recent
أخبار ساخنة

أين المنازل التي كانت تأوينا؟ أبو شريف رباح


18\12\2025

بالأمس شاهدت مقطع فيديو لامرأة غزية تحاول أن تقي أطفالها من المطر داخل خيمة مزقتها العواصف واغرقتها الأمطار، لم يكن ذلك مجرد مقطع فيديو عابر على شاشة هاتف، بل كان شهادة حية على وجع لا ينتهي، امرأة غزية تحاول بيديها المرتجفتين أن تحمي أطفالها من مطرٍ غزير داخل خيمة ممزقة خانتها كما خانها العالم أجمع، كانت الأمطار تغرق الخيمة والبرد ينهش الأجساد الصغيرة وصوتها المختنق بالبكاء يصرخ بسؤال، أين منازلنا التي كانت تأوينا؟

سؤال بسيط في صياغته لكنه عميق في ألمه، أين البيوت التي كانت تحمينا من برد الشتاء وحرارة الصيف، أين الجدران التي حفظت ضحكات الأطفال وذكرياتهم، وأين الأمان الذي كان ولو بالحد الأدنى، يمنحنا الشعور بالاستقرار؟ وتتابع المرأة بسؤال أكثر قسوة، متى سنعود؟ متى نعود إلى مناطقنا إلى شوارعنا إلى ركام بيوتنا لنتحرر من هذا العذاب والمعاناة اليومية؟ متى ينتهي هذا التشرد القاسي وهذه الرحلة الطويلة من الألام والمأسي، هل سنرى في آخرها ضوءا يخفف مصائبنا ويفرح قلوب أطفالنا.

حكايتنا في غزة لم تعد حكاية نزوح مؤقت بل معاناة مفتوحة، سنتان ونصف كان المو-ت فيهما رفيق الدرب لا يفارقنا، والجوع ينهش الأحشاء والبرد يسرق ما تبقى من الدفئ والمرض يفتك بالأجساد المنهكة والطرقات أصبحت مؤنسنا الأشجار مبيتنا والساحات مقابر مفتوحة لشيوخنا وأطفالنا، في غزة لم يعد السؤال كيف نعيش؟ بل كيف نبقى على قيد الحياة؟ كيف نحمي أطفالنا من مطر لا يرحم ومن برد لا يعرف الشفقة ومن عالم أغلق أبوابه وتركنا نواجه مصيرنا المحتوم وحدنا؟


ومع ذلك ورغم هذا السواد كله ما زلنا في غزة نتشبث بالأمل، أمل العودة ولو إلى الأنقاض أمل أن تنتهي هذه الحكاية القاسية وتبدأ حكاية أخرى عنوانها الكرامة والأمان والاستقرار، أمل أن يأتي يوم يطرح فيه السؤال نفسه لكن بإجابة مختلفة نعم عدنا إلى منازلنا… وعدنا إلى الحياة، وإلى أن يأتي ذلك اليوم سيبقى سؤال تلك المرأة الغزية معلقا في ضمير العالم، أين المنازل التي كانت تأوينا؟
google-playkhamsatmostaqltradent