recent
أخبار الساخنة

أم بكر لـ"القدس للأنباء" : نار الفرن أهون من نار الحاجة


وكالة القدس للأنباء - خاص


أقدمت على مهنة لم تخطر على بال إمرأة من قبل، اقتحمت ميدان الرجال لتساعد أسرتها المكونة من خمسة أفراد على متابعة دراستهم، وإعالتهم، وتكون سنداً لزوجها في مواجهة أعباء الحياة.

هنادي صلاح حمود (أم بكر)، من بلدة دير القاسي قضاء عكا، من سكان مخيم شاتيلا، وبعد أن جرَبت مجالات عمل عدة، قررت أخيراً فتح فرن ما أثار دهشة الكثيرين، رغم وجود نساء يخبزن على الصاج وأخريات يعملن المناقيش ، واجهت النار ولم تأبه للانتقادات، ولا للعيون التي حاولت أن تبدي استغرابها، كان شبح العائلة المتطلبة والتي تنتظر العون عنوانها الأساس وشغلها الشاغل، كان حلمها أن ترى أولادها وقد تخطوا مراحلهم التعليمية العليا دون أن يشعروا بالفاقه.

كانت مساحيق وجهها حبات عرق تتصبب من جبينها جراء النار الملتهبة، لم تعط ما ستفعله النار بملامحها وعيونها أدنى اهتمام، فهدفها الأسمى رسم على شفتيها ابتسامة دائمة .. كانت تعرف ما تريد، وتسعى إلى تحقيق ما تريد.

حاورتها "وكالة القدس للأنباء" داخل فرنها، العجين بين يديها، والزبائن تحيط بها، والنار تزغرد طلباً للعجين.. صورة مثيرة للمتابعة، فهذه المرأة "الحديدية" تخطت كل الحواجز والعوائق.

هكذا تطورت مسيرة عملي

تحدثت بداية عن الأسباب التي دفعتها إلى القيام بعمل عرف على أنه مهنة للرجال، لأنها تحتاج إلى قوة وصبر ومعرفة، فقالت :"أريد أن أكمل طموحي بأولادي، في ظل الظروف المعيشية الصعبة، كيف لي أن أدفع المال لثلاثة أولاد أحدهم في الجامعة قسم هندسة الإتصالات، والآخر في إدارة الأعمال، وعندي بنت تدرس شريعة وبدي أبعتها عالسويد لحتى تدرس طب هناك، وعندي واحد بكلوريا أولى والصغير صف تاسع... أريد أن أحقق طموحي بهم."

وأضافت:"أحب مجال العمل، كنت أشتغل بدكانة بمدرسة خاصة عالمنشية ولكن عندما غلوا الإيجار عليَ، قررت أشتغل بداية بفتح مطبخ يومي، ولكن فضلت مجال العجن، وحلوة أن تساعد المرأة زوجها في هذه الأيام، لأن الحياة صعبة، والمعيشة صعبة، وإيد لوحدها ما بتصفق بهالزمن ."

وأكدت أم بكر، أن "العمل فيه تعب شوي، و لكن حلو حتى ما بحتاج، واجهتني في البداية أشياء صعبة، و لكن لم أيأس أكملت وسألت من يعمل بالأفران وساعدوني حتى إكتسبت خبرة في كل شيء في تحضير العجين ورقه وخبزه ."

وأشارت إلى أنها تتذكر دوماً أصعب لحظة واجهتها في هذا الفرن، هي عندما ترك زوجها الفرن ليعمل في مهنة أخرى، شعرت بالمسؤولية الكاملة كونها إمرأة، سوف يكون كل شيء في الفرن على كاهلها لوحدها من الألف إلى الياء، فهي ستخبز وتعجن وتتعامل مع أناس بعضهم يعارض أو يرفض فكرة عمل المرأة لوحدها في فرن، ولكن حلمها في تحقيق النجاح في تعليم أولادها كان يراودها في كل لحظة تقترب من نار الفرن.

"فرن الأصدقاء " تيمناً بمكتبة والدي

وقالت:"هذه المصلحة هي للرجال وأنا أعمل ذلك، ولكن ما عاد في بهالزمن إشي للمرأة أو للرجال، الكل يعمل ويتعاون حتى يربي أطفاله، ويعلمهم خاصة الفلسطيني بلبنان ليس له إلا علمه و شهادته."

وعن تسمية الفرن قالت:"أسميته فرن الأصدقاء تيمناً بمكتبة والدي التي كانت في مخيم برج البراجنة ، وأنا أعتبر الكتاب هو الأساس في حياتي، وما لم أستطع أن أحققه من إكمال الدراسة أردت أن يحققه عني أولادي، ومهما شعرت بالتعب والإجهاد فنار الفرن لن تكويني، بل تكون حافزاً لي بأن أستمر".

إنها نموذج للمرأة الفلسطينية المكافحة، اعتبرت أن النزول إلى ميدان العمل مهما كانت صعوبته، هو أسهل وأقل كلفة من البطالة والعيش على رصيف اليأس.

هكذا تضرب المرأة الفلسطينية أمثلة جديدة في التضحية وبناء الأسرة، وفتح آفاق الحياة أمامها من أبسط مقومات العمل وأقساها، فنار الفرن تظل أهون من نار الحاجة.








google-playkhamsatmostaqltradent