recent
أخبار الساخنة

قراءة موضوعية لبعض النقاط في وثيقة حماس

الصفحة الرئيسية

تضاربت الاراء بين معارض و مؤيد و مهاجم و مدافع من وثيقة

حماس او ما سميت بوثيقة المبادئ و السياسات العامة . بعض الاراء

اعربت عن تخوفات مشروعة من خلفية الحرص على المقاومة و على 

ضرورة استمرار المواقف المتشددة من عملية التسوية برمتها. هذه

التخوفات ربطت الوثيقة بما سبقتها من مواقف في برامج فصائل الثورة

الفلسطينيه التي حولت برامجها مع الوقت من الرفض الكامل للتسوية

الى تطوير البرامج تدريجيا حتى وصل بعضها لاوسلو او اكثر من اوسلو !

و برزت آراء عنيفة تتهم الوثيقة بالتنازل عن الثوابت ! كان من الواضح

بان تلك الاراء لم تقرأ الوثيقة بتمعن ، او انها اجتزأت بانتقائية واضحة

بعض النقاط و سلطت عليها الاضواء . هذه الاراء عادة ما تكون نابعة عن

مواقف مسبقة و معارضة لامتناهية ، دون النظر للايجابيات او السلبيات .

كل مراقب يقرأ الوثيقة من منظاره ، فإذا تعارضت مع مواقفه الخاصة 

او الحزبية عارضها و اذا وافقت اهوائه و اتجاهاته الفكرية و الحزبية وافق

عليها ! هذه قراءات غير موضوعية لا تقوم على دراسة حيادية تضع

مصالح الشعب الفلسطيني و قضيته العادلة و مقاومته الباسلة فوق المصالح

الفئوية و الشخصية . لقد صيغت وثيقة حماس بعناية فائقة و بدقة عالية

و هو ما يدل بانهم درسوها دراسة متأنية مستفيضة بحيث لا يمكن لاي مراقب

حيادي ان يرى فيها مثالب او احجيات ، فهي واضحة بلغتها و مفاهيمها ،

و تجيب عن الاسئلة التي يمكن للقارئ ان يسألها . فهي وثيقة تتمتع بمرونة 

عالية ،و بنفس الوقت ليس فيها تفريط او تعنت او تشدد . فمع لغتها الجديدة 

التي تتعامل مع المتغيرات و الضرورات السياسية الموضوعية ، و مع

خطابها الذي تفهمه الجهات المحلية و الاقليمية و الدولية فإنها لم تتزحزح

عن الثوابت و تمسكت بكامل الوطن و بحق العودة و بخيار الكفاح المسلح .

ركز المحللون على ثلاثة نقاط اساسية وردت في الوثيقة و هي : مرجعية 

الحركة من الناحية الفكرية - الحزبية ، و مسألة الدولة على حدود الرابع من 

حزيران و موضوع السلطة الفلسطينية و منظمة التحرير . و لقد اجابت الوثيقة 

عن تلك الاسئلة بوضوح كامل بلا لبس او مواربة ، فأكدت بأن مرجعيتها الاسلام

في المنطلقات و الاهداف و الوسائل . هي بذلك لم تنسلخ عن ماضيها 

و منهجها و علاقاتها المحلية و الاقليمية حتى و ان لم تتطرق للاشياء 

بمسمياتها . لكنها اكدت على خصوصيتها كحركة تحرر وطني و جزء لا 

يتجزأ من العمل الوطني المقاوم الهادف للتحرير و مواجهة المشروع 

الصهيوني . و فيما يتعلق بمسألة الدولة كاملة السيادة على حدود الرابع

من حزيران 67 بعاصمتها القدس الشريف ، فهي ارادت ان تكون جزءا

من التوافق الوطني الذي اكدت عليه المجالس الوطنية المتعاقبة منذ

اقرار برنامج النقاط العشر في الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني

المنعقد في القاهرة بين 1الى 8 حزيران عام 1974 . لكن البند الثاني

من الوثيقة اكد بان فلسطين بحدودها من نهر الاردن الى البحر المتوسط

و من رأس الناقورة الى ام الرشراش وحدة اقليمية لا تتجزأ و هي ارض

الشعب الفلسطيني ووطنه . و في البند الثامن عشر اكدت الوثيقة بأن:

وعد بلفور و صك الانتداب البريطاني و قرار التقسيم و كل ما ترتب عليهم

من قرارات و اجراءات كلها منعدمة و ان قيام " اسرائيل" باطل من اساسه.

اما البند الذي يليه يؤكد بان : لا اعتراف بشرعية الكيان الصهيوني و كل

ما طرأ بعد الاحتلال تزوير للحقائق و باطل . و اعاد البند 20 على التأكيد

بان : لا تنازل عن اي جزء من ارض فلسطين مهما كانت الظروف 

و الضغوط و لا بديل عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا . و فيما يخص

السلطة الفلسطينية و منظمة التحرير فلقد اكدت الوثيقة على ضرورة

اقامة العلاقات الفلسطينية على قاعدة التعددية و الخيار الديمقراطي

و الشراكة الوطنية بما يعزز وحدة الصف و العمل المشترك .و ان المنظمة

اطار وطني يجب المحافظة عليه مع ضرورة تطويرها و اعادة بنائها على

اسس ديمقراطية سليمة و عبر انتخابات حرة و نزيهة و برنامج متمسك

بالحقوق و المقاومة يلبي طموحات الشعب الفلسطيني . 

بلا شك ان النقطة التي اثارت جدلا واسعا هي مسألة الدولة على حدود

67 ، و ربما كان من الاجدى القول اننا نقبل باقامة دولتنا المستقلة كاملة

السيادة على اية ارض يتم تحريرها ، حتى لا تفسر "حدود 67 " بان المقاومة

قبلت بالقرار 242 او 338 ، و انها مستعدة للتفاوض مع الاحتلال على دولة

بحدود الرابع من حزيران 67. لقد وجدت في هذه الوثيقة اعادة لاحياء

الميثاق الوطني المقر في تموز 1968 لما حملته البنود من تشابه في المبادئ .

فالمادة الاولى من الميثاق تؤكد بان : فلسطين وطن الشعب الفلسطيني و هي جزء

لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير و الشعب الفلسطيني جزء من الامة العربية .

لقد توافقت هذه المادة مع البند الثالث في الوثيقة . و في المادة الثانية من 

الميثاق : فلسطين بحدودها التي كانت قائمة في عهد الانتداب وحدة اقليمية

لا تتجزأ ، و في المادة الخامسة : الفلسطينيون هم المواطنون العرب الذين

كانوا يقيمون في فلسطين حتى عام 1947 سواء من اخرج او من ولد من اب

فلسطيني . و لقد نسخت هذه المادة في الفقرة الرابعة من الوثيقة . اما المادة

التاسعة من الميثاق فاكدت على ان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير

فلسطين ، و هو ما اكدته الوثيقة في البند 25 . و المادة 15 من الميثاق تبين ان :

تحرير فلسطين واجب قومي عربي ، و هذا ما تم ادراجه في المادة 24 من

الوثيقة . و في المادة 19 من الميثاق بان : التقسيم عام 1947 و قيام

" اسرائيل" باطل من اساسه ، و المادة 20 : تعتبر تصريح بلفور و صك

الانتداب و ما ترتب عليهما باطل ، و هو ما اكدت عليه المادة 18 و 19

في وثيقة المبادئ و السياسات العامة . و في المادة 25 من الميثاق بان: 

منظمة التحرير ممثلة لقوى الثورة و عن نضال الشعب الفلسطيني لاسترداد

وطنه ، وهذا ما وافقته الوثيقة في بندها 29. و لقد وافقت بنود الوثيقة

مواد الميثاق في معظم المسائل التنظيمية و السياسية و الكفاحية ، و هو

ما نعتبره ايجابيا بعدما كاد الميثاق ان يصبح من الماضي بعد تعديله في نيسان

1996 في دورة المجلس الوطني الحادية و العشرين المنعقد في غزة .



ماهر الصديق 







google-playkhamsatmostaqltradent