recent
أخبار ساخنة

*الوحدة ضرورة حتمية لحماية مشروعنا الوطني من الضياع*







أبو شريف رباح 
22\12\2025

في ظل استمرار كيان الاحتلال الإسرائيلي في حربه العدوانية البشعة على شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من عامين وبخاصة حرب الإبادة الجماعية المستمرة بحق أهلنا في قطاع غزة، يقف شعبنا اليوم أمام واحدة من أخطر المراحل في تاريخه النضالي، فآلة القتل والتدمير لا تزال تحصد أرواح الأبرياء وتدمر البنية التحتية وتستهدف الإنسان الفلسطيني في وجوده على أرضه حيث تتواصل اعتداءات جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين على شعبنا في الضفة الغربية وتتسارع وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس في محاولة واضحة لفرض واقع جديد بدعم أمريكي غير محدود لكيان الاحتلال سياسيا وعسكريا وماليا، بظل صمت دولي مريب لا بل وتواطؤ واضح من قوى دولية تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، في حين يسود المشهد العربي قدر كبير من العجز واللامبالاة، ليترك شعبنا وحيدا في مواجهة واحدة من أشرس الحملات الاستعمارية في العصر الحديث.

أمام هذا الواقع الكارثي لا يمكننا كفلسطينيين الاستمرار في إدارة الظهر لحقيقة أن قضيتنا الوطنية تواجه خطرا حقيقيا ليس فقط بسبب عدوان الاحتلال بل أيضا نتيجة حالة الانقسام وغياب الوحدة الوطنية وتراجع الدعم العربي والإسلامي لقضيتنا، إن المرحلة الراهنة تفرض علينا كفصائل وأحزاب وقوى سياسية ومجتمعية فلسطينية وقفة مراجعة شاملة وصادقة نعيد فيها تقييم مسيرتنا الوطنية ونسأل أنفسنا بجرأة ومسؤولية أين أصبنا في خياراتنا؟ وأين أخطأنا بقراراتنا، وما الذي حققناه فعليًا لشعبنا الفلسطيني بعد عقود طويلة من التضحيات الجسام؟

لقد قدم الإنسان الفلسطيني منذ النكبة وما قبلها تضحيات لا تحصى، من الشهداء والجرحى والأسرى واللاجئين والنازحين، ومن صمود في وجه الاحتلال والاستيطان والحصار، واليوم ومع ما يشهده قطاع غزة من دمار شامل وإبادة جماعية وما تعانيه الضفة الغربية من اقتحامات واعتقالات وتضييق وما تتعرض له القدس من تهويد ممنهج، يصبح السؤال أكثر إلحاحا إلى أين  أصبح مشروعنا الوطني، وهل ما زلنا قادرين على حمايته من التفكك والضياع؟ إن حماية المشروع الوطني لا يمكن أن تتحقق في ظل الانقسام بل بالعودة الى البيت الفلسطيني الجامع على أسس وطنية وشراكة حقيقية والاحتكام إلى إرادة الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا.

لذلك آن الأوان لتوحيد جميع مكونات الشعب الفلسطيني على خطة سياسية ونضالية موحدة متفق عليها بين مختلف الأطياف الفلسطينية تكون مرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الإطار الشرعي والجامع لشعبنا الفلسطيني، بعد توسيع تمثيلها ومشاركة الجميع دون استثناء، لأن منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجعية الشرعية القادرة على حماية مشروع شعبنا التحرري لتحقيق الحرية والعودة والاستقلال وصون حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف.

أن المرحلة الحالية تتطلب صياغة استراتيجية وطنية تجمع بين أشكال النضال المختلفة السياسية والشعبية والدبلوماسية والقانونية وتستند إلى قراءة واقعية لموازين القوى دون التفريط بالثوابت الوطنية أو التنازل عن حقوق شعبنا استراتيجية تضع مصلحة الإنسان الفلسطيني في صدارة أولوياتها وتعمل على إعمار ما دمره الاحتلال ومعالجة الجراح العميقة التي خلفتها العدوان، من هنا فإن لملمة جراح شعبنا والتخفيف من معاناته في غزة والضفة والقدس وفي مخيمات اللجوء والشتات لا يمكن أن تتم إلا في ظل وحدة وطنية حقيقية تنهي الانقسام وتعيد الثقة للشعب الفلسطيني وتفتح أفقا جديدا لمستقبل أفضل. 

في الختام إن الوحدة الوطنية الفلسطينية لم تعد شعارا يرفع في المناسبات ولا مطلبا مؤجلا إلى أن تحين ظروف أفضل، بل أصبحت ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل فعلينا أن نرتقي جميعا إلى مستوى تضحيات شعبنا ونتحمل مسؤولياتنا التاريخية في حماية مشروعنا الوطني من الضياع ولا نترك قضيتنا فريسة لاحتلال غاشم لا يرحم، لقد حان الوقت للوحدة الوطنية الفلسطينية وحدة تقوم على الوعي والمسؤولية وتكون وفية لدماء الشهداء وصمود الأسرى وآمال الأجيال الفلسطينية القادمة.
google-playkhamsatmostaqltradent