recent
أخبار الساخنة

تصريح بلفور صناعة قوى استعنارية (4)

الصفحة الرئيسية

ظاهر صالح
من وراء الستار


بعد انقلاب الموقف في بريطانيا وتقلقل وضع إسكويث ونظامه على خلفية فضائح مثيرة كانت مدبّرة لتدمير البنيان الحكومي الاجتماعي وتعبيد الطريق لاستلام الكتلة الصهيونية المؤلفة من ائتلاف وزاري كان أقطابه الثلاثة: للويد جورج، ونستون تشرشل، وبلفور.


طرأ عامل جديد أيضًا، هو مجموعة من الاتصالات قد جرت من وراء الستار، والتي كان أبرزها اتصال روتشيلد بوزير الخارجية البريطاني بلفور، واتصال بلفور واللورد ريدينغ من ناحية ثانية بمؤسسة كوهين – لوب في نيويورك، ممثلة أصحاب المال العالميبن في أمريكا، وقد تم هذا الاتصال الأخير بصورة رسمية حين أرسلت الحكومة البريطانية وزير خارجيتها بلفور يوم 5 أبريل (نيسان) 1917 بمهمة رسمية للاتصال بمجموعة كوهين – لوب وممثلي مؤسسات الاحتكار الكبيرة المرتبطة معها، وإبلاغهم رسميا بأن الحكومة البريطانية ستتبنى مشاريعهم المتعاقبة بالصهيونية السياسية مقابل تعهدهم بتأييد دخول أمريكا الحرب إلى جانب بريطانيا، وهذا ما تم تنفيذه بالفعل من قبل الطرفين.


ففي يوم 7 يونيو (حزيران) 1917 وصلت القوات الأمريكية الأولى إلى أوروبا. أما بريطانيا، فتبنّت القضية الصهيونية.


بالعودة إلى الاتصال الأول الذي تم بين روتشيلد وبلفور، ففي يوم 18 يوليو (تموز) 1917 كتب اللورد روتشيلد عميد الفرع الإنجليزي لأسرة روتشيلد الرسالة التالية إلى بلفور:


ها أنذا أرسل إليك أخيرًا نص البيان الذي طلبته مني، فإذا تلقيت رسالة مكتوبة من قبل حكومة صاحب الجلالة تعلمني فيها الحكومة وأنتم شخصيًا بتحبيذكم لهذا البيان، فإنني سأقوم بإبلاغ ذلك للاتحاد الصهيوني في اجتماع خاص سوف يُدعى إليه لهذا الغرض خصيصًا.


أما النص المذكور الذي يطلب اللورد روتشيلد من الحكومة البريطانية الموافقة عليه، فهو نص أصبح فيما بعد “تصريح بلفور” ويتضمن الفقرات التالية:


تقبل حكومة صاحب الجلالة بمبدأ وجوب إعادة تأسيس فلسطين كوطن قومي للشعب اليهودي.


سوف تبذل حكومة صاحب الجلالة كل طاقاتها لتأمين الوصول إلى هذا الهدف وسوف تناقش فيما بعد بالطرق والوسائل التي يتطلبها تحقيق هذا الهدف مع المنظمة الصهيونية.


وهكذا خضعت حكومة للويد جورج ممثلة ببلفور دون قيد أو شرط للشروط التي وضعها روتشيلد وزملاؤه زعماء المنظمة الصهيونية.


ومما يثبت ارتباط هذه الحكومة بهؤلاء قبولها لطلباتهم الأخرى، ولا سيما طلب تعيين اللورد ريدينغ رئيسًا للبعثة الاقتصادية البريطانية في الولايات المتحدة، في حين أن اللورد ريدينغ هذا ليسى سوى ذلك اليهودي المشبوه الذي كان اسمه (السير روفوس إسحق) والذي اقترن اسمه آنئذ، قبل أن يلقب لورد، بفضيحة ماركوني الشهيرة، وقد تبنى إقناع الحكومة البريطانية بتعيينه لهذا المنصب الحساس روتشيلد ذاته وزملاؤه الزعماء الصهيونيون، هربرت صاموئيل، الذي أصبح فيما بعد أول مندوب سام لبريطانيا في فلسطين، وألفرد مور، الذي مٌنح أيضًا لقب لورد فيما بعد.


وفد أجرى ريدينغ محادثات مالية هامة سرية مع الحكومة الأمريكية لم يتمكن أحد من كشف سرها، ولكن كان من نتائجها إعادة تنظيم بنك إنجلترا على أسس جديدة بعد عام 1919 ونشوء بعض الارتباطات المالية الكبرى.


الصهيونية وليدة مخطط طويل الأمد


نص فقرات من رسالة اليهودي يعقوب شيف ممثل مؤسية كوهين – لوب في نيويورك إلى أحد الزعماء الصهيونيين المدعو فريدمان في شهر سبتمبر (أيلول) 1917، قائلًا فيها:


إنني أعتقد الآن جازمًا أنه أصبح أمرًا ممكن التحقيق تأمين مساندة بريطانيا وأمريكا وفرنسا لنا في كل الظروف للبدء بهجرة مستمرة واسعة النطاق لشعبنا إلى فلسطين، ليستقر فيها وسيكون من الممكن فيما بعد الحصول على ضمانة من الدول الكبرى لاستقلال شعبنا، وذلك حينما يبلغ عددنا في فلسطين مقدارًا كافيًا لتبرير مثل هذا الطلب.


بلا أدنى شك إن هذه الحقائق كافية لكشف المستور عن ماهية القوى التي تصنع المؤامرات من وراء الستار، وللبرهان على أن الصهيونية ليست ظاهرة عفوية عارضة، بل هي وليدة مخطط طويل الأمد، الذي يهدف الى السيطرة على العالم بأسره بكل مافيه من ثروات وموارد طبيعية وطاقات إنسانية، وكذلك السيطرة على الصناعات الحربية والصناعة الكيميائية في إنجلترا، والتي كانت بإشراف فريدريك ناتان اليهودي والمالكين لتلك المعامل برونر وموند، وهما يهوديان أيضًا، والجدير بالذكر أن موند أصبح السير ألفريد موند، ثم المشرف على الإنتاج الكيماوي الإنجليزي، ومندوب الحكومة للإشراف على العمل في إنجلترا، هو بعينه فيما بعد رئيس الوكالة اليهودية في فلسطين.
google-playkhamsatmostaqltradent