recent
أخبار ساخنة

بعد قصف الدوحة هل تعيد الأمة العربية حساباتها مع إسرائيل







أبو شريف رباح 
10\9\2025

لم يعد العدوان الإسرائيلي محصورا في غزة أو لبنان أو سوريا بل تمدد في السنوات الأخيرة ليشمل اليمن وإيران وصولا إلى قصف العاصمة القطرية الدوحة أمس في خطوة تعكس ذروة العربدة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، هذا التطاول والعدوان لا يمكن قراءته كحدث عابر بل كرسالة استراتيجية موجهة إلى أطراف عدة وفي مقدمتها حركة حماس والعواصم العربية التي راهنت على خيار السلام والتطبيع.

الغطرسة الإسرائيلية بدأت بعد السابع من أكتوبر 2023، حين أطلق كيان الاحتلال العنان لآلة حربه التدميرية متجاوزا كل الخطوط الحمراء فدمر قطاع غزة واباد سكانه وشن حربا مفتوحة على لبنان وواصل ضرباته من سوريا الى اليمن وفتح مواجهة مباشرة مع إيران إلى جانب تنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة لقادة سياسيين وعسكريين في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وايران وبالامس في قطر، وبقصفه العاصمة القطرية الدوحة يسعى كيان الإحتلال لإظهار أن لا عاصمة عربية بمنأى من نيرانه وأنه قادر على الوصول إلى أي هدف متى شاء مستندًا إلى دعم عسكري وغطاء سياسي أمريكي يمنحه حصانة من أي محاسبة دولية. 

يحمل الهجوم على الدوحة رسالتين واضحتين:

1- إلى حماس وقيادتها في قطر، إن لم تقبلوا بشروط الاستسلام، فنحن قادرون على الوصول إليكم أينما كنتم في إشارة ضغط إضافية في سياق محاولات إسرائيل إنهاء الحرب بفرض شروطها على حماس لتسليم سلاحها وخروج قيادتها من القطاع.

2- إلى الأمة العربية، إسرائيل تذكّر الأنظمة بأنها صاحبة اليد العليا وأن العرب الذين تخلوا عن غزة ولبنان واليمن وسوريا لم يعودوا قادرين على حماية أنفسهم، وهذه الرسالة تؤكد على قناعة إسرائيلية بأن ما كان ممكنا في حرب أكتوبر 1973 من تضامن عربي لم يعد واردا اليوم بعدما تلاشت مظاهر الوحدة وتغلبت الحسابات الضيقة على الدول العربية وحكامها.

في ظل هذه التطورات يطرح سؤال جوهري نفسه، ماذا لو فعلت الدول العربية معاهدة الدفاع العربي المشترك واتخذت موقفا موحدا بطرد سفراء الاحتلال وواجهت إسرائيل بقرارات جماعية صلبة، الأرجح أن المشهد الإقليمي كان سيختلف، وأن إسرائيل لم تكن لتجرؤ على غزو غزة ولا على تدمير سوريا واليمن ولبنان فضلًا عن ضرب الدوحة، لكن غياب الإرادة السياسية والارتهان لمسار التطبيع الهش جعلا الكيان الغاصب يتصرف كغول متضخم يبتلع الأراضي والحقوق ويهدد كل دولة على حدة.

قصف الدوحة ليس مجرد تصعيد عسكري، إنه محطة فاصلة تكشف أن إسرائيل لم تعد ترى خطوطا حمراء وأنها تعتبر نفسها فوق القانون، كما يضع هذا العدوان العرب أمام اختبار حقيقي إما إعادة النظر في خياراتهم الاستراتيجية وبناء جبهة عربية وإسلامية قادرة على الردع أو البقاء في دائرة التفرج على شعب يباد وعواصم تقصف وجيوش تتفتت.

في النهاية، إسرائيل تراهن على انكسار شوكة العرب لكن التجارب التاريخية تؤكد أن الشعوب حين تضيق بها السبل قادرة على فرض معادلات جديدة وأن الغطرسة مهما امتدت لا يمكن أن تدوم إلى الأبد.
google-playkhamsatmostaqltradent