و من المنطق القول بأن الوضع العربي لو كان حاله افضل ، و موقفه موحد ،
و زعماؤه أقوى . و لو كانت الحرية متفشية في الامة ، لكان موقفنا اقوى ، و
لكان عدونا اضعف . لكن رب ضارة نافعة ، و السياسي الحاذق هو من يحول
الازمات لمصالحه ، و يقلب السلبيات الى ايجابيات و ذلك من خلال اختراق
الصعاب و اتخاذ اجراءات تقلب الطاولة على رؤوس المتآمرين . يجب البحث
بوسائل جديدة تؤذي العدو و عملائه و تفوت الفرص و تقطع الطرق عليهم .
ان اهم خطوة تقلق العدو و تربك مشاريعه و تجعله يفقد سببا من اسباب قوة
موقفه هي في وحدة موقف شعبنا و قيادته . و هذه الوحدة حتى تكون جدية
و يفهمها العدو و الصديق يجب ان تعتمد على اسس واقعيه تنعكس عمليا
على كافة الصعد من القاعدة الى القمة . و حتى ننجح في هذه المواجهة
المحتدمة ، و نتجاوز مخاطر التصفية و ابتلاع ما تبقى من الارض ، ونرد
بقوة على صفقة القرن و تبعاتها الكارثية ، و نواجه عملية انتشار الصهينة
في هذا الوطن العربي الكبير ، يجب علينا اتخاذ خطوات فاعلة تتجاوز كل
المصالح الفئوية الضيقة و تضع المصلحة الوطنية الكبرى فوق كافة المصالح .
اولا : الغاء اتفاق اوسلو و كل ملحقاته و ما ترتب عليه من لجان و مكاتب
تنسيقية و بالاخص التنسيق الامني الغاءا كاملا علنيا ، و سحب الاعتراف
بكيان الاحتلال ، و إعادة الحياة للميثاق الوطني بإعتباره الاساس الثقافي
و الكفاحي للشعب الفلسطيني و قواه الوطنية و الاسلامية .
ثانيا : اعادة تفعيل مؤسسات المنظمة على كافة المستويات و بالاخص منها
المجلس الوطني و المركزي و اللجنة التنفيذية على اسس صحيحة تقوم على
الانتخاب الحر و المباشر ، و تحقيق الشراكة الحقيقية ، و نبذ كافة اشكال
التفرد و التلاعب و الاستئثار و اعتماد العمل المؤسسي القائم على التخطيط
و التشاور و العمل الجماعي .
ثالثا : حل السلطة التي قامت على قواعد اوسلو ، و اقامة دولة فلسطينية
تمثل الشعب الفلسطيني بكافة اطيافه التنظيمية و السياسية و الاجتماعية
و ذلك من خلال الاختيار الحر . لم تعد هناك مشكلة في مشاركة قطاعات شعبنا
في كل اماكن وجوده في مثل هذه الانتخابات ، و من الممكن تشكيل لجان
وطنية مستقلة من كفاءات و متخصصين و تقنيين من الداخل و الخارج لدراسة
الآليات التي تكفل المشاركة الواسعة من قطاعات شعبنا في هذه الانتخابات .
رابعا : اعادة الاعتبار لاشكال النضال المختلفة التي تضمن بقاء قضيتنا حية
كقضية مركزية للامتين العربية و الاسلامية ، و اعتبار الكفاح بكافة اشكاله
هو حق تضمنه الشرائع السماوية و الوضعية و تكفله القوانين الدولية المعاصرة
للشعوب التي تقع تحت الاحتلال . و لقد قامت الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال
بما فيها الشعوب الغربية بالكفاح المسلح ضد الجيوش التي احتلت اراضيها .
خامسا : اعتبار التطبيع من اي دولة عربية هو خنجر مسموم في ظهر القضية
المركزية للامة ، و يجب العمل على اقناع الدول العربية التي وقعت اتفاقات مع
العدو ان تتراجع و تلغي تلك الاتفاقات لما تشكل من ضرر كبير على القضية
الفلسطينية و قضايا الامة ، و نحن نرى المشكلات الاقتصادية و السياسية و
الاجتماعية التي تمر بها تلك البلدان ، و هي التي كانت تأمل بازدهار و تطور
لاوضاعها كنتيجة من نتائج النطبيع !
سادسا : مواجهة السياسة الامريكية التي تنحاز و تتبنى المواقف الصهيونية ، بل
تكون في معظم الاحيان اكثر تطرفا من الصهاينة ، و يجب عدم القبول بان تكون
الادارة الامريكية وسيطة او راعية لاية اتفاقات مستقبلية باعتبارها غير حيادية .
اننا امام مرحلة غاية في الدقة و الخطورة ، مع التسابق نحو التطبيع ، و التحريض
على القضية الوطنية و على عدالتها ، و التسويق لعصر صهينة المنطقة .
امامنا فرصة لا تعوض لافشال هذه الهجمة الصهيونية الامريكية المتعاونة مع
الانظمة العربية . علينا الخروج فورا من قمقم الانقسام ، و اعادة العمل المؤسسي ،
و توحيد الخطاب السياسي . ثغرات ينفذ منها العدو لتحقيق غاياته في تصفية قضية
شعبنا و اختراق امتنا ، فإن لم نفعل نكون شركاء في المؤامرة ، و معاول هدم للقضية .