معاناة اهلنا في مخيمات لبنان مستمرة و ربما لن تنته عما قريب .
فإن مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية تفرض على اطرافها القيام
بكل الضغوط الممكنة لتمرير مشروعهم الاجرامي و في مقدمة المسائل
الشائكة مسألة اللاجئين التي تبرز كلما طرحت " الحلول " التصفوية ، هذا
الى جانب مسألة القدس و الحدود و بقية المسائل العالقة . اذن فإن معاناة
اهلنا في المخيمات ليست من قبيل المصادفة ، و ليست ناتجة عن ازمات عامة
في البلاد التي يقيمون فيها ، انما نتيجة لمشروع متكامل يهدف الى تيئييس اللاجئ
الفلسطيني للقبول باي حل يبدأ بالهجرة و لا ينتهي الا بالتفريط بحق العودة .
ربما كان من حسن الطالع ان انتفاضة الشعب اللبناني قد سبقتها انتفاضة المخيمات
التي عبرت عن مدى الظلم و الاجحاف التي يلحق بالفلسطيني بما يزيد عن اخيه
اللبناني الذي يتمتع بكافة الحقوق و الضمانات . فإذا كان المواطن اللبناني يصرخ
الما من الظروف الاقتصادية المتدهورة و من اداء حكومته و تسلط ساسته فكيف
بالفلسطيني الذي تحرمه القوانين اللبنانية من كافة الحقوق ثم تبع ذلك الوزير
العنصري بقرارات ظالمة تحرم عليه العمل الا بتصريح لا يمتلك حتى تكاليفه
و تحرمه من حقوقه كلاجئ ، و ذلك بعد اجراءات مدروسة من الدول الغربية
و على رأسها امريكا لانهاء عمل الانروا التي تغطي الشئ القليل من الاحتياجات
خصوصا في المجالين الطبي و التعليمي . ان افضل انجاز حققته الانتفاضة اللبنانية
هي اسقاط حكومة الحريري المسؤولة عن زيادة معاناة اللاجئ الفلسطيني في لبنان .
سقوط مريع غير مأسوف عليه و لكن يجب ان نكون على جاهزية لمفاوضة اية
حكومة قادمة لالغاء القرارات العنصرية و غير البريئة التي اتخذتها حكومة
الحريري و بعض وزرائها . يبقى السؤال كيف نواجه المحنة و كيف نخفف
من معاناة اهلنا في المخيمات حتى يفرجها الله عزوجل عليهم . في البداية
يجب استمرار العمل و المطالبات بتحمل الانروا لمسؤولياتها الطبيعية تجاه
اللاجئين الفلسطينيين حتى تحل مشكلتهم المرتبطة بحل المسألة الفلسطينية
و في نفس الوقت يجب التواصل مع الحكومة اللبنانية القادمة و مع الاحزاب
المختلفة من اجل رفع المعاناة عن كاهل اللاجئ الفلسطيني في لبنان . و يبقى
هناك الاطار الفلسطيني نفسه و هو الاهم في هذا المجال . فالمنظمة كونها الممثل
الوحيد يقع عليها المسؤولية الكبرى ليس على موظفيها و اعضاء فصائلها فقط
كما هو الحال انما مسؤوليتها على كل مواطن فلسطيني ، فيجب اقتسام تلك الملايين
من الدولارات بين المؤسسات و الاعضاء و بقية اللاجئين و هذا حق لهم و ليس
استعطاء . لقد آلمني كثيرا الاعلان الغريب الذي يقول ان المنظمة و فصائلها سوف
يتعاملون بالدولار الامريكي بدفع رواتب الاعضاء! و اين عموم اللاجئين الذين لا دخل
و لا عمل لهم و يعيشون تحت خط الفقر؟ ليس لاحد منة عليهم بكل الاحوال ، فإن
الاموال التي في صندوق المنظمة هي للشعب الفلسطيني برمته و ليس لفصيل او
او فصائل بعينها . انه ايضا نوع من التكافل في زمن الضيق و الازمات ،
فالفصائل نفسها يجب عليها الاقتطاع من الاعضاء لمصلحة العامة ، و هذا مطلوب
من كافة الفصائل بلا استثناء . فيما يقع على المغتربين تقديم العون بقدر الامكان،
فهذا شعبهم و هؤلاء اهلهم و عزوتهم و لو لم تتح لهم الفرصة بالاغتراب لكانوا
في نفس الوضع الذي يعيشه اهلهم و اخوتهم . ارى ان يتم احصاء العائلات
المحتاجة من العاطلين عن العمل و الذين لا دخل لهم او من اصحاب الدخل غير
الكافي و من المرضى لا سيما اصحاب الامراض المزمنة ثم تقدير احتياجاتهم
الشهرية و دفعها من خلال صندوق يخصص لهذا الشأن ، و ربما يتم انشاء
هيئة خيرية من المعنيين بالشأن الاجتماعي ممن يعرف عنهم نزاهتم و نظافة
اياديهم و حرصهم لتنظيم هذا الامر و لرفع المعاناة عن اللاجئين حتى يفرجها الله .
ماهر الصديق
إعلان منتصف المقال