recent
أخبار الساخنة

*السياسة الفلسطينية أمام منعطف جديد ..ماذا بعد وضوح الرؤيا ؟ بقلم عبد معروف*

الصفحة الرئيسية


شكلت مواقف الادارة الأمريكية الأخير حول القضية الفلسطينية والاعتراف الأمريكي بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الاسرائيلي، ووقف المساعدات المالية لوكالة الأونروا ، صدمة أربكت السياسات التي اعتمدت خلال عقود من الزمن على أساس ان الولايات المتحدة الأمريكية راع عادل لعملية السلام في المنطقة بشكل عام وعلى المسار الفلسطيني بشكل خاص.

كما أظهرت القرارات الإسرائيلية الأخيرة على الأقل لكل المراهنات على عملية السلام مع الكيان المحتل أن هذا العدو لا يريد السلام ولا يعمل من أجله ، كما أن الاحتلال بشقيه الرسمي والحزبي أكد أن لا سلام على المسار الفلسطيني في إطار حل الدولتين .

وقد أبرزت المواقف والعمليات والاجراءات الأمريكية والاسرائيلية في الآونة الأخيرة أن مفهوم وأهداف السلام الذي عملت وتعمل من أجله الادارتين في واشنطن وتل أبيب تختلف كليا عن مفهوم وأهداف السلام الذي كانت تحلم أو تعمل من أجله القيادات العربية والفلسطينية.

فسلام واشنطن وتل أبيب هو ما يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية وتصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني داخل وطنه وفي دول الشتات ، كما ان السلام في المفهوم الأمريكي والإسرائيلي هو السلام الذي يمنح الكيان المحتل الأمن والاستقرار ويضمن لهذا الكيان العنصري التوسع على حساب الأرض العربية وتصاعد عمليات التهويد والاستيطان وإبعاد العرب الفلسطينيين عن ارضهم بصورة تدريجية.

كما ان مفهوم السلام وهدف المفاوضات لدى واشنطن وتل أبيب هو كما اثبتت الوقائع تهويد القدس وعدم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم كما كان يريد الطرف الفلسطيني وبعض العربي من عملية السلام .

كل ذلك أثبتته الوقائع التي برزت في هذه المرحلة بوضوح ، والمشكلة ليست اليوم في أن العدو الأمريكي الصهيوني تراجع عن عملية السلام ، بل هو أصلا لم يعمل من أجلها ولم يكن السلام العادل والشامل ضمن أهدافه ، بل المشكلة أن هذا العدو وهو يتحدث عن السلام ورغبته بالسلام لم يكن كاذبا ومخادعا فحسب ، بل كان أيضا يعمل في اتجاهين الأول تعزيز قدراته العسكرية وتعزيز استعداداته للمواجهة والحروب والصراع مع العرب ، والثاني أنه ساهم ولعب دورا كبيرا في تصفية أوراق القوة العربية من اقتصاد وعسكر وثقافة وأمن .. وعمل على المزيد من التفكك العربي وضرب نقاط القوة في الأمة العربية.

أما الطرف العربي بما فيه الفلسطيني فقط اتخذ من السلام خيارا استراتيجيا وحيدا بكل شفافية ووضوح وتخلى عن أوراق القوة العسكرية، وسلم أوراق اعتماده للراعي الأمريكي وعمل على تشكيل بنيته وقيادته وبرامجه وتحالفاته واستراتيجياته ودبلوماسيته على أساس أن السلام خيارا لا رجعة عنه .

فالاحتلال الاسرائيلي لن يسمح من خلال المفاوضات وعملية السلام بإقامة دولة فلسطينية وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، كما ان الخيار الفلسطيني والذي لا عودة عنه هو التمسك بالحقوق المشروعة وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين .

اليوم ومع وضوح الرؤيا لمن كانت ليست واضحة له ، ومع تأكيد واشنطن على انها عدو وطرف منحاز إلى الكيان الصهيوني وليست راعية للسلام ولم تكن طرفا نزيه في المفاوضات، وتأكيد الاحتلال الاسرائيلي أنه لا يريد السلام العادل والشامل ، وأن السلام بالنسبة له هو سلام تصفية القضية الوطنية الفلسطينية وأنه يعمل جديا وبشكل دائم ومستمر من أجل التوسع والعدوان والسيطرة والتهويد والاستيطان ويضرب عرض الحائط كافة قرارات الشرعية الدولية ، وكافة الاتفاقات والعقود التي وقعت . ما هي خيارات السياسة الفلسطينية والعربية عامة ، أمام كل ذلك ، بعد أن عملت القيادات على أن تكون البنية الفلسطينية والخطاب السياسي والعمل الدبلوماسي لخدمة السلام والمفاوضات مع هذا العدو ، ووقعت الاتفاقات والتزمت بالمعاهدات ، ما هي الخيارات ؟؟

السياسة الفلسطينية ، أمام منعطف جديد ، فلا سلام مع هذا الكيان ، ولا مكان لحل الدولتين والولايات المتحدة ليست ولم تكن يوما راعيا عادلا للسلام ؟؟ فهل تستمر السياسة الفلسطينية في خيار السلام الذي أغلقته واشنطن وتل أبيب بشكل كامل ، وبالتالي فإن هذا المسار لم يجن ثمرا ولم يحقق سلاما ولم يؤدي إلى بناء الدولة .

أم أن السياسة الفلسطينية ستعود لخيار الثورة ، ثورة لا تعمل من أجل تحرير الأرض المحتلة فحسب ، بل ثورة تعيد البنية النضالية الفلسطينية وتعمل على استنهاض همة الشعب وقدراته وحيويته ، تعمل على بناء قدرات المواجهة وتعيد بناء الانسان الفلسطيني الذي يعيش حالة اليأس والاحباط والتفكك .

وإذا كان هدف الشعب الفلسطيني هو نيل حقوقه المشروعة فإن الاحتلال (ومعه الولايات المتحدة) أغلق الطريق كليا ولم تعد هناك خارطة طريق تؤدي إلى السلام .. ولذلك ، أمام السياسة الفلسطينية البحث اليوم عن خيارات جديدة وتعمل على بناء جديد وسياسة وبرامج جديدة تكون قادرة على تحرير الأرض واستعادة الحقوق ومواجهة العدوان والحصار ، وهذا طبعا ليس ضربا من الخيال ، فالأوضاع التي كانت قبل انطلاقة حركة فتح عام 1965 لم تكن أفضل حالا ، والأوضاع التي أدت إلى انطلاقتها أصبحت اليوم متوفرة بصورة أوضح .
google-playkhamsatmostaqltradent