recent
أخبار الساخنة

احمق برتبة وزير ‏بقلم ‏ماهر ‏الصديق

الصفحة الرئيسية

الامور لا تقاس بحجم الرأس و لا بالطول و العرض ، و ليس للاناقة و ربطة
العنق و الثياب الثمينة اية قيمة عندما يتم تقييم الرجل . الرجال يقاسون بعقولهم
و حكمتهم و منطقهم و كذلك بحلمهم و عدم تعجلهم ،  و بعدلهم و انصافهم ، و كذلك
بشجاعتهم و وطنيتهم و محبتهم للآخرين و محبة الغير لهم . قال احد الحكماء :
" ما زلت اتهيب الرجل حتى يتكلم ، فإذا كان كلامه بليغ و متزن ارتفع في عيني
و اذا بدر منه ما يعبر عن الحمق و الغباء سقط من عيني " . هكذا ينظر للرجل مهما
كان موقعه و منصبه و مكانته الاجتماعية و مهما بلغت ثروته و  فخامة منزله
 و سيارته الفارهة ، و مهما كانت عائلته  او عشيرته او اصله و فصله . جرى حوار بين 
الخليفة سليمان بن عبد الملك و ابنه الذي احتج على تعظيم والده  للامام عطاء بن ابي رباح .
كان الامام من الموالي ، شيخ كبير اسود البشرة ، شديد تجعيد الشعر ، أفطس الانف
قالو : اذا جلس بدا كالغراب الاسود ، لكنه امام و عالم كبير ، كان العلماء و الامراء
 و طلاب العلم يقطعون المسافات و البلدان من اجل اللقاء به و الاستماع اليه ، 
و كان الخلفاء في مواسم الحج يجلسون بين يديه و يسألونه و يطلبون منه الدعاء
لهم و لاولادهم . قال سليمان لابنه : هذا الذي رأيته يا بني و رأيت ذلنا بين يديه
هو عطاء بن ابي رباح صاحب الفتيا في المسجد الحرام و وارث عبد الله بن عباس
في هذا المنصب . ثم قال : يا بني تعلموا العلم ، فبالعلم يشرف الوضيع و ينبه الخامل
و يعلوا الارقاء الى مراتب الملوك . فالمسألة هي في القيمة الحقيقية للشخص و ليس
في قيمته الخادعة التي وصلت اليه في غفلة من الزمن . فكم من السفهاء قد تولوا ارفع
المناصب في بلدانهم بينما كان العلماء و المفكرين و النشطاء و المخلصين يقبعون في غياهب
السجون . ان من يريد الرفعة و المنزلة يعمل لها باخلاص ، و من يريد المناصب الحكومية
يتخلى عن العنجهية و التكبر و ينظر لكل المواطنين من منظار واحد و بعينين اثنتين و ليس
بعين واحده . في بلادنا من المحيط الى الخليج انظمة تقوم على الحكم المركزي غير الفيدرالي
و لهذا فإن النائب او الوزير او الرئيس عندما يصلون الى مراكزهم يرمون خلف ظهورهم
كل العصبيات ، الحزبية منها و العشائرية و المناطقية لانهم و بحكم مناصبهم اصبحوا مسؤولين
عن الجميع ، اصبح حزبهم هو كل الوطن و جمهورهم كل الشعب و منطقتهم هي كل حبة
تراب و كل منزل و كل مرفق و كل مدينة او ضيعة . و الحمقى فقط من يمارسون السياسة
على نسق واحد و بعقلية متخلفة لا تتغير . فموقعك الحزبي اصبح بلا قيمة لانك في منصبك
لم تعد مسؤولا حزبيا . اسلوبك البالي و خطبك الحماسية و انتهازيتك و كراهيتك و تنطعك
لم تعد تليق بك في موقعك الجديد ، لانك سوف تفشل و تزيد على عدد المفسدين فاسد جديد .
قال الله عزوجل في الاية الخامسة من سورة الجمعة : "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ
يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا "  ان هذه الآية تنطبق على بعض الناس ممن 
  يتبوؤن مراكز علمية او سياسية و مسؤوليات حكومية قد تؤثر في حياة الناس و في مستقبلهم
 و في تطور البلاد او تخلفها . فإذا لم يقم المسؤول بمسؤولياته على اكمل وجه ، و لم يعمل
لخدمة شعبه كما ينبغي ، عندها مثله  كمثل الحمار الذي يحمل كتبًا، لا يدري ما على ظهرهۚ !
ان تصريح غير مسؤول من شخصية مسؤولة قد ينتج عنه مآسي ، خصوصا بان البلاء الاكبر
هو بالأتباع الذين ينساقون على غير عقل و لا هدى .  لا يقرؤون و اذا قرؤا لا يفقهون
و يسيرون كالاغنام لا يدرون إلى مرعى ام الى مسلخ ! قال الرسول عليه الصلاة و السلام 
و هو يصف عيينة ابن حصن زعيم غطفان القبيلة العربية القوية و الكبيرة : انه الاحمق
المطاع . لانه يقود قبيلته الى المهالك و هم راضون طائعون ، و كان هذا حال بني حنيفة
الذي قادهم مسيلمة الكذاب الى اتون معركة طاحنة كانت نتيجتها هزيمة نكراء على يد
سيف الله المسلول . قيل في المثل الشعبي :" اللي طلع الحمار عالمئذنة ينزله " ، و قصة
المثل انه في احدى القرى كان هناك مؤذن جميل الصوت يحبه الناس ، لكنه كان مكروه
من احد الوجهاء المتنفذين ، تمكن الوجيه بما لديه من نفوذ ان يمنع المؤذن من اداء الأذان
و امر احد الاشخاص ان يقوم مقامه . لكن صوت المؤذن الجديد كان سيئا مزعجا للناس ،
فحاولوا منعه من الأذان لكنه رفض ذلك ، فذهبوا الى الشيخ فقال لهم : لست انا من عينته
بل انى ارى صوته من أنكر الاصوات ، عليكم بفلان فهو من رفعه الى المئذنة ، " و اللي
طلع الحمار على الميذنة خليه  ينزله " . و كما هو حال صوت النشاز الذي ينفر الناس ،
فإن الوزير الذي يقسم الشعب ، و يفرق بين مواطن و مواطن و بين منطقة و اخرى
 و يعمل للفرقة و الانقسام و يدعو  للكراهية و الحقد عليه ان يتنحى ، او على من عينه 
ان يقيله و يخلص الناس من شروره . ان من يريد ان يتحمل المسؤولية عليه ان يتجرد
من حقدة و ان يحمل صدرا يتسع للجميع او لينصرف الى غير رجعة . 

ماهر الصديق 
     
    




 
google-playkhamsatmostaqltradent