لم تكن امريكا يوما مؤيدة لحقوق شعبنا او لحرية اي شعب مظلوم على وجه الارض .
امريكا نفسها قامت على اشلاء امة اخرى وجدت في تلك القارة منذ الالاف السنين .
هناك دراسات تؤكد اقامة الهنود الحمر في تلك البقعة من الارض حوالي 1500 قبل
الميلاد اي قبل 3000 عام من تجاوز كولومبس للمحيط الاطلنطي و استعمار الاراضي
التي كان يقطنها حوالي 90 مليون من الهنود الحمر ، قبل ان يتناقص عددهم في
اقل من قرن ليصبحوا بضعة ملايين ! لقد قام الاوروبيون بعملية تطهير عرقي لم
يشهد لها التاريخ مثيلا حيث ابيدت قبائل هندية باكملها في مرحلة احلال شعب
مكان شعب آخر . لهذا فعندما جاءت قوافل المهاجرين اليهود من كل بقاع الاراض
لينتزعوا اراض شعب آخر و يحلوا مكانه و يقيموا كيانا عنصريا في فلسطين كانت
امريكا اول دولة تعترف بتلك الدولة اللقيطة و تقدم لها كل انواع المساعدات العسكرية
و الاقتصادية و السياسية . قامت الحكومات الامريكية المتعاقبة بتغطية كل الجرائم
الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني و منعت المؤسسات الدولية و خصوصا مجلس
الامن من اتخاذ اية قرارات ضد الكيان الصهيوني من خلال استخدام " حق" النقض
الفيتو ، الذي استخدمته حوالي 80 مرة ، 90% منهم لمصلحة كيان الاحتلال
و ضد القضايا العربية . فنحن امام دولة تقف دائما الى جانب كيان الاحتلال مهما
كانت فضاعة الامر و دمويته ، و في أحسن الاحوال تمتنع عن التصويت اذا شعرت
بان الاكثرية الساحقة من الدول تقف مع قرار لا يؤثر امنيا او عمليا على كيان
الاحتلال . او ان مشروع القرار اذا تم نقضه سوف يُنقل للجمعية العمومية ، حيث
لا فيتو و لا سيطرة امريكية او بريطانية او روسية ، فهناك تصوت كل الدول صغيرها
و كبيرها على قرار معنوي و سياسي غير ملزم . و على الرغم من ذلك فإن الدول
العربية مجتمعة تطمع في كسب ود هذه الدولة التي لا تكيل اي اهتمام للعرب و
المسلمين ! الا بقدر قربهم منها و طاعتهم لها و خدمتهم لدولة الاحتلال الصهيوني .
و نحن في هذا لا نختلف عن غيرنا في هذه الطاعة المذلة ، بالرغم مما عانيناه
من المواقف الصريحة المعادية لحقوقنا و المتضامنة مع عدونا . ان اي اعتماد
على تغيير في المواقف الامريكية الرسمية تجاه قضية شعبنا هو ضرب من الوهم
و ضعف في دراسة الواقع و تقدير سيئ لحقيقة المعسكر المعادي لقضيتنا الوطنية .
لان اللوبي الصهيوني يمسك كاخطبوط في اللعبة السياسية الامريكية بالاضافة للسيطرة
الاقتصادية و الاعلامية . هذا اللوبي هو المتحكم الحقيقي بالانتخابات ، و هو المخطط
لمن يتولى الحكم ، و هو الذي يجعل الرئيس قويا او ضعيفا ، و هو الذي يغطي نفقات
الحملات الاعلامية و الدعائية للحزبين الرئيسيين ، فلا رئيس دون رضاهم و دون
تقديم الطاعة العمياء لهم . فأي اختراق يأمله الواهمون " اذا كان عندهم أمل اصلا !"
نحن نعلم ارتباط معظم الانظمة العربية بالسياسة الامريكية ، و تخاذلها و وقوفها
ضد مصالح الامة و بما يخدم اطالة عمر الاحتلال الصهيوني لفلسطين . هذا امر غير
مستغرب من انظمة لا يمكنها الاستمرار و الصمود دون رضى المعسكر
الصهيو-امريكي ! اما نحن فاننا اصحاب قضية عادلة لن ينصرها الا وحدة الصف
و استمرار المقاومة ، و ثباتنا على مواقفنا الوطنية التي لا تقبل المساومة اطلاقا .
فمن يعتمد على امريكا سيخيب فأله ، و من يعتمد على الدول الكبرى كمن يعتمد
على سراب ، و لن يهزم شعب متمسك بحقوقه مهما تكالبت عليه الدول القريبة
و البعيدة ، لن يهزم شعب تتساوى عنده حبات تراب ارضه المقدسة بدمائه الطاهرة .