recent
أخبار الساخنة

*اللاجئون الفلسطينيون في لبنان في زمن "الكورونا" و "حيادية الأونروا"!*

الصفحة الرئيسية


شهد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان في أقل من سنة عدة تحديات كبيرة عصفت بهم وبأوضاعهم الإنسانية ما جعلتهم اليوم بين سندان السلامة من وباء "كورونا" وبين مطرقة عوز الفقر والجوع، الأمر الذي لا يُفرق بين أحد من اللاجئين الفلسطينيين، بل يطرق أبوابهم جميعاً وخصوصاً الفقراء منهم.

*اللاجئون الفلسطينيون والتحديات الثلاث:*
وفي استعراض تسلسلي زمنياً لتلك التحديات التي فاقمت الأزمة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان وانعكست سوءًا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهم، في ظل غياب دور حقيقي للمؤسسة الدولية المعنية بشكل مباشر عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وكالة "الأونروا"، وفي ظل حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لأبسط الحقوق الأساسية لهم، أبرزها حق العمل وحق التملك.

*الأزمة الأولى:*
شكّلت إجراءات وزارة العمل اللبنانية بخصوص تنظيم العمالة الأجنبية في لبنان، تحدياً كبيراً أمام العامل الفلسطيني، حيث أن هذه الإجراءات لم تستثنيه نظراً لخصوصية اللاجئ الفلسطيني وهويته السياسية والإنسانية التي تختلف عن أي لجوء آخر في العالم. ومنذ إعلان تطبيق خطة وزارة العمل اللبنانية بداية تموز 2019، والبدء في ملاحقة العمال الأجانب المخالفين، وشمل ذلك العامل الفلسطيني، وتغريم المؤسسات التي تشغّلهم دون وجود إجازة عمل، بالإضافة إلى تغريم وإقفال عدد من المؤسسات الفلسطينية بسبب عدم وجود ترخيص.

في المقابل، اعتبر اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بكل مكوناتهم أن إجراءات وزارة العمل اللبنانية بالجائرة واللاإنسانية كونها لا تُراعي خصوصية اللاجئ الفلسطيني، وأيضا أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المأساوية. مما أدّى إلى اندلاع انتفاضة شعبية غاضبة شملت كل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان واستمرت لحوالى شهرين ونصف بشكل متواصل، شهدت المخيمات خلالها تنظيم مظاهرات احتجاجية أبرزها *جمعة الغضب*، بالإضافة إلى إقفال المخيمات ووقف الحياة الاقتصادية فيها، وإطلاق برامج شعبية وسياسية وإعلامية مندّدة بإجراءات وزارة العمل اللبنانية.

وقد انتظر اللاجئون الفلسطينيون في لبنان إلى موقف داعم لتحركاتهم الاحتجاجية وداعم لمطالبهم، خصوصاً من وكالة الأونروا، التي أخذت موقف "الحيادية" وعدم التدخل في الضغط على الحكومة اللبنانية من خلال المجتمع الدولي، للتراجع عن هذه الإجراءات بحق العامل الفلسطيني، إلاّ أنها عبّرت عن تفهمها لخطة وزير العمل اللبناني في إجراءات تنظيم العمالة الأجنبية في لبنان.!
ورغم تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءاً، لم تتدخل وكالة الأونروا على المستوى الإنساني من خلال تقديم أي نوع من المساعدات العاجلة مثل الطرود الإغاثية والقروض المالية وغيرها لإسناد اللاجئين في محنتهم.

*الأزمة الثانية:*
توقفت التحركات الاحتجاجية للاجئين الفلسطينيين ضد إجراءات وزارة العمل اللبنانية، بعد أن شهد لبنان اندلاع ثورة شعبية لبنانية غاضبة بتاريخ 17 تشرين الأول 2019 ضد تردّي الأوضاع الاقتصادية والمالية وتفشي الفساد. حيث دخلت البلاد في حالة شلل تام على مختلف الأصعدة وخصوصاً تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية، مما انعكست سوءاً على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، وبات يّوصف بالكارثي لجهة غياب فرص العمل وزيادة مستوى البطالة التي وصلت حوالى 65 % وارتفاع معدلات الفقر حيث وصلت 80 %، وفي ظل ارتفاع الأسعار على المواعد الغذائية والاحتياجات الأساسية اليومية، مع تدهور حاد في العملة المحلية مقابل الدولار.

نظّم اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان عدة وقفات احتجاجية أمام مكاتب وكالة " الأونروا" في المخيمات، طالبوا فيها إدارة "الأونروا" بتحمل المسؤولية تجاه معاناتهم، وعدم الاكتفاء بالمشاهدة فقط وحالة "الحيادية" التي تتبعها، إلاّ أن وكالة "الأونروا" لم تصغِ لمناشداتهم حتى الآن، وإن معظم اللاجئين الفلسطينيين يتهمون وكالة "الأونروا" بالتقاعس والتقصير غير المبرر في وقت هُم بأمس الحاجة للإغاثة والعون، وهم يرون أن وكالة"الأونروا" من واجبها تأمين وتقديم المساعدات المالية والغذائية بأسرع وقت ممكن لجميع العائلات الفلسطينية، وخلق فرص عمل لهم.

وفي هذا السياق.. وجّه العديد من الجهات السياسية والشعبية والحقوقية الفلسطينية نداءات عدة طالبت فيها وكالة "الأونروا" التدخل الفوري لتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة للاجئين الفلسطينيين، بالإضافة إلى إعلان خطة طوارئ إغاثية وتوجيه نداء إنساني للتبرع لصالح دعم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

في المقابل كان هناك دور واضح ومهم للمجتمع المحلي الفلسطيني، في ظل غياب دور وكالة الأونروا الذي لا يُعفيها من المسؤولية تجاه اللاجئين، حيث شهدت المخيمات والتجمعات الفلسطينية إطلاق عدة حملات ومبادرات إغاثية محلية ودولية. وذلك بهدف تأمين الغذاء والدواء وبعض المساعدات الأخرى للعائلات الفقيرة في محاولة للتخفيف من معاناة اللاجئين، بعد أن سُجلت حالات كثيرة من بيع أغراض البيوت، وتفشي بعض الأمراض في المخيمات، وتسرب العديد من الطلاب من جامعاتهم بسبب عدم قدرتهم لسداد أقساطهم الجامعية.

*الأزمة الثالثة:*
ومع انتظار اللاجئين الفلسطينيين في لبنان للوعود التي قطعتها إدارة "الأونروا" بتقديم مساعدة مالية و "لمرة واحدة فقط"!، وفي ظل استمرار الأزمة اللبنانية وتداعياتها سوءاً على الأوضاع الاقتصادية والمالية، جاءت أزمة جديدة وأشد خطورةً من سابقاتها وعابرة للجنسيات والجغرافية لتظلي بظلالها الثقيل على كاهل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتزيد البلاء عليهم أكثر بعد أن انتشر وباء عُرف باسم "فيروس كورونا"، جعل العالم رهن الاعتقال الفردي والجماعي في المنازل. منذ نهاية شباط 2020 دخل لبنان في مواجهة أزمة "كورونا" التي أدّت إلى زيادة الهلع والخوف بعد تسجيل أول إصابات بمرض "فيروس الكورونا"، ثم تدحرجت الكرة وارتفع نسبة تسجيل الإصابات بالمرض، مما استدعى لتعطيل الحياة العامة بكافة أشكالها من خلال إعلان الحكومة لحالة "التعبئة العامة" والطلب من الناس التزام منازلهم واتخاذ إجراءات الوقاية للحد من انتشار المرض وحرصاً على السلامة الفردية والجماعية.

ومن البديهي أن تدخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان في حالة "التعبئة العامة"، والبدء بإجراءات احترازية قامت بها المؤسسات الطبية الفلسطينية وفرق الدفاع المدني ومبادرات تطوعية أخرى، حيث تم تنظيم حواجز عند مداخل المخيمات لفحص الوافدين للمخيم وإجراء التعقيم على سياراتهم، بالإضافة إلى جولات تعقيم في شوارع وأحياء المخيمات والمراكز والمرافق العامة والمساجد. وقد تم تشكيل لجان متابعة ميدانية من الفصائل واللجان والمؤسسات في تلك المخيمات للإشراف وضبط تطبيق حالة "التعبئة العامة".

في المقابل، كان دور المؤسسة الدولية المعنية بشكل مباشر عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وكالة الأونروا، في التعامل مع أزمة "كورونا" خجولاً ولا يرتقي لمستوى المسؤولية ولا يوازي حجمه الدور الذي تلعبه بعض المؤسسات والجمعيات الصغيرة بإمكاناتها قياساً بالوكالة، تجاه التخفيف من معاناة اللاجئين الفلسطينيين. واكتفت الوكالة بالإعلان عن استعدادها للتعامل صحياً، بالتعاون مع وزارة الصحة اللبنانية، مع أي حالة إصابة بمرض "كورونا" تُسجل لدى مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. أمّا قضية تقديم المساعدات الإغاثية العاجلة للاجئين يبقى دور الوكالة "حيادياً" رغم مرور حوالى تسعة أشهر على الأزمات والتحديات الثلاث التي عصفت باللاجئين!!

وللتذكير استطراداً، مرفق جزء من تصريح مدير عام وكالة الأونروا في لبنان السيد "كلاوديو كوردوني": "لاجئو فلسطين في لبنان يعتمدون على الأونروا لتقديم المساعدات الحيوية. وأضاف "إن الأزمة المالية في لبنان هذا العام تؤثر على الجميع، الأمر الذي يجعل اعتماد هؤلاء اللاجئين علينا أكبر. إن دعم الأونروا لا يعتبر بديلا عن الحل السياسي الذي لا بد من التوصل إليه سريعاً، لكن بإنتظار هذا الحل من الضروري الحفاظ على حياة كريمة لمجتمع لاجئي فلسطين."

شكراً.. وكالة الأونروا على دور "الحيادية" في التعامل مع معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.!!

*إعداد: منظمة ثابت لحق العودة*
الخميس، 26 آذار 2020
google-playkhamsatmostaqltradent