recent
أخبار الساخنة

ويل لقاضي الارض من قاضي السماء

الصفحة الرئيسية


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة،
 رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار
 في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار .
لا ادري كيف يمكن للقاضي ان يحكم بالباطل ليكسب رضى زعيمه و يخالف
اوامر الله تعالى الذي يدعو للقضاء بالعدل ، قال تعالى :" ومن لم يحكم بما انزل الله
فأؤلئك هم الكافرون " فهل يقبل القاضي الدمية ان يبيع آخرته بدنيا غيره ! بل كيف
يقبل على نفسه ان يحنث بقسمه و يخالف ما تعلمه ؟ انها امانة في عنقه و لعنة عليه
الى يوم الدين . قال الرسول عليه السلام :" من حكم بين اثنين تحاكما اليه و ارتضياه
فلم يقض بينهما بالحق فعليه لعنة الله " . للاسف لقد ذهب العصر الذي كان يحكم
القاضي على الخلفاء و هم على الحق ، مثلما قضى شريح رحمه الله تعالى على
عمر بن الخطاب و على علي بن ابي طالب رضي الله عنهما و هما في اعلى قمة
السلطة . لقد عرف العرب و المسلمين هذا النوع من القضاء قبل ان يمارسه الغرب
في عصرنا هذا ، لقد كان القضاء فوق السلطة و فوق الامراء ، و كان القضاء
لا يفرق بين غني و فقير و لا بين امير و صعلوك و لا بين قائد عسكري و جندي .
لم يكن القاضي يخشى احد من الناس مهما كان موقعه ، و لم يكن يقبل القضاء
الا بسلطات كاملة غير محدودة الا حدود العدل ، لهذا لم يخش في حكمه لومة
لائم و لا بطش جلاد ، و كان يعرف ان حكمه نافذ مهما كان حتى لو كان لذمي
على امير او لعابر طريق على شيخ قبيلة . كان هذا في اوضح صوره في حكم
عمر رضي الله عنه لمصلحة قبطي على امير مصر و ابنه ، و لاعرابي من فزارة
على الملك الغساني جبلة بن الايهم ! الشواهد في تاريخنا الناصع لا حصر لها .
و هذه من الاسباب الكبيرة التي جعلت الامة تسود على بقية الامم لمئات السنين
فالامة العادلة هي التي تنتصر و تخضع الشعوب بعدلها و مساواتها و تحفظ
للناس كراماتهم و حقوقهم و ارزاقهم بغض النظر عن معتقداتهم و افكارهم .
و في عصرنا و مع تهاوي العدل و الانصاف و مع تبعية القضاة للسلطات و
الامراء و الاغنياء ، غاب القضاء و غابت معه شمس الحريات و العدالة،
غابت قيمة الامة و سادت شريعة الغاب التي يفرضها الحكام البغاة الذين
يملكون القوة و المال و الزنازين و يملكون ايضا العبيد من القضاة و الجلادين
و الجنود و الابواق المنافقة و الجبناء و الجهلة من العوام . غاب القضاء فيزج
في السجون الابرياء من الناس ، العلماء و الفقراء و النساء و الاطفال ، يعذبون
و يقتلون في الزنازين و تهان كراماتهم و تهتك اعراضهم و تسلب ممتلكاتهم
و يحكم على المئات احكام جماعية بالاعدام و تغيب قيمة الانسان حتى يصبح
ادنى قيمة من الحيوان، كل هذا بحكم قضاة باعوا ضمائرهم بشئ زهيد و باعوا
ايضا شرفهم و انسانيتهم و حنثوا بقسمهم و فوق كل هذا خالفوا دينهم و عصوا
ربهم . كيف تنهض امة و علماؤها في السجون او في المنافي ، كيف تنهض
و العدل ميت ؟ الابرياء يحاكمون ! و المجرمين الفاسدين يتمتعون بالاموال
المنهوبة من خزائن الدولة التي هي ملكية عامة . لا يمكن ان تنهض امة الا
بالعدل و بسيادة القانون على كل مواطن من الرئيس او الملك او الامير الى
المواطن البسيط الذي لا يملك قوت يومه . فالبسيط من الناس و الملك سيان
في المواطنة و امام القانون لا فرق بينهما الا في الوظيفة . لن نسير الى
الامام الا عندما نرى اؤلئك المجرمين الذين عاثوا فسادا و استخدموا نفوذهم
في خدمة انفسهم و حاشيتهم و اسيادهم خلف الحدود والمحيطات نراهم
مقيدين في المحاكم امام قضاة عدول يحكمون بما يرضي الله لا ما يرضي
الاهواء و المصالح . قيل انه في خلافة سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه
وجدوا في اليمن رجلا في غار يحمل لوح مكتوب عليه :
اذا خان الامير و كاتباه .... و قاضي الارض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل .... لقاضي الارض من قاضي السماء

ماهر الصديق    
      
  


 
 
 



google-playkhamsatmostaqltradent