لعب المسحراتي عبر السنين دوراً أساسياً في مساعدة الصائم على النهوض في أوقات السحور، خلال شهر رمضان المبارك، وقد توارث البعض هذه "المهنة" من جيل إلى جيل حتى أصبحت جزءاً من العادات والتقاليد الإسلامية المحببة ، رغم تغير الزمان وتطور التكنولوجيا الحديثة في إيقاظ الصائمين، فالمسحراتي يضفي على الليالي نكهة مميزة.
"مسحراتي المخيم"، هكذا يطلقون في مخيم البص على رجل في الاربعون من عمره يدعى اسماعيل نايف الجدع ، كان الأهالي يعتبرونه رفيق لياليهم الرمضانية منذ أكثر من 25 عاماً .
المهنة التي ورثها عن والده والذي عمل بها منذ خروجه من فلسطين عام 1949 وعمل بها حتى توفاه الله من عشر سنوات.
ورغم كل المبادرات الشبابية لأخذ دور المسحراتي ، وللحفاظ على التراث الإسلامي في المخيم، إلا أنه يبقى للجدع حضوره الخاص في سحور رمضان، فكيف لا وقد وعت ذاكرة الناس على صوته الدافيء وهو ينشر النفحات النورانية في قلوب الصغار والكبار على حد سواء.
يتنقل في زواريب المخيم، وطبلة صغيرة يطرق عليها بعصاه ، يردد بعض الأدعية للأسرى وفلسطين بصوت عذب يبعث على الأمل والإيمان في نفوس الصائمين.
التقى "موقع البص" اسماعيل الجدع وقت السحور، وهو يقوم بجولته المعتادة، فقال:"أشعر بالسعادة والفخر بأنني أعمل على إيقاظ صائم كي يتسحر طيلة هذه السنوات الماضية، ولا زلت مستمراً على فعل ذلك ، وأسأل الله أن يوفقني في القيام بواجبي " وافرح جداً عندما ينتظرني الاطفال على الشبابيك او شرفات المنازل او حتى امام المنزل كي يسمعوا صوتي او انطق اسمهم بصوتي.
وأضاف:"هذه المهنة ليست حكرا على أحد ، ولكنها بحاجة إلى صبر وإلتزام في اتمام الأمانة في إيقاظ الناس على السحور كل أيام رمضان، وعدم التخلف عن ذلك ولو ليوم واحد".
يعتبر الجدع عمل المسحراتي في هذه الظروف لها نكهة خاصة، فهو يكرس تراثاً عريقاً أضيف إليه مواعظ وحكماً تحمل الكثير من الدلالات والعبر، إنه ينشط الذاكرة على صفحات مهمة من تاريخنا، ويطلع الجيل الجديد على تراث الأجداد ويدعوهم للتمسك به لأنه مرتبط بالهوية والقضية .
ويؤكد الجدع بأن السعادة لديه هي عندما يوقظ صائماً على السحور طيلة الشهر الفضيل ، فهي تمنح الحسنات ، وقد أوصانا نبينا الكريم بالسحور عندما قال: "تسحروا فإن في السحور بركة ".