطيني ، و في تدنيس مقدسات المسلمين . 

ماهر الصديق        

google-playkhamsatmostaqltradent