recent
أخبار الساخنة

الإعلام الأمريكي.. وحق العودة



غريغوري شوباك *

على مدى سنين كانت وسائل الإعلام الأمريكية ولا تزال تتجاهل بثبات إطلاع قرائها على حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.

مسألة اللاجئين هي سبب رئيسي لبقاء مسألة فلسطين/«إسرائيل» من دون حل، ومع ذلك تواصل وسائل الإعلام الأمريكية تجاهل هذه المسألة إلى حد بعيد.

وقد أجرت مجموعة «فاكتيفا» للدراسات الإعلامية، دراسة حول تغطية ثلاث صحف أمريكية رئيسية؛ هي: «نيويورك تايمز»؛ و«واشنطن بوست»؛ و«وول ستريت جورنال»، لمسألة فلسطين/«إسرائيل»، فوجدت أن هذه الصحف نشرت 45285 مقالاً أو دراسة حول مسألة فلسطين خلال آخر عشر سنوات

(2009 - 2018 )؛ ولكن من بين كل هذه المقالات والدراسات، احتوت 624 منها فقط على عبارة «حق العودة».

بتعبير آخر، منذ مارس/آذار 2009، نشرت هذه الصحف ما مجموعه 44661 مقالاً حول المسألة الفلسطينية خلت من أي إشارة إلى حق العودة الفلسطيني. وهذا يمكن اعتباره أحد الأسباب لبقاء هذه المسألة من دون حل. وهذا يعني أيضاً أن 0.01 % فقط من تغطية هذه الصحف الثلاث لمسألة فلسطين والفلسطينيين على مدى السنوات العشر الأخيرة تحدث عن، أو أشار بصورة عابرة إلى مسألة حق العودة.

وواقع أن وسائل الإعلام الأمريكية هذه تتوجه أساساً إلى الجمهور الأمريكي، إنما يؤكد خطورة هذه الثغرة في التغطية الإعلامية الأمريكية؛ لأن دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين تستخدم من أجل حرمان الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى ديارهم. وعندما يتحدث صحفيون أو معلقون أو كتّاب في مقالاتهم في هذه الصحف عن مسألة فلسطين/«إسرائيل»، فإنهم لا يشيرون إلا نادراً إلى حق العودة. وذهبت الصحفية في «واشنطن بوست» جنيفر روبين إلى حد أنها انتقدت رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس؛ لأنه «يرفض التخلي عما يُسمى حق العودة»؛ وذلك في مقال نشرته بتاريخ 10 فبراير/شباط 2014. أما الصحفي في «وول ستريت جورنال» مايكل ويس، فقد اكتفى بإشارة عابرة إلى «ما يُسمى» حق العودة «للفلسطينيين» في مقال نشره بتاريخ الثاني من يناير/كانون الثاني 2011.

وروبين وويس يكذبان على قرائهما. واستخدامهما تعبير «ما يُسمى» هو طريقة للقول إن هذا الحق غير مشروع أو غير قانوني؛ ولكن قرار الأمم المتحدة رقم 194، بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 1948، والذي تبنته الجمعية العامة عقب طرد 750 ألف فلسطيني على الأقل من ديارهم، واضح تماماً. فهو ينص على أن الجمعية العامة «تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر...».

كما نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» افتتاحية بتاريخ 24 مارس/آذار 2014 قالت فيها إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يرفض الاعتراف ب«إسرائيل» كدولة يهودية؛ «لأنه إذا اعترف بذلك فسوف يكون قد تخلى عما يسميه الفلسطينيون، حق العودة».

وعبارة «ما يسميه الفلسطينيون، حق العودة»؛ توحي بأن الفلسطينيين هم الوحيدون في العالم الذين يؤمنون بهذا الحق؛ ولكن في الواقع، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3236) الصادر بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1974 ينص على أن الجمعية العامة «تؤكد من جديد أيضاً حق الفلسطينيين، غير القابل للتصرف، في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها واقتلعوا منها، وتطالب بإعادتهم».

ولكن «شرحاً» للقرار (3236) نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» بتاريخ الأول من يونيو/حزيران 2015 يقول إن «هناك سكاناً يستقرون بصورة دائمة في الضفة الغربية وغزة؛ كما أن هناك أيضاً الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في بلدان أخرى يطالبون ب«حق العودة» المتنازع بشأنه، في حين أن العديد من المستوطنين «الإسرائيليين» يعيشون في الضفة الغربية، ويؤكدون سيادة بلدهم هناك».

غير أن هذا «الشرح»، الذي ادعت الصحيفة أنه جزء من «استبيان محايد» حول مسألة فلسطين/«إسرائيل»، لم يتضمن أي إشارة إلى من هو الطرف الذي ينازع في حق العودة، وعلى أي أساس.

إن شرحاً صحيحاً وأميناً للقرار (3236) لا بد أن يقول: إن «الفلسطينيين لهم حق في العودة تؤيده الأمم المتحدة؛ ولكن جرى حرمانهم من قبل «إسرائيل» والولايات المتحدة من ممارسة هذا الحق... في حين أن مستوطنين كثيرين يعيشون في الضفة الغربية ينادون بسيادة دولتهم هناك في تحد لميثاق جنيف الرابع» ( بشأن حماية الأشخاص المدنيين في زمن الحرب ).

* بروفيسور الدراسات الإعلامية في جامعة غويلف - همبر في كندا - موقع «فير» (https://fair.org )
google-playkhamsatmostaqltradent