ظروف صعبة تمر بها البشرية جمعاء مع الوباء المتفشي و المتنقل ،الذي
لم يفرق بين غني و فقير او بين امير و عامي ، لم يميز بين دولة نامية
و دولة صناعية أو بين دولة نووية و دولة مختفية في مجاهل افريقيا .
لقد ساوى هذا الفايروس التاجي بين البشر ، لكن البشر تمسكوا بتمييزهم
و غيهم ، فكانت الجائحة بما فيها من بلاء اقل خطرا من النفوس الجامحة ،
التي لم تتلق الرسالة الى الان و لم ترعوي و توقف الظلم الواقع على اكثرية
الناس من ضحايا الجشع و الاحتلال و الحروب و الاستبداد و القهر و القمع .
فإن كان العيد يأتي هذا العام على الامة الاسلامية و على الانسانية بشكل
مختلف عن سابقيه من السنين فإنه يأتي على الشعب الفلسطيني بنسبة ثقيلة
من الالام و من الهموم ، فمع استمرا العدو بالتهويد و ابتلاع الارض الفلسطينية
و مع استمرار القمع و العدوان و تقطيع اوصال الوطن و مع معاناة الاسرى
و عائلاتهم ، تمرعلى الفلسطينيين ضائقة مالية خانقة لا سيما على اللاجئين
في لبنان و سوريا نتيجة للظروف الخاصة التي تتحكم بهم . لان الدولة عندما
تقدم معونات لمواطنيها تستثنيهم كونهم لاجئين ، و الانروا قد قلصت خدماتها
الى ما تحت الحد الادنى . اما المساعدات الطارئة التي قدمتها لعدد محدود
فكانت مساعدات مغموسة بالاهانة و الاذلال . و لم تبرز معالم ايجابية على
الواقع المؤلم الا تلك المبادرات الشبابية المباركة التي قدمت مساعداتها للفقراء
المحتاجين الذين لم يلتفت لهم احد من المؤسسات الكثيرة المنتشرة و التي من
المفروض انها مسؤولة عنهم . ان الواقع الفلسطيني و العربي شديد التعقيد
مع وجود حكومات عاجزة غير قادرة على ادارة الازمات ، فالفلسطينيون
في الداخل لا يتمتعون باستقلالهم و امكانيات الحركة عندهم محدودة و مرهونة
باتفاقيات او احتلال او حصار و في الخارج هم رهينة الدول التي تراهم
عبئا ثقيلا عليها . اما الواقع العربي فحدث و لا حرج ، فبالاضافة للخلافات
و الصراعات و الاقتتال هنا و هناك تنتشر في الامة بلاءات ابن سلمان و ابن
زايد التطبيعية المشبوهة التي تريد ان تلف الحبل على عنق القضية المركزية
لهذه الامة . و تروج للحلم الصهيوني الداعي للسيطرة على الامة عسكريا
و سياسيا و ثقافيا . و ما يزيد الطين بلة ذاك الجمهور من الجهلة الذين يقدمون
العصبوية القطرية و القبلية على العقيدة و العرف و على القومية و الكرامة .
ان هذا الواقع المزري بما يحمله من خيبة و بما يصبغه بلون قاتم الا انه
ينذر بمخاض جديد لا بد آت ، مخاض يكون نتيجتة ولادة جيل جديد يحمل
العبئ و يخلص الامة من ادرانها و يحقق الانتصار على المشروع الصهيوني .
فالهرولة للتطبيع لن يحقق لاؤلئك البائسون غاياتهم و لن يحميهم و يقدم لهم طوق
النجاة لان عجلة الشعوب لا تدور الى الوراء انها دائما في اتجاه واحد و هو
اتجاه التغيير ، فإن طال زمن الفساد و الاستبداد إلا انه يحمل في حركته وعي
جماهيري ، و يبرز طليعة لا بد من ظهورها مع اشتداد الازمات و مع جنوح
القوى المستبدة نحو الخيانة اكثر فاكثر . فمن البديهي القول بأن من يخطو خطوة
واحدة في طريق الخيانة لا يمكنه العودة لانه يحرق نفسه ، و لكنه يجهل بانه
محترق على كل حال و لكن بايدي الشرفاء الذين يمكنهم القبول بالفقر والاستبداد
لكنهم لا يقبلون بالتعايش مع الخونة . لقد بقي الحال على حاله و لكن الارهاصات
كثيرة نراها بام العين في بلادنا ، نرى الغضب الذي لم يصل حد الانفجار في
وجوه الطيبين المتمسكين بعقيدتهم و عروبتهم ، نراهم يعتصرون الما و ينتظرون
مبادرة للثورة ، ثورة تقتلع الخيانة من جذورها و تعيد للامة مجدها و سؤددها .
كل عام و انتم بخير ايها الشعب الفلسطيني الابي ، كل عام و الامة العربية و
الاسلامية بخير و موعدنا على ابواب الاقصى و ما ذلك على الله بعزيز .