recent
أخبار الساخنة

مدير عام الاونروا: اللاجئون يزدادون غضبا وياسا ويجب تخفيف وطاة الازمة اللبنانية عليهم





لمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وجه المدير العام لوكالة "الأونروا" في لبنان كلاوديو كوردوني كلمة الى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، اكد فيها إنهم اليوم هم من بين الفئات الأكثر حاجةً، مشيرا الى ان الأونروا تتلقى باستمرار مناشدات لتوفير مساعدات طارئة. بينما يطالب الشباب الفلسطيني بالمساعدة في اعادة التوطين في بلدان أخرى وهو امر خارج نطاق تفويض الاونروا، مشددا ان اللاجئيين يزدادون يأسًا وغضبًا لذلك يجب أن نجد طرقًا تخفف من وطأة أثار الأزمة الحالية على كل المتضررين في لبنان.

وقال كوردوني في كلمته: في العام 1977 أعلنت الجمعية العامة يوم 29 تشرين الثاني اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وفي 29 تشرين الثاني عام 1947 اعتمدت الجمعية العامة القرار الرقم 181 (II) المتعلق بتقسيم فلسطين. وكان هذا هو حلّ الدولتين مع خريطة كما تم طرحه في حينها، أمّا اليوم فما من خريطة لحلّ الدولتين. في الواقع، تتراجع بسرعة احتمالات التوصل الى حلّ الدولتين وإن كانت لا تزال تنال تأييد معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وهو بالطبع الموقف الرسمي للأمم المتحدة: دولتا إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب بسلامٍ وأمن.

قبل أسبوعين، في يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر، اعتمدت اللجنة الرابعة للجمعية العامة مشروع قرار لتمديد فترة ولاية الأونروا حتى العام 2023. وصوتت لمشروع القرار 170 دولةً أي بفارق 4 اصوات اضافية عن التصويت الاخير في العام 2016 . وهو بالفعل اعادة تأكيد على الثقة بدور الوكالة بعد مرور 70 عاماً على تأسيسها من قبل الجمعية العامة يوم 8 كانون الأول العام 1949 وهذا ما نحن اليوم بأمس الحاجة اليه. وستصوّت الجمعية في الشهر المقبل خلال جلسة عامة على مشروع القرار المعتمد من اللجنة الرابعة.

وعلى الرغم من إيجابية هذا الخبر، إلا أنّ هذه الخطوة غير كافية. فنحن نحتاج من الدول الأعضاء التي صوّتت على تجديد ولاية الأونروا ان تقدم الموارد التي تسمح بتنفيذ هذا القرار، وأن تستمر بدعم دور الأونروا الحيوي وهذا لأنّ وضع الأونروا بشكل خاص والفلسطينيين بشكل عام لم يكن يوماً مليئاً بالتحديات كما هو اليوم.

نحن نشهد اليوم هجوما منسّقا ومستداما من قبل البلد الأقوى على شرعية التطلعات الفلسطينية الهادفة الى تقرير المصير وإقامة دولة. وتمثّلت الصفعة الأخيرة باعلان الولايات المتحدة أنها لم تعد تعتبر أنّ المستوطنات الاسرائيلية تتعارض مع القانون الدولي. ولكنها بالطبع انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، كما تقرّ به اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريبا.

الحملة ضد الأونروا هي جزء من هذه المحاولة الشاملة لنزع الشرعية عن حقوق الفلسطينيين. تجلّت المحاولة أولاً بتقويض الأونروا مالياً، عندما خفّضت الولايات المتحدة مبلغ 300 مليون دولار من ميزانية الأونروا في شهر كانون الثاني 2018 وانتقلت من كونها المانح الأكثر موثوقية وسخاء إلى اقوى المنتقدين للوكالة. وفي شهر آب العام 2018 اعتمدت الولايات المتحدة بشكل علني سياسة رسمية تقضي بحلّ الأونروا بالكامل، وذلك من دون الإشارة إلى أي بديلٍ قابل للتطبيق. أمّا إسرائيل فهي بدورها تسعى إلى إنهاء وجود الأونروا بدءاً من طردها خارج القدس الشرقية المحتلة.

وقد يكون أسوأ شيء هو ما يتم تأكيده بشكل متكرر بأنّ وجود الأونروا بحد ذاته يطيل الأزمة وبالتالي الوكالة تعتبر هي جزءا من المشكلة. ولكننا نعلم تماماً أنّ الأونروا حتى ولو اختفت فلن يزول الفلسطينيون ولا حقوقهم، أمّا الأزمة فلن تنتهي هي الأخرى بل على العكس ستتفاقم.

ما هو الردّ إذن على الحالة الراهنة؟ هل نستسلم لليأس ونعترف بالهزيمة وننسى أمر الحقوق والتضامن ونمضي قدماً؟ أحياناً أشعر بهذا النوع من الكلل حتى عند الأصدقاء. لكن لا يمكن أن يكون هذا هو الردّ الصحيح، وخاصةً لا يمكن أن يكون هذا رد الأمم المتحدة بشكل عام والأونروا بشكل خاص. برأيي، إن الردّ يتضمّن عناصر عدة.

أولاً، يجب أن يستمر البحث عن حل سياسي للنزاع. وتعود هذه المهمة إلى الهيئات السياسية التابعة للأمم المتحدة، فعليها أن تعمل على تحقيق سلام حقيقي وعادل ودائم مع كل من لديه نفس الهدف بما في ذلك داخل المجتمع الإسرائيلي.

ثانياً، يجب أن تستمر الحماية والمساعدة الإنسانية للفلسطينيين وهذه مهمة الأونروا في لبنان وفي باقي مناطق عملياتها.

لقد استطاعت الأونروا حتى الآن مواجهة الهجمات العديدة بفضل الدعم المالي والسياسي الذي تؤمنه الجهات المانحة. ونحن نعتزم مواصلة تفويضنا الإنساني، الذي لا ينحصر فقط بتوزيع المواد الغذائية أو توفير الرعاية الصحية.

طبعاً، المساعدة مهمة جداً وسنستمر بتقديم أفضل ما يمكن بالنسبة للتعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية وأعمال البنية التحتية. لكن ولايتنا تشمل الحفاظ على حقوق الفلسطينيين وتعزيزها والمحافظة أيضاً على حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية في البلدان المضيفة لهم وذلك إلى حين التوصل إلى حل دائم وعادل لمحنتهم.

لذلك اسمحوا لي بأن أقدم بعض الملاحظات حول الوضع الحالي في لبنان. بدايةً، أؤكد تقدير الأونروا لدور لبنان في استضافة اللاجئين الفلسطينيين وفي دعم عملياتها في لبنان وفي المحافل الدولية. كما نرحب بالاجماع السياسي الذي تم التوصل إليه العام ٢٠١٦ بين الأحزاب السياسية اللبنانية والذي تُرجم في وثيقة بعنوان "الرؤية اللبنانية الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان". وتشدد هذه الوثيقة على العديد من المسائل من بينها رفض توطين الفلسطينيين في لبنان وإزالة القيود المفروضة على حقهم في العمل. نحن نعتبر هذه الرؤية أساساً لتطوير خطة شاملة تضمن تمتع لاجئي فلسطين بحقوقهم الإنسانية الكاملة في لبنان بانتظار حل عادل ودائم.

في هذا السياق، جرى الكثير من الجدل في الأشهر القليلة الماضية حول مسألة اجازة العمل للاجئي فلسطين في لبنان. اننا نعتبر بأن الوقت قد حان لاعادة النظر في هذا الشرط. لقد حان الوقت أيضًا لإنهاء الحظر المفروض على 39 مهنة كما لإنهاء الحظر على التملك. يمكنني سماع أصوات تعارض قائلة إن الوقت ليس مناسباً. ولكن الوقت لن يكون أبداً مناسباً إن لم تكن النية الحسنة موجودة.

بالطبع، يعاني لبنان اليوم أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الأهلية. وقد تأذى الجميع في لبنان بدءاً باللبنانيين وبشكل كبير ومن ثم اللاجئين السوريين والفلسطينيين وحتى العمال الآسيويين وغيرهم.

إن اللاجئين الفلسطينيين اليوم هم من بين الفئات الأكثر حاجةً والأونروا تتلقى باستمرار مناشدات لتوفير مساعدات طارئة. ويطالب الشباب الفلسطيني بالمساعدة في اعادة التوطين في بلدان أخرى وهو امر خارج نطاق تفويض الاونروا. باختصار ان اللاجئيين يزدادون يأسًا وغضبًا. لذلك يجب أن نجد طرقًا تخفف من وطأة أثار الأزمة الحالية على كل المتضررين في لبنان.

في النهاية، هذا هو المعنى الحقيقي للتضامن. إن المطالب هائلة. ولكن إن كانت النية حسنة سوف تجد المؤسسات السياسية اللبنانية مخرجاً من الأزمة السياسية وستبدأ بمعالجة الأزمة الاقتصادية. ويمكن للمجتمع الدولي إيجاد الموارد اللازمة للتخفيف من آثار هذه الأزمة. وفي ظل هذا التضامن، ستستمر الأونروا في لبنان في ضمان حصول لاجئي فلسطين على الحماية والمساعدة إلى حين إيجاد حل دائم وعادل لمحنتهم.



google-playkhamsatmostaqltradent