لا يختلف اثنان على الفوائد الطبية والنفسية للممارسة الرياضة.
فقد أجمعت الأبحاث الطبية والتجارب العلمية، على تعداد منافع النشاط البدني، الذي يساعد الجسم على حرق الدهون وتقوية العضلات وإذابة الشحوم، وهو مدخل للرشاقة والجمال، على أن تُمارس الرياضة دورياً وبشكل منتظم، وخصوصاً الركض والمشي، اذ ينصح المختصون بأن تكون بمعدل ساعة يومياً على الأقل.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تتوافر الأمكنة التي تسمح بممارسة رياضة الركض والمشي في المدن؟
لرياضة "المشي في الغابات" فوائد طبية ونفسية كثيرة، فالشجرة تفرز الأوكسيجين في الهواء وتمتصّ منه ثاني أوكسيد الكربون الغاز المضر ّبالصحّة، والشجرة صديقة الإنسان، توفّر أيضاً الوقاية من أشعة الشمس في الأيام الحارة، كما أن حفيف أغصانها يصدر أصواتاً موسيقية تريح التفكير وتُهدّىء الأعصاب.
شجرة الصنوبر مثلاً، وقبل شروق الشمس بقليل، تفرز غازات تساعد الرئتين على التنفّس، وقديماً كان المصابون بالربو يُعالجون بالمكوث لأوقات طويلة تحت اشجار الصنوبر كونها تفرز هذه الغازات المفيدة.
الى ذلك، يساعد المشي في الطبيعة في تهدئة الأعصاب والذهن، ويخفّف من التوتّر والتشنّج اليومي الذي يصيب معظمنا خلال العمل، كما يريح النظر بالتمتّع بجمال الغابات وما يعيش فيها من حيوانات وطيور على إختلافها.
قليلة هي الأماكن في العاصمة والمدن الكبرى التي توفر للمواطنين المساحات الآمنة لممارسة هواياتهم الرياضية، ويضاف الى ندرتها عدم توافر الشروط الصحية فيها، فضجيج السيارات وتلوّث الهواء وروائح النفايات أكثر الأحيان، تجعل من المستحيل ممارسة رياضة المشي في المدن.
الا أن هذه الرياضة تبقى متاحة في القرى والبلدات الريفية حيث لا تلوّث ولا ضجيج، وحيث المساحات الخضراء تغطي معظم قرى وبلدات لبنان.
هذه الدراسات الطبية والتجارب العلمية المذكورة، دفعت بالحكومة اليابانية إلى إطلاق برنامج الصحة الوطنية منذ العام 1982 بعد دراسة التأثيرات البيولوجية والنفسية للاشجار على الأشخاص، وذلك عبر تشجيع المواطنين للبقاء فترات طويلة بقرب الأشجار، إذ أن التعامل معها يخفّض من ضغط الدم ويزيل التوتّر، ويقوّي عضلات القلب ويساعد على الراحة النفسية.
فهل من الممكن أن يأتي اليوم الذي تبادر فيه المؤسسات المسؤولة عن الرياضة والصحة العامة في لبنان، إلى توفير المساحات اللازمة للمواطنين لممارسة هواية المشي في الغابات والتي تُعتبر من أهم أنواع الرياضة المفيدة؟
يشار الى ان الصور المرفقة، مأخوذة بعدسة المصوّر عنان نادر من غابات عكار شمال لبنان
منقول